كبير الأدباء الألمان المعاصرين، جونتر جراس، البالغ من العمر 82 عاماً، والحاصل علي جائزة نوبل في الأدب عام 1999 غني عن التعريف بوصفه روائياً وشاعراً بالإضافة لكونه كاتباً مسرحياً. إلاّ أن قصيدته "ما يجب أن يُقال " (الصادرة في جريدة زود دويتشه تسيتونج 2012/4/4 التي حثً فيها بلاده علي وقف بيع السلاح لإسرائيل، اعتبرتها إسرائيل "عدائيّة" ، حتي أعلنت بعد الرفض السياسي حظر دخول الأديب الألماني أراضيها؛ وهوما جاء في بيان صدر عن وزير الداخلية الإسرائيلي إلي بشاي الذي جاء فيه : " قصيدة جونتر جراس محاولة لإذكاء الحقد ضد دولة إسرائيل والشعب الإسرائيلي". كما أوضحت صحيفة "الجارديان" البريطانية ترحيب إيران بهذه القصيدة في تليفازها الرسمي، قائلة : " [ قام جراس بإطلاق ] ضربة أدبيّة مُميتة لإسرائيل". دفعت هذه القصيدة أيضاً صحيفة ألمانيّة إلي وصف جراس بأنه " العدو الأبدي للصهيونيّة "، كما قالت الجمعيّة اليهوديّة في برلين :إن تلك القصيدة " محاولة لنزع الشرعيّة عن سياسة إسرائيل الأمنيّة". وقال ديدره برجر ؛ مدير هذه الجمعيّة : " يضر جراس بشكل مُروّع الصداقة بين ألمانيا وإسرائيل عندما وصف السياسات الأمنيّة اللاّزمة لإسرائيل بأنها جريمة ". وكذلك رفض المتحدّث باسم الحكومة الألمانية التعقيب علي قصيدة جراس في مؤتمر صحفي، لكنه قال : " إن الفنّانين في ألمانيا يتمتّعون بحريّة التعبير". علي الرغم مما سبق شهدت المسيرات السنويّة بمناسبة عيد الفصح في مختلف أنحاء ألمانيا تأييداً لقصيدة جراس التي اتّهم فيها إسرائيل بتهديد السلام العالمي، وحمل المشاركون في مسيرة مدينة بريمر هافن، في الشمال، لوحات مكتوبًا عليها : " جراس معه حق ! "، " شكرًا، يا جراس ! " كما أيده بحماس زيجمار جبريل، رئيس حزب "إس بي دي " . يبدو أن جراس قد أعلن سأم شعبه من ديون إرث الماضي التي لا يزالون يدفعونها يومياً لإسرائيل، حيث يقول إنه سئم نفاق الغرب لإسرائيل، ويري أن العالم ينحدر إلي حافة مواجهة طاحنة بين إيران بوصفها دولة لا يوجد دليل واحد علي أنها تمتلك سلاحاً نووياً، وإسرائيل بوصفها دولة يبالغ رئيسها ويهوّل في ضعف قدرات بلاده علي امتلاك السلاح النووي ! إنه يقارن في قصيدته بصورة غير مباشرة بين نوعين من الكذب وإن اختلفت الاتجاهات؛ حيث كذّب إسرائيل في أنها تنفي ما تملك ويعرف الجميع أنها تملكه، وكذّب إيران في أنها تثبت لنفسها ما لا تملك وتجعل الجميع يشكّون في أنها تملكه. لقد قال جراس في قصيدته "ما يجب أن يُقال " : طال صمتي، فلماذا المسير علي درب الصامتين ، الذين يكفّون عن بيان حقيقة يراها كل الناظرين ؟ بالمناورات هناك العديد من القائمين، ونحن علي الهامش ماكثين. يزعمون أن من حقهم أن يكونوا بالضربة الأولي بادئين، لضرب جذوة الإيرانيين؛ هؤلاء من المتفاخرين، وفي الساحات من المحتفلين، علي الرغم من الشك الشبيه باليقين، أن يكونوا للقنبلة النووية صانعين. لماذا نكون من الصامتين عن دولة نحن بأمرها من المحيطين؛ ها هم للقدرة الذريّة من المالكين وخارج السرب سائرين وليسوا للقانون خاضعين ؟ أن نكون عن مُرتكبي هذه الجريمة من الصامتين، نحن إذاً من الكاذبين، وإن صرنا للصدق متطلِّعين وبهذا السر بائحين، سنصبح للاحتقار مستقبلين وأيضاً أعداءً للساميين. حان الوقت أن نصبح من المُعترفين، حان الوقت أن نقول ما لم نكن له قائلين. أنا من بلد تصنع غوّاصة للإسرائيليين، فيما بعد شهد العدد الصادر في 11 ابريل 2012 من الجريدة نفسها رد جراس في أبيات تحت عنوان : "اليوم مثل الأمس - ردّي علي أحدث القرارات الصادرة " حيث أعلن متهكّماً أنه صار شخصاً غير مرغوب فيه ثلاث مرّات حتي الآن؛ الأولي كانت في ألمانياالشرقية، والثانية في بيرما [ كالكوتا ]، والأخيرة في إسرائيل. كما أصدر جراس ديواناً شعرياً حديثاً يضم 87 قصيدة تحت عنوان "يوماً من الطيران" يُكرّم فيه مردخاي فعنونو، كاشف أسرار المفاعلات النووية الإسرائيلية، الذي سُجن في إسرائيل لمدة 18سنة بتهمة التجسس، والذي تناوله جراس في قصيدة " من أبطال هذه الأيام" بوصفه بطلاً ومثلاً أعلي.