حالة اليأس والقلق والخوف التي تملأ حياة كثير من المصريين الآن يجب أن تتغير فورا، يجب أن نشعر جميعا بأن ثورة يناير منحتنا الأمل في مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا، وأن الحرية التي انتزعناها سوف تؤدي بنا إلي النهوض والانطلاق، يجب أن يلمس الناس أن الحاضر يتحسن، وأن المستقبل بإذن الله أجمل. وأعتقد أن أفضل ما يمكن أن نقدمه للشعب المصري الآن هو العمل والإنجاز والعطاء، دعونا نتوقف قليلا عن الكلام الذي لا نفع فيه، ولا نتجادل فيما لا طائل من ورائه، ولا نهتم سوي بما يدفعنا إلي الأمام ويعبر بنا إلي الغد، وتعالوا ننشغل بالإنتاج وبذل الجهد والعرق والصبر قليلا من أجل الوطن، تعالوا نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما نختلف فيه، تعالوا نتسامح ونتصالح ونتصافح، ويعين بعضنا بعضا علي العطاء، حتي نخرج من عنق الزجاجة ورحم الأزمة. لقد طرح السيد الرئيس محمد مرسي في حملته الانتخابية، تحقيق إنجاز ملموس في خمسة ملفات مهمة، خلال المائة يوم الأولي بعد استلام السلطة، تتعلق جميعها بمجال الخدمات العامة، وهي حل مشكلات النظافة، وتوفير الوقود وتحسين رغيف الخبز وحل أزمة المرور وتوفير الأمن، وهي بالفعل ملفات حساسة تلامس حياة المواطنين، وتؤثر في استقرار المجتمع بشكل كبير، وبالفعل تحقق بعض الإنجاز فيها بدرجات متفاوتة، ولكن تبقي أهمية استمرار قوة الدفع الذاتي في هذه الملفات. وتعالوا نتحدث بصراحة وواقعية أكثر، فبعد أسابيع قليلة سوف يكون لدينا بعون الله تعالي دستور جديد، وبالتالي يتم تنظيم انتخابات برلمانية جديدة، لاستكمال بناء مؤسساتنا الديمقراطية، والشعب هنا وحده هو صاحب الكلمة العليا والقول الفصل في الدفع بهذا التيار أو ذاك، وتنحية هذه القوي أو تلك عن موقع الصدارة، والمعادلة السياسية الطبيعية تقول بأن القوي المتواجدة بين الناس هي التي تحظي بالدعم والتأييد، أما القوي الغائبة أو الخائبة أو الفاشلة، فلن تحصل أبدا علي شيء.. ومازال أمامنا الوقت الكافي لكي يثبت كل فصيل سياسي قدرته علي التأثير العملي في الجماهير، والفوز بثقة الناس وأصواتهم ودعمهم، ولن يحدث ذلك بالطبع ما لم يلمس المجتمع المصري جهود هذه القوي في توضيح الحقائق، وتقديم أفكار جديدة وحلول عملية لأزمات الوطن، وإحداث نهضة سلوكية وأخلاقية وحضارية عامة، وفي اعتقادي أن الحزب أو التيار الذي ينجح في إقناع المجتمع بأنه يبذل جهودا ميدانية مخلصة لتحسين الأوضاع وتغيير الواقع سوف يرفع ذلك من أسهمه كثيرا. ولا جدال في أن العمل السياسي هو عمل ميداني في الأساس، ينطلق في الميدان العام بناء علي رؤية وخبرة وهدف، وحركة منظمة وعمل متواصل بين الجماهير، يهدف إلي التعرف علي مشاكل الناس وهمومها ومتاعبها، ويشاركها في الحلم والأمل والعمل والتحمل، ويسعي إلي إقناعها بالفكر والمنطق والحوار والممارسة الفعلية، ومشكلة البعض أنه يمارس السياسة عبر الميكروفونات، ولا يعرف طبيعة جمهوره أو مشاكله وهمومه، ثم يشكو بعد ذلك من سيطرة هذا التيار أو ذاك. ولا جدال أيضا في أن مساعدة الوطن الآن علي العبور بأمان من هذه المرحلة الانتقالية الصعبة، والمشاركة العملية والميدانية في حل المشكلات والأزمات التي يواجهها، وبخاصة تلك التي يتعرض لها بشكل يومي، سوف يصب إيجابيا في صالح أي تيار أو حزب سياسي يبادر بالوصول إلي الناس، ويؤسس لمستقبله السياسي والاجتماعي بينهم، وهذه فرصة لتحسين وتجميل شوارعنا ومؤسساتنا من خلال ملف النظافة، الذي يجب أن نشارك فيه كمجتمع، وليس مسئولية الدولة فقط.