شيماء گتبت: لا تقطفوا الزهور محمد تخيل نفسه عصفورا يطير علام أهدي حياته لأمه .. نيرة تتمني رضا ربها خيمت مظاهر الحداد علي معهد الاحزان »النور الازهري سابقا« اليوم اجازة حدادا علي ارواح 51 زهرة بريئة اغتالتها يد الاهمال والاستهتار واللامبالاة التلاميذ سيعودون قريبا بعد انتهاء فترة الحداد بدون زملائهم الشهداء ولكن ما كتبوه وما سطروه وما رسموه في لوحات علي حوائط الفصول ستظل باقية، تجولت »الاخبار« في فصول الشهداء لترصد اعمالهم. تنوعت كتاباتهم بين الاناشيد الدينية والاشعار التفاؤلية والنصائح الارشادية ، كانت كتاباتهم المعلقة علي الحوائط في لوحات انيقة وجميلة ، تنم عن ان مستقبلا مزهرا كان يحلم به هؤلاء الاطفال ، بمجرد الدخول الي المعهد تقابلك لوحة جميلة مكتوب عليها "مرحبا بالسادة الزائرين"، مكتوبة بشكل جمالي غير عادي ومدون اسفلها اهداء من التلاميذ ريم وأدهم وأروي حمادة انور ، ويشاء القدر ان الثلاثة استشهدوا ، ولم يتبق من ذكراهم سوي هذه اللوحة التي تقع اعين الزائرين عليها بمجرد الدخول من باب المعهد ، وعند الدخول الي الفصول تتألم كثيرا عندما تجد علي ابواب الفصول قائمة باسماء تلاميذ الفصل وجدول الحصص الخاص بهم ، وتتوجع اكثر عندما تري دائرة حمراء وضعت علي اسماء الاطفال المتوفين في الحادث ، وكانها علامة خروجهم من الفصل ومن الدنيا باكلمها ، اما الاساتذة والمدرسون فقد جاءوا الي المدرسة ، لكنهم متأثرون جدا بما حدث ، فمنهم من انهمر في البكاء وهو يقرأ الصحف ويتابع اخبار الحادث ، ومنهم من التزم الصمت تماما ولم ينطق بكلمة واحدة وغادر المعهد في صمت ، وعلي حوائط الفصول لوحات فنية مبدعة ابدعها الاطفال واكثر اللوحات اللافتة للنظر هي لوحات لطلاب استشهدوا ، حيث كتب محمد سعيد فتحي الذي كان يجلس في المقعد الثاني في الصف الاوسط بفصل 3- 2 نشيد بعنوان عصفورة الحقول ، تخيل فيه انه عصفورا صغيرا نشيطا يتنقل بين الحقول بحرية وينشر السعادة علي من حوله ، وقال في النشيد .. في يومها المجيد بصوتها الجميل ، تردد النشيد فيضحك الصباح ، بصوتها الطروب وتبدأ الكفاح ، وتجمع الحبوب ، وتعود في المساء لحفلة السمر بفرحة اللقاء ، يغرد الشجر فيروي طرفة فيضحك الصغار .. وانهي محمد اللوحة بكتابة اسمه وفصله بشكل جميل وانيق .
اما علام علي احمد الذي يدرس في الصف الثاني الابتدائي فقد رسم صورة مبدعة لام تسهر بجوار ابنها المريض الذي يرقد علي فراش المرض، مما ينم عن احساسه المرهف ، وعواطفه الجياشة ، وكتب تحت الصورة نشيدا عن الام بعنوان " انت حياتي " قال فيها : امي امي .. انت حياتي ، انت ضيائي في ظلماتي ، وهدي سيري في خطواتي ، امي امي ، انت دوائي انت شفائي ، منك رجائي منك هنائي .. وذيل علام اللوحة باسمه واسم من يهدي اليه اللوحة وهي امه. وكتبت شيماء محمد شعرا جميلا كأنها تتنبأ فيه بما سيحدث لها ولاقرانها من الاطفال ، حيث حذرت وقالت " لا تقطف الزهور ، كانها تقول للموت لا تأخذني وانا صغيرة فانا لم أر الدنيا ولم أر ما فيها من خير او شر ، وقالت في القصيدة : لا تقطف الزهور بوجهها الصبوح ، كي تضع العطور وعطرها يفوح ، تنام في المساء غذاؤها الامل ، تقوم في الصباح وتبدأ العمل ، نشيدها الحياة وعهدها الوفاء ، تفرز الرحيق وتطلق العطور ، لا تقطف الزهور لا تقطف الزهور . وانهت شيماء قصيدتها ، وكانها تقول للحكومة المتراخية لا تقطفوا ارواحنا فنحن زهور يانعة ، ونحن الذين سنصنع المستقبل ونجعل عطره يفوح عليكم وعلي ابنائكم واحفادكم .
اما اروي فقد وضعت لزملائها نظاما اقتصاديا رائعا ، فهي حثتهم من خلال شعر كتبته علي التوفير والادخار ، وكان شعرها عنوانه " دفتر التوفير " قالت فيه يادفتر التوفير يا مصدر السرور ، تحفظ لي نقودي بمكتب البريد ، فانت يا صديقي لليسر بعد الضيق ، وانت لي معين وصاحبي الامين ، يادفتر التوفير يا مصدر السرور، وانهت قصيدتها بحث الاطفال علي عدم الاسراف والاحتفاظ بالنقود لانها ستنفعهم فيما بعد .
وكتبت نيرة محمد حسين في الصف الاول الابتدائي في لوحتها المعلقة فوق " الصبورة " في مكان متميز في الفصل نشيد الله ربي حيث كتبت " الله ربي الله ربي ، احب ربي من كل قلبي ، الله ربي وفي علاه ، ادعوه ربي ارجو رضاه ، وختمت اللوحة باسمها ايضا ولكنها لن تراها مرة أخري، رغم انها استغرقت منها وقتا طويلا لما فيها من رسومات جميلة لاطفال صغار يرفعون ايديهم الي الله تضرعا اليه، وبسبب اصرارها علي عدم مساعدة اي احد لها.