حالة من التصعيد السياسي والعسكري شهدته الازمة السورية مؤخرا يؤكد علي ان ملف الازمة قد يأخذ منحي جديدا في الفترة القادمة ستتجه في مجملها لتصعيد عسكري من الداخل.. بعد ان فشلت كل الحلول التفاوضية التي طرحت مع النظام السوري في أن تصل إلي حل سياسي للأزمة المستمرة منذ 19 شهرا. فبالتزامن مع تصريح أطلقه ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني والذي اعلن فيه ان لندن ستفتح خطا للتواصل المباشر مع قيادات المعارضة السورية وهي الخطوة التي رأي البعض انها تفتح الطريق امام المزيد من الدعم القومي للمعارضة السورية المسلحة.. أطلق مقاتلو الجيش السوري الحر قذائف علي أحد قصور الرئيس بشار الاسد في دمشق.. صحيح ان القذائف أخطأت الهدف ووقعت في حي سكني قريب تسكنه أغلبية من الطائفة العلوية.. إلا ان العملية في حد ذاتها تشكل درجة أعلي من درجات تصعيد الهجمات التي يقوم بها الجيش السوري الحر المعارض، والذي يسعي للاطاحة بالنظام السوري.. وثاني هجوم من نوعه يحدث أثرا بالغا بعد تفجير يوليو الماضي والذي قتل فيه اربعة من كبار مساعدي بشار الاسد وأعقبه تقدم للمعارضة المسلحة في دمشق. في الوقت نفسه فان تصريحات كاميرون والتي جاءت اثناء زيارته لمخيم للاجئين السوريين في الاردن تؤكد ان الحلفاء الغربيين قد بدأوا في الضغط علي الرئيس الامريكي باراك اوباما بعد ساعات قليلة من اعادة انتخابه من اجل حثه علي اتخاذ اجراءات اكثر حسما تجاه الازمة السورية تساعد في الاطاحة بالنظام السوري وذلك من خلال تسليح المعارضة السورية بأسلحة أكثر تقدما. ويري المراقبون ان واشنطن كانت تخشي من التورط في تسليح المعارضة السورية لعدة اسباب منها خشية تكرار السيناريو الافغاني وافتقار الوضع في سوريا لغطاء دولي وأمني بالاضافة إلي غياب معارضة سورية موحدة وخوفا أيضا من أن تصل الاسلحة إلي جماعات تشكل حاليا جزءا من الثورة السورية ولكنها تحمل عداء للمصالح الامريكية في المنطقة ولاسرائيل بصفة خاصة.. ولهذه الاسباب لم تكن واشنطن تريد ان تكون اللاعب الرئيسي في الملف السوري.. ولكن الآن بعد انتهاء انتخابات الرئاسة الامريكية ووجود خيارات اخري تقلل من مخاوف واشنطن اصبح لديها خيارات تدخل عبر أشكال أقل.. مثل تدريب وتسليح جماعات المعارضة أو فرض حظر جوي علي المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة وليس معني ذلك ان واشنطن بعيدة عن الملف السوري.. بل هي تشارك فيه منذ فترة ولكن من خلال حلفائها في المنطقة. وطبقا لجريدة وول ستريت جورنال فقد تم دفع الاردن لان يكون لها دور في تقديم تسهيلات عسكرية للمعارضة السورية المسلحة ورغم ان الاردن تلقي مساعدة الجيش السوري الحر عسكريا سواء بنقل الاسلحة إليهم أو السماح لهم بالتحرك عبر الحدود الا ان المراقبين يؤكدون ان عدة شحنات من الاسلحة منها بنادق وقذائف مضادة للدبابات نقلت عبرالحدود الاردنية مع سوريا وعلي الاخص مدينة درعا مهد الانتفاضة السورية إلي كتائب المعارضة السورية وان قطر هي التي تسدد ثمن هذه الاسلحة.. وتؤكد الصحيفة ان الاردن علي اتصال بقادة عسكريين علمانيين في المعارضة السورية المسلحة التي تنشط في المدن السورية وإنه يأتي في اطار توجيه امريكي وغربي يهدف لتحجيم تيار اسلامي متصاعد داخل صفوف المعارضة السورية المسلحة وفي هذا الصدد يقدم مسئولون امريكيون وأردنيون خبرتهم في مكافحة الارهاب لكشف العناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة بين فصائل المعارضة.. ولا تقدم الاردن المال والسلاح إلا إلي الفصائل التي تحظي بتأييد واشنطن.. وتسير في نفس الاتجاه جهود توحيد المعارضة السورية والتي تتم حاليا في الدوحة تحت رعاية نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية ووزراء خارجية كل من قطر ومصر والامارات وتركيا وتحظي بدعم واشنطن والدول الاوروبية بهدف الوصول إلي تشكيل سياسي جديد يضم كل صفوف المعارضة السورية ويضم ممثلين من المجلس الوطني وما يعرف بالحراك السوري في الداخل في اشارة إلي مجموعات المدنيين التي تدير الانتفاضة والمجموعات المسلحة وعلماء دين ومكونات اخري من المجتمع السوري.. علي ان تنبثق من هذه الهيئة حكومة مؤقتة في المنفي ومجلس عسكري ومجلس قضائي. المشكلة ان المجلس الوطني السوري. والذي تم تأسيسه في اكتوبر من العام الماضي واعتبر ممثلا شرعيا للمعارضة السورية.. يتحفظ علي هذه المبادرة حيث يعتبرها خطوة في طريق تهميشه أو تصفيته.. رغم ان المبادرة الجديدة تدعمها واشنطن وعدد من الدول العربية وتري انها توحد المعارضة السورية وتضمن تمثيلا لجميع اطراف المعارضة.. خاصة وان المجلس الوطني يرفضه عدد كبير من اطياف الثورة السورية في الداخل لان معظم قياداته تعيش خارج سوريا من اكثر من 40 عاما.. ولهذا يتوقع المراقبون ان يتراجع المجلس عن اعتراضاته خاصة وان الدول الداعمة له ماليا قد تلوح بهذه الورقة إذا فشلت كل البدائل الأخري!