إيمان أنور لولا أن هارون الرشيد أهدي شارلمان .. ملك الفرنجة تلك الساعة لبقيت أوروبا تعيش في عصر الظلمات.. ولولا أن رسول الرشيد أثبت لشارلمان أن الذي يحرك عقارب الساعة هو العلم الذي كان يتمتع به العرب.. وليست الشياطين كما قال له مستشاروه.. لتأخر الغرب عن اختراع ماكينة الطباعة.. وربما عصر الآلة الصناعية وربما عصر النهضة والثورة والاستعمار والتكنولوجيا وشبكة الإنترنت!. طبعا لا أقصد أن ساعة هارون الرشيد هي سبب كل هذا التقدم الذي وصل إليه الغرب.. لكن لا شك أنه كان لإدراك الغرب لقيمة الوقت.. أثر في تنظيم حياتهم وتوسيع لآفاقهم وبالتالي لتقدمهم في مختلف المجالات.. ومع ذلك فإن العرب تخلّوا أول ما تخلوا عن "الوقت" مما أدي إلي أن يصبحوا خارج الزمن بل تحت عجلاته.. كما هو حاصل الآن.. يستوردون ما يلزمهم وما لا يلزمهم.. يأكلون من قمح غيرهم بينما بلادهم كانت خزان حبوب العالم.. يشترون ما يصنع من الحديد والمعادن فيما بلادهم مناجم لكل المعادن الثمينة والنادرة وباطنها ذهب أسود يملكونه ولا يتحكمون به.. بل يستوردون ما يراد لهم أن يستوردوه من طائرات ودبابات وسيارات إما ليقتتلوا بها فيما بينهم أو لتصدأ في مخازنها بعد أن تصدأ وتنتهي صلاحيتها .. الوقت من ذهب.. والوقت سيف ذو حدين إن لم تقطعه قطعك.. الوقت.. الوقت.. الوقت.. ضاع الوقت من أجندتنا .. وخرجنا من أجندة التاريخ..! لقد أصبح تضييع الوقت سمة تسربت إلي شخصيتنا .. بعد أن أسهمت أربعة قرون من الحكم العثماني وإخفاء الهوية تحت عمامة السلاطين وطرابيش الباشاوات في نقش عادات خطيرة قتلت قيمة الوقت فانتشرت مقاهي الكراسي القش وطاولات الزهر وورق اللعب " الكوتشينة ".. والثرثرات التافهة .. بينما كانت أوروبا وأمريكا تبنيان المصانع وتشغلان الآلة وتنتجان وتصنعان.. وتصدران للذين يجلسون علي جثة الوقت حتي أصبحوا ترابا منسيا! غياب ثقافة الوقت أدي إلي فقدان كل الثقافات الإقتصادية والسياسية والوطنية.. لقد أصبح وقتنا من خشب لا من ذهب.. لذلك وصلت الحرائق كل دولة وكل بيت!.