نبيل زكى في الوقت الذي نسمع فيه تصريحات ايجابية عن أهمية تطوير الخطاب الديني لدعم التغيير المجتمعي، وتأكيدات بأن الوحدة الوطنية هي صمام أمام الوطن، بل وصل الامر الي حد القول بأن مصر بحاجة الي مبادرة للمصالحة الوطنية لازالة حالة الاحتقان الراهنة.. في نفس هذا الوقت.. نجد ان المساجد والساحات المخصصة للصلاة في عيد الاضحي تحولت الي منابر لشن حملات ضارية وتكفيرية لاصحاب الرأي الآخر وخاصة معارضي مسودة مشروع الدستور علي ألسنة بعض الائمة والدعاة وقادة تيار الاسلام السياسي. والواضح انه صدرت تكليفات من قيادات هذا التيار لانصارهم باستغلال مناسبة صلاة العيد للدعاية لتأييد المسودة التي لا يعرف المصلون محتواها.. في الاغلب والاعم. هكذا يجري استخدام الاعياد الدينية ودور العبادة لاغراض حزبية مما ينذر بأن هذا هو ما سيجري علي نطاق اوسع في حالة اجراء الاستفتاء علي مشروع دستور أو في حالة الانتخابات البرلمانية القادمة. أما اذا كان الهدف هو الدعوة للتصويت ب »نعم« علي مشروع دستور.. يدور حوله خلاف حاد بين القوي السياسية، فان الامر يتخذ أبعادا أخري. ليس هذا فقط، فقد اكتسب الهجوم العنيف علي اصحاب الرأي الآخر.. طابع الارهاب الفكري، فقد سمعنا من يقول ان كل من »يعارض الشريعة« من القوي السياسية، سواء ممن يسمون انفسهم »علمانيين او يساريين او ماركسيين او اشتراكيين او غيرهم« ويريدون الاحتكام الي القوانين الوضعية فهو »كافر، كافر، كافر.. ومرتد«!! وقال احدهم ان »الله رزق مصر بحاكم صالح، وان علي الجميع ان يدعو له وان ينصاع له في تطبيق الشريعة والحكم بكتاب الله«. وثمة خطوة أبعد وأخطر هي الدعوة الي وجوب »الضرب بيد من حديد علي ايدي العابثين الذين يعطلون المسيرة ولهم اجندات خارجية وداخلية«!!. وهناك من اطلق قذائفه علي من وصفهم ب »الشيوعيين الملاحدة« واتهم ما اسماه ب »التيارات العلمانية« بالسعي الي تعطيل مؤسسات الدولة، وكانت البداية فيما يري صاحبنا هي »التشكيك في شرعية مجلس الشعب »!« ثم السعي الي تعطيل الجمعية التأسيسية للدستور »!« والنيل من مرسي!« وجاءت علي لسان احدهم الدعوة لاستخدام القوة ضد دعاة الدولة المدنية »!« وان من يقومون بالاضرابات والاحتجاجات هم »اعداء الشعب« ويريدون تطبيق حقوق الانسان! وسمعنا من يقول انه اذا لم يكن الدستور ينص علي تطبيق شرع الله علي النحو الذي يرونه فانه سيوضع »تحت الاقدام«! كل ذلك وسط توزيع منشورات تطالب بالتصويت بالموافقة علي مشروع الدستور وجمع توقيعات من المصلين لتأييده! فهل هذا هو الحوار المجتمعي؟!. ومع ذلك فالشريعة الاسلامية بخير، ولا خلاف علي المادة الثانية من الدستور، كما ان الشريعة مطبقة في مصر، ولا يوجد اي قانون يتعارض معها.. ولكن يبدو ان هناك من يستمتع بتعميق الشروخ والتناقضات والاستقطاب والاحتقان داخل المجتمع أو يريد إقامة دولة دينية!. كلمة السر: احترام الرأي الآخر