في ظل توتر سياسي مستمر وملتهب - كما هو حادث الآن - سيتعذر علينا أن نتخلص سريعا من أزمتنا الاقتصادية، لأن هذا التوتر السياسي لا يشجع لا السائحين الأجانب علي زيارتنا ولا السائحين الأجانب علي العودة لاستثمار أموالهم في بلدنا.. وكلا الأمران، السياحة والاستثمار الأجنبي، ضروري لتجاوز الأزمة الاقتصادية.. ولذلك.. فإن كل أمر وتصرف وعمل يزيد من حدة هذا التوتر أو حتي يعطل ويعرقل ازالته في ذات الوقت يطيل أمد الأزمة الاقتصادية، وبالتالي يزيد من معاناتنا الناجمة عن هذه الأزمة، ويعطل ويؤجل تحقيق أحلام الأغلبية الساحقة في حياة كريمة آمنة. وهنا يصير فرض عين علينا التخلص من هذا التوتر السياسي الذي مازال يخيم علي مجتمعنا، ولم ينهه انتخاب رئيس الجمهورية، ثم انتهاء الدور السياسي للمؤسسة العسكرية.. فلا حل لأزمتنا الاقتصادية بدون التخلص من هذا التوتر السياسي الذي نعيش فيه حاليا. والسبيل الوحيد للتخلص من هذا التوتر هو صياغة دستور جديد لنا يحظي بأكبر قدر من التوافق بين كل قوي المجتمع، السياسية والطبقية.. فالدستور هو الذي يحدد بوضوح قواعد العيش المشترك لنا جميعا في وطننا.. فهو يحدد ما لنا من حقوق وما علينا من واجبات.. ويحدد لمؤسسات الدولة المختلفة ما لها من صلاحيات وما عليها من التزامات تجاه كل أبناء المجتمع بلا استثناء، وبدون تمييز بينهم، اجتماعيا وسياسيا أو دينيا.. فإذا كنا جميعا نقبل وعن طيب خاطر هذه القواعد سوف نلتزم بها وسنحرص علي عدم مخالفتها، وبالتالي ستزول أسباب التوتر السياسي الذي نعاني منه الآن، والناجم عن عدم وجود قواعد تنظم التنافس السياسي بيننا وتضبط مساره. فالسلطة التنفيذية سوف تعرف حدود صلاحياتها وستجد نفسها مطالبة بعدم تجاوز هذه الصلاحيات، أو الجور علي السلطتين التشريعية والقضائية. والسلطة التشريعية سوف تعرف أنها إذا مارست انحرافا تشريعيا عن الدستور ستجد من يوقفها عن ذلك من داخل السلطة القضائية. والسلطة القضائية سوف تأمن علي استقلالها دون خوف من أن يعصف بأعضائها مسئول بالسلطة التنفيذية.. كما ستضمن جميعا التزام أبناء هذه السلطة بقواعد العدالة. أما جموع المواطنين فإنهم سوف يطمئنون ان حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية مصانة، مادام الجميع أمام القانون سواء.. وهكذا في ظل الدستور الذي يرضينا جميعا لن نفاجأ بما شهدناه طوال الفترة الماضية من مواقف وقرارات وتصرفات اثارت الجدل وأشعلت التوتر السياسي. ولذلك.. يتعين علينا أن نولي كل اهتمامنا بدستورنا الجديد.. وأن نراعي حدوث أقصي قدر من التوافق عليه ليحظي بأكبر قدر من الرضا، حتي ينهي هذا الدستور التوتر السياسي الذي يحرمنا من علاج نحتاجه بشدة الآن لأزمتنا الاقتصادية. أما إذا لم يحدث ذلك ولم يكن التوافق حقيقيا وصادقا علي الدستور سوف يستمر التوتر السياسي وسوف تتزايد حدة أزمتنا الاقتصادية. 1.