حادثني المفكر الكبير الذي ينحاز كثيراً إلي فكر التقريب بين المذاهب، خاصة السنة والشيعة منها، وذكرني بما أولاه الازهر من أهمية حمل همها الإمام الاكبر الشيخ شلتوت رحمه الله، حفظاً لوحدة الامة في وجه الطغيان من كل مكان، وأيدني استاذي في تخوفي وقلقي ان تصبح فتوي الإمام الخامنئي بتحريم سب الصحابة وأمهات المؤمنين خاوية من مضمونها العقائدي وأن تندرج في عداد التصريحات السياسية المغلفة بغلاف ديني انيق لامتصاص غضب فريق في وقت ضيق، وذلك لأنه المرجع الأعلي للمذهب الشيعي. لكني أؤكد لاستاذي مدي حيرتي وحزني مما يجري علي أرض الإسلام وما تعصف بالمسلمين من يد المنون ثم أي صدور أثمة دبرت لهم اسباب التخلف والهوان وأوقعتهم فيها، إنني بحق أعيزك ومن أحب من أن ننجرف في عاطفة يزج بنا فيها ما يعيشه المسلمون من مأزق خانق لا نجد له حتي الآن مخرجاً، وأن تكون هذه العاطفة سبباً في ابتلاعنا الطعم واتباعنا لمن يتلاعبون بألفاظ جوفاء لا تزال تراوح مكانها وتخدم مصالح أعداء الإسلام أكثر مما تخدم الإسلام والمسلمين. إنني مقتنع تماماً بأن هناك عملاً أكبر من فتوي الإمام »خامنئي« كان عليه أن يقوم به لوأد الفتنة التي صحت صحوتها المروعة بعد قيام الثورة الإيرانية عام 9791، وحملت معها كثيراً من الاندفاع والحماقات ما أغري العامة من أبناء المذهب الشيعي بالإمعان في الافتراء والشتم والسب لخير رجال ونساء أمة الإسلام وتحولت من هذه اللحظة الي حالة هسيتيرية من الجنون بل هي أشد لتمزيق العالم الاسلامي وخلق اجواء مناسبة لاعداء الامة كي يعيدوها إلي عصور الضعف والانكسار التي أوقفت سيرها وتقدمها تحت راية واحدة لا يختلف عليها مسلم. وأني لاؤكد لك استاذي الجليل بأن اضابير المرجفين مليئة بالافكار الصادمة لاتزال وأنها تدخل شيئاً فشيئاً لتسود صفحات جديدة لاشاعة ما قد توقفه فتوي الإمام خامنئي في الفضائيات إلي حين، وهذا هو جل مطلبي أن يعيد الرجل ومرجعيات الشيعة النظر فيما كتب وأن ينقوا ما سوف يتلقونه من صحائفي سوف تدرس في الحوزات والمدارس الشيعية، وأن يبين الإمام خامنئي اسبابه الحقيقة وراء فتوي تحريم سب الصحابة وأمهات المؤمنين. فهل سيصبح هذا واقعاً أم أنك معي في ضرورة التحفظ والتوقف أمام ما أتوقع واستشرف، فماذا يضير أن يخرج المرجع الأعلي علينا وقت أزماته بفتوي ترضي العامة من أهل السنة ثم قد تثير بعض الشكوك في صدور نخبتهم أم هي جاءت في حينها لامتصاص موقف قد يزيد جحيم الكراهية في وقت لا تحتاج إيران - الشيعية - إلي مزيد من الاعداء والكراهية خاصة من أبناء دينهم السنة، إنني لا أزال انتظر من الإمام خامنئي والمرجعيات الشيعية والحوزات ما قد يقرب بحق بين مذهبين في دين عظيم ينتظر منه أن يخلص البشرية من عذاباتها وظلامها الحالك الذي يزداد ثقلاً يوماً بعد يوم، واتوقع فيما يدب في ضميري من تفاؤل أن يصحح أولو الألباب ما قد لوث به الموتورون والسفهاء والفجرة تاريخ الإسلام الحقيقي الذي تحمل أحداثه اشياء من اخطاء البشر شأنها في ذلك شأن ما جري في أمم من قبلنا، فيها من الندم والغفران والدروس والعبر ما فيها، ولكن الحقائق ابدا لا تخرج من افواه الكذبة او المرجفين والمغيبين، أنما هي لها رجالها الذين يعرفون الحق ولا يكتمونه ويعرفون الباطل ولا يتوانون عن دمغه وقذفه بما يعرفون من الحق، وعلي كل من يحاول أن يخلط المآرب والأهداف السياسية المحدودة بما لا يقبله الدين إلا من صحيحه وجوهره المكنون في قلوب المؤمنين التقاة ان يعرف، إنما هو يلعب بنيران الجهالة التي سوف ترديه يوماً بعيداً عن الجلال العظيم لدين الله في الارض. كاتب المقال : استاذ الطب بجامعة الازهر، عضو اتحاد كتاب مصر