من منا لم يستمتع بما أبدعته الإذاعة من صور وأوبريتات غنائية من قبل.. هل يستطيع أحد أن ينسي »السلطانية« الصورة الغنائية التي قدمت بعنوان »قسم«.. كذلك الدندرمة.. وعوف الأصيل.. ومعروف الاسكافي.. وسوق بلدنا.. وعزيزة ويونس.. ونزهة »الجوز الخيل والعربية«. وغيرها من الصور الغنائية التي مازالت تعيش عليها الإذاعة وأصبحت واحدة من كنوزها وتراثها خاصة ان الذي قدمها نجوم في التمثيل والاخراج والغناء أيضا والسؤال الذي تطرحه »الأخبار« اليوم.. لماذا لم نعد نستمع إلي صور غنائية جديدة أو أوبريتات إذاعية يتم انتاجها خصيصا للراديو؟ عاطف سليمان توجه بهذه الأسئلة إلي الإعلامي الكبير وجدي الحكيم والذي قال: الإذاعة بالفعل لم يعد لديها ميزانيات لانتاج الأوبريتات أو الصور الغنائية التي سبق انتاجها منذ سنوات.. الاذاعة اليوم تركت الساحة لمنتجي القطاع الخاص الذين يقومون بانتاج أغان للسوق التجارية ولا يهمها التميز فيما تقدمه. نقطة أخري لابد من الحديث عنها.. أين هو المؤلف الذي سيكتب الصور الغنائية؟.. وماذا ستعطيه الإذاعة كأجر له.. وأين هو الملحن الذي سيترك مسلسلات التليفزيون أو القنوات الأخري التي تتبني المطربين والمطربات وتنتج لهم.. اليوم أصبحنا في عالم الأغنية الاستهلاكية السريعة التي نسمعها ثم ننساها علي الفور.. أغاني لم نكن نتخيل ان تغني ككلمات أو ألحان.. أنا أتمني ان الاذاعة تقوم بدورها في هذا المجال.. ولكن ما باليد حيلة كما يقولون.. ان ما قدمته الإذاعة في الزمن الماضي كان صورة من العصر الذي تعيشه في تلك الفترة زمن الفن الجميل.. اليوم الأغنية التي نتحدث عنها تعبر عما نعيش فيه وما يحيط بنا من أحداث.. فكيف يمكن أن ننتج فنا جميلا راقيا بشكل عام. ويقول بخيت بيومي ان الذين كتبوا الأوبريتات والصور الغنائية للإذاعة ماتوا.. وكانوا حريفة في الكتابة.. وللأسف منذ أن ذهب هؤلاء إلي رحمة الله.. لم نعد نري من يكتب هذه الصور المتميزة والتي أصبحت تراثا إذاعيا مهما.. تذيعها الإذاعة كل فترة والثانية ولا أحد يستطيع أن ينساها أو انها لا تترك أثرا فيه.. كان من يكتب هذه الصور الغنائية هو مؤلف حقيقي وكان آخر هؤلاء المرحوم عبدالسلام أمين. وأنا شخصيا لي محاولة إذ قدمت عام 8991 صورة غنائية بعنوان »عمدة بلدنا«.. لحنها ابراهيم رجب وكان بمثابة أوبريت يعبر عن حياتنا وبلدنا وأثنوا عليه في الإذاعة.. وسبق أن قدمت أيضا أوبريتا وكان في عيد الإعلاميين.. اليوم للأسف الإذاعة لا تنتج مثل هذه الأعمال.. فهي تقدم مواردها في أعمال أخري غير الأوبريت.. لكني أسأل هنا.. من سيكتب أوبريتا ومن يلحنه.. ومن سيصرف عليه؟!.. أنا في رأيي الشخصي لن يعود الزمن سواء الإذاعة أو غيرها لانتاج مثل تلك الأوبريتات أو الصور الغنائية الجميلة. بينما يؤكد د. زين نصار الناقد الموسيقي وأستاذ الموسيقي بأكاديمية الفنون: أننا بالفعل نفتقد الآن الصور الغنائية والأوبريتات الإذاعية التي كانت من أشهر ما تقدمه الإذاعة.. وكانت تلك الصور الغنائية تقدم إذاعيا وكأنها مسرحية من ذات الفصل الواحد يقدمها أشهر الملحنين ويكتبها أكبر الكتاب.. وكان محمد حسن الشجاعي الذي يتم تعيينه بالإذاعة مسئولا عن الغناء والموسيقي من أهم الذين اهتموا بالأغنية والصور الغنائية بالإذاعة. فقد شجع الشجاعي الموسيقي والأصوات الجديدة وقدم مطربين وملحنين وكتاب إلي الإذاعة وكان له الفضل الكبير في ذلك ولحن محمود الشريف وأحمد صدقي وغيرهم.. تلك الأوبريتات المعروفة والتي لانزال نحن لسماعها ونأمل في انتاج المزيد منها خاصة أننا في وقت يشهد عدم انتاج أغاني كما كنا ننتج.. ولا يوجد من يشجع الأغنية إلا القطاع الخاص الذي يبدو أن الإذاعة والتليفزيون تركا الساحة له.