أسامة عجاج الربط بين التيارات الليبرالية في مصر ، وأغنية عبده الحامولي الشهيرة .وهي من أوائل القرن الماضي ،"يامين يجيب لي حبيبي ". يبدو من حيث الشكل نوع من التعسف .ولكن بعد التدقيق ،والتمحيص ،نجد أن هناك تطابقا تام بينهما. الأغنية عندما سمعها قادة قوات الاحتلال الإنجليزي ،شعروا بالسعادة ،والنشوة. ليس من حلاوة أداء المغني المشهور، أو من الكلمات ولكنهم أطمأنوا علي وجودهم في مصر، واستمرارهم في احتلالها، حتي يشاء الله .فإذا كان المغني يبحث عن من يأتي له بحبيه . فلن يملك لا القدرة ،أو الرغبة في إنهاء الاحتلال، أو مقاومته وهذا هو أفضل توصيف ، وتشخيص لحالة التيارات الليبرالية في مصر. التي تملك مثل كل البشر، جهدا واحدا .قررت استنفاذه واستهلاكه ،في الهجوم علي جماعة الإخوان المسلمين ،وحزب الحرية والعدالة. ونسيت أن مهمتها وواجبها الأول. هو تنمية قدراتها، وبناء قواعدها في المدن والقري والنجوع. والنزول إلي الجماهير، ومعرفة مشاكلها، آمالها، طموحاتها .وتسمع العجب عندما تناقشهم عن أسباب غيابهم ،عن أي مجلس، أو نقابة يتم تشكيله عبر صناديق الانتخابات، مع النجاح الباهر للإخوان. تجد مبررات واهية ،وحججا غريبة، من عينة أنهم منظمون. وكأن الأمر تهمة. رغم أن ذلك اعتراف واضح بالفشل .وفي الانتخابات الأخيرة للبرلمان. سمعنا من يقول إن الأخوان نجحوا .عبر توزيع سكر وزيت علي الناخبين .وبهذا فان وصفة النجاح تبدو سهلة، وبسيطة جدا، وقابلة للتكرار ،والاستنساخ .وتتلخص في أن يقوم أي من الأحزاب الليبرالية بتوزيع "السيمون فيميه" .أو السمك المدخن والكافيار علي الناخبين. وبعض رعاة تلك الأحزاب ،يملك من الإمكانيات .ونحن نضمن لهم الفشل. فوصفة النجاح مختلفة .وتحتاج جهدا، وعرقا، وتنظيم ،ورؤية،وقدرة علي التعاطي مع قضايا الجماهير. والخروج من الغرف المكيفة في بعض الأحزاب. وعدم الاكتفاء بالنضال عبر المحطات الفضائية .والإدعاءات الكاذبة بأنهم المعبرون عن الجماهير .التي لا تعرفهم ولا يعرفونهم . كما أن البعض منهم يتجاوز، ويحاول البحث عن ورقة توت يداري بها "الخيبة القوية " . بإلصاق فشله في أن الشعب جاهل، ومعظم أفراده أمين. دون أن يحمل نفسه ،وحزبه مسئولية عدم المساهمة في تعليم الشعب ،في تنويره ،في تثقيفه ،وكأن المطلوب استيراد شعب آخر .علي مقاس تلك الأحزاب .حتي تضمن الوصول للسلطة والحكم. وقد شهدت الأشهر الماضية ،انهيار عدد من الأحزاب والتيارات ،نتيجة الصراعات علي الزعامة . رغم انه لم يمر علي تأسيسها سوي فترة بسيطة .مثلما حدث في حزب المصريين الأحرار. الذي خرج للساحة بدعم قوي من رجال أعمال ،وفي مقدمته نجيب ساويرس. وتعاملوا علي أنهم المدافعين عن مدنية الدولة ،ضد "وهم" الدولة الدينية. وهي الكذبة التي أطلقوها ،ونشروها، وصدقوها، بعد ذلك كم من القيادات خرج من الحزب ،ومنهم من كشف عن وجه قبيح ،ينم عن حقد وكراهية غير مبررة للتيار الديني. مثل محمد أبو حامد وباسل عادل وآخرون .هل هناك من يتذكر الحزب؟ هل هناك من يعول عليه في الانتخابات القادمة؟ ليحصل علي أي من مقاعد المجلس. حزب آخر.. الجبهة الديمقراطية«. استقال رئيسه السعيد كامل .وقدم أغرب مبرر، يمكن أن تسمعه من شخص يمارس السياسة، أن أعماله الخاصة تأثرت ، وغادر مصر إلي السعودية ،لكي يستأنف أشغاله ..هذه هي القيادات السياسية والإ فلا !! هذه القيادات التي تخطط لحكم مصر .وتتعامل مع السياسية في أوقات الفراغ .وبمنطق الربح دون الخسارة. وهذا هو الفرق بالضبط مع جماعة الإخوان المسلمين. الذين تعرضوا إلي كل ألوان الظلم، والتعذيب ،والتشريد، والسجن ومصادرة الأموال، ومع ذلك ظلوا علي العهد .تمسكوا بمعتقداتهم ،بأفكارهم، ومواقفهم. ونتوقف عند جديد أحزاب النخبة ،والتي أصابتها حمي التحالفات، والائتلافات ،ونقول صحيح أن الخطوة مهمة .ولكنها جاءت متأخرة عشرات السنيين .فما هو المانع أمام وحدة أحزاب اليسار والماركسيين؟ بعد ظهور حزب التجمع الذي ضم بعض اليسار، وبعض الناصريين ،وأفرادا من التيار القومي، لقد تهاوي الحزب علي يد الرفيق رفعت السعيد. الذي انحاز إلي النظام السابق .وتعاون مع الأجهزة الأمنية .وحصل علي المكافأة .عضوية مجلس الشوري بالتعيين .ولتذهب المبادئ إلي الجحيم .والناصريين كانوا ثلاث أحزاب ،آخرهم الكرامة .تذكروا الآن التوحد . وراح زعيمهم حمدين صباحي يحاول توسيع التحالف، بدخول أحزاب ورقية ،تحت مسمي "التيار الشعبي" وهناك حزب الوفد الذي يعاني من أزمة متكاملة الأطراف، منذ الخلافات علي رئاسة الحزب،. وبعد تولي السيد البدوي قيادته ، وخروج وعدم التزام كبار المسئولين حزبيا، في كثير من المواقف. ونأتي إلي" تحالف الأمة المصرية" بزعامة عمرو موسي. ومع كل التقدير لشخصه .ولكن كل المؤشرات تتجه إلي انه مثل الإخوة الأعداء .كما أن كل التحالفات تفتقد الأسس الفكرية. التي تمثل القاسم المشترك لأي تجمع سياسي. وكذلك وحدة الهدف هل هو خوض الانتخابات البرلمانية القادمة فقط؟ أم انه تحالف سيدوم. كل التوقعات المبنية علي قراءة متأنية. تؤكد أن كل التحالفات ستنهار خلال الأسابيع القادمة .علي صخرة الخلافات. وتقسيم تورتة القوائم .وتوزيع الدوائر. حقيقة الأمر ،أن عوامل قوة حزب الحرية والعدالة ،أكثر من أن تعد أو تحصي، ولكن جزءا منها ضعف المعارضة. التي لم يعد هناك أي حجج ،أو عوائق أمام عملها. أو تواجدها بين الجماهير. وان تنهي دورها النخبوي. وتملك يقينا بان مصر ليست القاهرة فقط .بل هي القري، والنجوع ،والمدن الصغيرة. وان العمل بين الجماهير، هو ابعد ما يكون عن التمترس وراء ميكرفونات الفضائيات ،واستهلاك الوقت في برامج "التوك شو".