مصطفى بلال .. قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »توشك الأمم أن تتداعي عليكم، كما تتداعي الأكلة إلي قصعتها«.. فقال قائل من القوم: من قلة نحن يومئذ؟ قال رسول الله: »بلي أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة، وليقذفن في قلوبكم الوهن« فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟.. قال: »حب الدنيا وكراهة الموت«. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.. صدقت سيدي يا حبيب الله، يا أشرف خلقه.. وما تتعرض له الأمة الإسلامية من هجمة شرسة هذه الأيام إلا لأننا ابتعدنا عن سنتك، ابتعدنا عن سيرتك العطرة، وطريقك السوي المستقيم. إن سيرتك العطرة هي منهج حياة للفرد والأسرة والمجتمع.. وما كانت هذه الهجمة الشرسة ضد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين إلا لتقصير في سلوكنا، نعم سيدي رسول الله نحن كثير، كثير ولكن كما قلت يا حبيب الله كغثاء السيل، أحببنا الحياة الدنيا، وأقبلنا علي مفاتنها وأهملنا سبيل الآخرة التي هي الدار الأبقي. نحن سيدي رسول الله نعيش في غُربة الإسلام الثانية، كما قلت سيدي رسول الله: »إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ«.. فالإسلام بدأ في عهد النبي صلي الله عليه وسلم غريبا، ولكن الرسول استطاع بإذن الله أن يزيل غُربة الإسلام في فترة وجيزة، وأن يقيم دولة الإسلام التي مازال نورها يسطع في جبين الزمان حتي اللحظة الراهنة.. وسيعود الإسلام غريبا وستزول غُربته مرة أخري وستعود العزة للمسلمين مرة أخري.. فما السبيل؟ الطريق الوحيد هو اتباع سنة المصطفي صلي الله عليه وسلم.. الذي وصفه المولي عز وجل في كتابه المجيد »وإنك لعلي خلق عظيم«. علي المسلمين أن يتدارسوا سيرة النبي صلي الله عليه وسلم، ويتفهموا الدروس والمعاني العظيمة ويتذوقوا حلاوة الإيمان والسلوك والتعامل مع الآخرين.. ففي سيرته المثل الأعلي في كل شأن من شئون الحياة الفاضلة.. فلنجعل سيرته دستوراً نتمسك به، ونسير علي نهجه وهداه. ويكفي في هذا المقام.. قصة اليهودي الذي كان يقيم بجوار دار النبي.. لم يكن لليهودي مسألة إلا بإيذاء النبي وإلقاء القاذورات والقمامة أمام داره.. واستمر علي هذا التصرف الحقير فترة طويلة.. حتي فوجئ النبي في أحد الأيام بعدم وجود القاذورات، فأسرع إلي منزل اليهودي لزيارته والسؤال عنه.. وتبين له أنه كان مريضا.. ولما علم اليهودي بتصرف المصطفي صلي الله عليه وسلم نطق بالشهادتين وأسلم لرب العالمين. المعذرة يا رسول الله.. نحن المقصرون في حقك وحق ديننا الإسلامي.. وصدق تعالي في قوله: »وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين« صدق الله العظيم.