يوم الجمعة 21 سبتمبر، نشرت »الأخبار« خبراً نصه: جنوبسيناء - علي الشافعي: »مصادرة سيارات القمامة المخالفة في شرم الشيخ: أكد اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء أن الباب مفتوح للتعاقد مع اي شركة نظافة تريد العمل بالمدينة وفقا للضوابط والتعليمات. وفي اجتماع حضره كبار المسئولين وممثلو شركات النظافة، قرر مصادرة أي سيارات مخالفة، وعقوبة تصل الي عشرة آلاف جنيه، مع الحجز الإداري.. .. وطالب الأمن بضبط المخالفين، وتأمين المحارق، وعمل أكمنة متعددة، وعمل محاضر ضد الفنادق الممتنعة عن تسديد اشتراكات النظافة«. أرأيتم، الأبعاد العجيبة لمشكلة الزبالة في بلدنا؟.. وأين؟.. في درة مدننا السياحية!.. عربات القمامة اما أنها لا ترفع الزبالة، أو لا توصلها إلي مدافنها لتحرق، مما يضطر المحافظ لاتخاذ اجراءات عنيفة ضدها. ووضع كمائن أمنية لمراقبتها، وتأمين المحارق. وعمل محاضر للفنادق التي لا تسدد اشتراكات النظافة، إما لأنها لا تري جدوي، أو ربما بسبب ظروف السياحة الان.. طبعاً المشكلة عامة في طول البلاد وعرضها..وهي صارت مزمنة. فنحن نعيشها منذ أكثر من خمسة عشر عاما. ولجأنا إلي الشركات العالمية لتخليصنا من زبالتنا! وكم في ذلك من مضحكات.. لكنه - كعادتنا - ضحك كالبكاء! فنحن - فيما أظن - الدولة الوحيدة، بين دول الدنيا التي تعجز عن حل مشكلة زبالتها. رغم أن الزبالين زمان، بعربة كارو يجرها حمار. كانوا يخلصوننا منها، ويجمعونها في مواقع خارج العمران ، لتفرز، ويحرق غير النافع للمعلمين، الذين كانوا يحققون منها ثروات ضخمة. ما جوهر مشكلة الزبالة عندنا؟ إننا لا نزال نعتبر الزبالة شرا يجب التخلص منها - ولأنها كذلك، فإننا ننفق كثيراً للتخلص من هذا الشر. وصرح مؤخراً مسئول، بأن التخلص من الزبالة، حالياً يحتاج لمليار جنيه. هذه هي الاشكالية التي تحكم فكر حكامنا، السابقين والحاليين رغم أنه يستخرج منها خامات لصناعات عديدة.. أي أنها استثمار، وليست فاقدا. هذه النظرة السلبية لدي مسئولي بلادنا، وقفت حاجزاً بيننا وبين ما يحدث في بلاد العالم، بل وبين تطبيقات مصرية رائدة. فمنذ اكثر من عشرين سنة، أقام الدكتور أحمد جويلي محافظ دمياط حينئذ مصنعاً لتحويل زبالة مدينة دمياط الي سماد عضوي.. ببساطة: تجمع الزبالة من البيوت، تحملها سيارات البلدية الي المصنع خارج الكتلة السكانية. المصنع عبارة عن حوش تفرغ فيه السيارات الزبالة. يحول العمال كميات الزبالة الي طاولة كبيرة يقف امامها مجموعة من العمال يقومون بفرزها: البلاستيك، والزجاج، والصفيح تستخرج لتذهب الي مصانعها لتسهر ويعاد تشكيلها وبيعها، الباقي يصب في فتحة واسعة مماثلة لفتحة سيارات خلط الاسمنت المسلح، يدورها موتور بعض الوقت، ثم تخرج الي ماسورة طويلة، تدفع به الي أجولة في صورة تراب رمادي، هو السماء العضوي الذي يبيعه المصنع لمستصلحي الأراضي الصحراوية. كتبنا عن هذا المصنع في حينه، وبينا أنه بسيط جداً، يمكن تصنيع العشرات منه في مصانعنا ، بالاتفاق مع الشركة المنتجة. وتخصيص مصنع أو أكثر لكل حي. فنحل المشكلة. ونستفيد منها. لكن كالمعتاد، لم يهتم احد.. ولجأنا للشركات »العالمية«.. وأخيراً، شاهدت علي قناة »نور الدنيا« التي تهتم بالزراعة، في برنامج »قضايا ساخنة«، مهندسا اسمه محمد توفيق، يعرض مشروعاً لتحويل الزبالة الي طاقة كهربائية. وشاهدنا علي الشاشة المصنع الذي يحول الزبالة الي كهرباء، وهو يعمل وقال صاحب المشروع إن أحد المحافظين اقتنع بالمشروع وسوف ينفذه. لكن لم نلاحظ أهي حقيقة أم.. فهل نكف عن الاساليب البالية، ونستفيد من خبرة العالم، وتجاربنا الرائدة، وأفكار مخترعينا.