بسبب ثقافة المجتمع الراسخة..يرفض الشباب العمل في بعض المهن .. بحجة أنها معيبة ولا تناسب أوضاعهم..رغم أن آباءهم وأجدادهم كانوا زمان يعملون في جميع المهن تقريبا.. فلم تكن هناك مهن مقبولة وأخري غير مقبولة..بل إن بعض كبار رجال الأعمال بدأوا حياتهم العملية في مهن بسيطة لم تعد مقبولة هذه الأيام.. وأنا أعرف رجل أعمال عربياً حقق شهرة ونجاحا وسيطا كبيرا وكان قد بدأ حياته " ساعي بريد ".. وهو يفخر بذلك وكثيرا ما يروي قصة كفاحه أمام المعارف والأصدقاء.. في وقت سابق كان المصري يعمل في الزراعة والبناء ورعي الأغنام والنجارة والحدادة والصباغة وصناعة الخبز وغيرها من المهن المختلفة التي تحتاج إلي جهد كبير.. كان يبحث عن عمل شريف دون الالتفات إلي نوعه أو مكانه.. والدليل علي ذلك أن كثيرا من المصريين سافروا إلي دول الخليج وغيرها للعمل في مهن كثيرة أدرت عليهم أموالا صنعوا من خلالها مستقبلا مشرقا لهم ولابنائهم.. وخلال العقود الثلاثة الماضية ظهرت علي السطح بعض المفاهيم وترسخت الاعتقادات الخاطئة عند غالبية شبابنا.. منها رفض البعض منهم للأعمال المهنية أو الحرة.. رغم أنها تعد أعمالا شريفة "ترفع الرأس" وذات عائد مادي كبير يتجاوز في كثير من الأحيان أضعاف ما يحصلون عليه من العمل في الوظائف المكتبية التي أضحت هدفا للجميع بمن فيهم خريجو الجامعات التقنية والمعاهد والدبلومات الفنية.. استمرار النظرة الدونية لبعض الأعمال والمهن عند غالبية شبابنا يحتاج إلي جهد كبير لتغيير الصورة النمطية التي ارتبطت في أذهانهم عن تلك الأعمال.. وهذا الجهد لا يمكن أن تقوم به جهة واحدة لأنه يحتاج إلي خطة وطنية تبدأ من المدارس مرورا بجميع وسائل الإعلام ووزارة العمل ولا تنتهي عند رجال الأعمال والجهات المعنية أو المهتمة بالمشاريع الصغيرة وتحتاج كذلك إلي توعية الآباء للأبناء بأهمية ممارسة تلك الأعمال بتشجيعهم عليها وتمويلهم إذا تطلب الأمر .. لقد حان الوقت لتنسيق الجهود بهدف دعم وإبراز أهمية العمل في المهن الحرة لشبابنا الذين ما زالوا يبحثون عن أعمال مكتبية ندر وجودها مما تسبب في ارتفاع نسبة البطالة يوما بعد يوم.. رغم وجود آلاف فرص العمل الحرة التي تدّر أموالا كثيرة..فهل يبحث شبابنا عن مستقبل واعد ويبتعدون عن النظرة الدونية الخاطئة..!؟؟