تواصلا مع جهود الحكومة للتخلص من الصداع المزمن لمشكلة رغيف الخبز المدعم، والعمل علي تحسين مواصفات الرغيف تلقيت رسالة أراها مهمة للغاية من الدكتور نادر نور الدين محمد الأستاذ بكلية زراعة القاهرة والمستشار الأسبق لوزير التموين.. يقول فيها: طرح فكرة انتاج رغيف جديد فئة عشرة قروش اثارت جدلا كبيرا في الشارع بشأن توقيت الطرح المبكر من الوزير بمجرد توليه الوزارة لان الطبيعي ان مثل هذا الأمر يتطلب إعدادا لدراسات متأنية تستغرق ثلاثة أشهر علي الأقل ثم تعرض علي مجلس الوزراء للموافقة ثم علي الرئيس لاقرار السعر علي اعتبار أن الرغيف يمثل أمنا قوميا واستقرارا مجتمعيا ويعد من أمور السيادة. حل مشكلة الرغيف ليست من السهولة بمكان لانها تمثل العديد من المراحل والتي قتلناها بحثا بدء من قصر الدعم علي المنتج النهائي فقط دون استيراد الدولة للقمح وهو أمر شديد الخطورة أمنيا في مواجهة 25 ألف مخبز بلدي منتشرة في انحاء الجمهورية يستفيدون تماما من الدعم مع التشكك في مدي قدرة القطاع الخاص علي توفير القمح بالاستيراد وماذا يمكن ان يحدث لو ارتفعت اسعاره وتوقفوا عن الاستيراد؟! أيضا من سيكون المسئول عن تخزين القمح ومخزونه الاستراتيجي الذي ينبغي الا يقل عن خمسة أشهر هل هي الدولة أم القطاع الخاص. الأمر المهم في استقرار رغيف الخبز وتوافره بالمواصفات التي ترضي المستهلك هو كيفية عودة المنافسة بين الافران لبيع الرغيف كما كان في العهد الملكي وقت ان كان البائع يمر علي المنازل لتوصيل الخبز الجيد بنفسه والا يتم استبداله بفرن اخر يتميز رغيفه بمواصفات جيدة. هذا هو الأمر الأهم لتحسين مواصفات الرغيف بما يتساوي مع مثيله في الدول المتقدمة دون ربط المستهلكين بفرن معين يفرض عليهم رغيفا سيئا. وعلي الرغم من معارضتي لموضوع عودة »الكوبونات« سواء لاسطوانة البوتاجاز أو الرغيف ولكن امر عودة المنافسة بين الافران تتطلب الاستعانة بها لفترة محدودة. الفكرة ببساطة ان الدولة تتفق مع غرفة المخابز بالغرفة التجارية علي انتاج رغيف الخبز بمواصفات محددة وسعر محدد يعاد النظر فيه كل ثلاثة أشهر »ليتماشي مع مخزوننا الاستراتيجي من القمح في حال ارتفاع اسعاره عالميا«، وليكن بسعر 25 قرشا لرغيف وزن 130 جراما.. يتم توزيع كوبونات لاستلام الخبز علي بطاقات التموين بسعر خمسة أو عشرة قروش للكوبون بمعدل ثلاثة أرغفة للفرد يوميا في المدن وأربعة في الريف حيث ترتفع نسبة الفقر وان تكون هذه الكوبونات صالحة للتعامل في جميع الاحياء وجميع المحافظات حتي عند سفر الاسرة للمصيف يمكنها أن تصرف رغيفها المدعم من مخابز المدن الساحلية وكذلك في حال انتقال رب الأسرة إلي محافظة جديدة ولا يتم ربط الكوبونات بفرن معين أو منطقة محددة ويكون للمواطن الحق في انتقاء الفرن الذي ينتج الرغيف الأفضل وبذلك أيضا ينتج الفرن الشريف خبزا اكثر ويربح اكثر بسبب تعامله بشرف ولا يجد الفرن المخالف بدا من تحسين انتاجه أو غلق مخبزه يشجع هذا الامر ان اغلب الافران الحالية التي تنتج الرغيف المدعم بعضها لا يعمل اكثر من اربع ساعات فقط يوميا وهي عدد ساعات غير كافية لتحقيق جدوي اقتصادية لعمل منشأة تجارية وبالتالي فإن حرية انتاج الخبز والتنافس علي الكوبونات ستعطي الفرصة للافران بأن تعمل لعدد ساعات اطول استغلالا لساعات عمل معطلة لانتاج رغيف واحد يبلع حرا بدون كوبون أو بالكوبون وتعود المنافسة بين الافران وبعضها سيتحمل توصيل الخبز إلي المنازل لانه اصبح يسعي لكسب عيشه وبما يمكن ان يوظف عددا من الشباب العاطلين. تحرير بيع الرغيف وتحرير عبودية المواطن للافران وسعي الافران لنيل رضاء المستهلك وعودة المنافسة بين الافران هو عودة للزمن الجميل وجراحة عاجلة لصداع لا ينتهي. انتهت الرسالة، ولعلها تكون قد أصابت وتسهم في حل لمشكلة الرغيف المدعم.