الأطفال عثروا علي الجثث اثناء لعب الكرة.. وتسليم جثتين لذويهم "أب يصرخ لا يعلم مصير أبنه وعائله الوحيد.. وآخرون يعثرون علي جثة أبن شقيقتهم اليتيم .. وجثة سوداني ثالث لا يعرف لها صاحب " .. مشاهد حزينة خيمت علي مدينة السلوم الحدودية بعد غرق مركب كان علي متنها 40 مصريا وآخرون من جنسيات متعددة أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية إلي ليبيا ومنها إلي ايطاليا. " الاخبار " انتقلت الي مدينة السلوم علي الحدود المصرية الليبية وألتقت أهالي الضحايا للتعرف علي تفاصيل رحلة الموت التي أسفرت عن مصرع ثلاثة أشخاص وفقد ما يقرب من 37 آخرين تضاربت الانباء حول مصيرهم .. تفاصيل المأساة التي تعيشها تلك المدينة الحدودية بدأت عندما عثر عدد من الاطفال أثناء لعبهم الكرة علي شاطئ خليج السلوم علي ثلاث جثث لمجهولين تتقاذفهم الامواج لتلقيهم علي الشاطئ .. وبانتقال الجهات المعنية بالسلوم الي موقع العثور علي الجثث بدأت خيوط الكارثة تتكشف ليتبين أنهما ليس سوي ضحايا لاحدي عمليات الهجرة غير الشرعية التي تحولت إلي رحلة النهاية لعدد منهم بعد تعرض المركب الذي أستقلوه للغرق قبل وصولهم إلي شاطئ يؤويهم .. البحث عن المجهول في الشوارع القليلة بالمدينة كان من السهل أن نميز بين الاغراب الذي فجعهم النبأ الصادم وجاءوا بحثا عن ذويهم وبين أهل السلوم الذي يميزهم الطابع البدوي ففي الوقت الذي إنتشر فيه أهالي المفقودين علي خليج السلوم ترقبا عن وصول خبر لابناءهم.. فتح مستشفي السلوم المركزي أحد العنابر لاستضافة أهالي الضحايا حيث ألتقتهم " الاخبار " .. وبنبرات متقطعة يكاد يجعلها البكاء غير مفهومة يقول الحاج عبد الرحمن أحمد الذي ما زال لا يعرف مصيره حتي كتابة هذه السطور هل فقد حياته ثمنا للبحث عن لقمة عيش في بلاد لم يطأها من قبل أم أنه ما زال علي قيد الحياة .. يجلس الاب في إحدي الغرف بمستشفي السلوم عيناه حائرتان بين المارة علي أمل أن يأتي أحدهم بنبأ عن ولده المفقود بعد أن قطع الآف الكيلو مترات من محافظة الفيوم الي مدينة السلوم الحدودية بحثا عن ولده الاكبر الذي لم يتم عام علي زواجه .. يبكي الاب في حرقة ويقول " عاوز أعرف ابني فين .. محدش بيقولنا حاجة ومش عارفينه عايش ولا مات هو الغلبان في البلد دي ميقدرش يجيب حقه " كلماته تخرج بصعوبة يصحبها مرارة الفقر والعوز فبالامس شيع جسمان ابن أخته " بسام السيد فاضل " والذي كان رفيق أبنه في الرحلة المشئومة وهو الان ما زال ينتظر ما يخبئه له القدر يحكي الحاج عبد الرحمن أحمد أن أبنه محمد صاحب ال 25 ربيعا هو الابن الاكبر لأربعة أبناء آخرين وقد تزوج منذ 6 أشهر وكان من المعتاد أن يسافر الي القاهرة بحثا عن العمل لكي يتمكن من الانفاق علي أخوته وزوجته بالاضافة الي الانفاق عليه خاصة وأنه مريض بمرض " السكر " والذي يحتاج الي علاج دائم ولا يستطيع بمفرده أن يدبر تلك المبالغ والد محمد لم يكن يعلم أن أبنه سيسافر الي إيطاليا في هجرة غير شرعية بحثا عن الاموال في مدينة الاحلام التي طالما سمع عن قصص النجاح التي يرددها شباب البلدة الصغيرة والقصور الفارهة التي يبنيها العائدون من إيطاليا ولو علم ما تركه يسافر هكذا قال الحاج عبد الرحمن فهو العائل الرئيسي لاسرته المتواضعه التي لا تملك فدانا ولا حتي قيراطا.. يصمت الاب بعد أن وقف الكلام وإمتنع لسانه عن النطق لا يجد ما يقول كل ما يستطيع فعله هو الانتظار وما أصعبها تلك اللحظات التي تنتظر فيها مصير أبنك . لم يكن الاب المكلوم بمفرده فقد رافقه أخواه الاثنان بحثا عن أبنهم المفقود فعبد الرحمن محمد عبد الرحمن عم الشاب المفقود لم يهدأ له بال عندما علم أن أحد الشباب قد تم إنقاذه في الجانب الليبي وقرر أن يذهب الي مدينة طبرق للالتقاء به وسؤاله عن أبن أخيه .. وبالفعل تحرك عبد الرحمن الي المنفذ البري الذي يربط مدينة السلوم بالحدود الليبية الا أن الاجراءات وقفت حائلا دون مروره الي الجانب الاخر ولم يجد سوي أن يذهب الي أحد عمد مدينه السلوم ويدعي العمدة "عز " ليتوسل اليه كي يتسوط له عند مسئولي المعبر حتي يتم السماح له بالمرور الي الاراضي الليبية بتصريح لمدة 48 ساعة .. وبالفعل تحقق المراد وعبر الي الجانب الاخر والتقي بالشاب الذي تم إنقاذه ولكنه لم يكن أبن أخيه .. ولكنه لم يترك الفرصة تفلت منه دون أن يسأل الشاب عنه ولكنه خيب ظنه وقال له أنه عندما غرقت المركب في عرض البحر قفز في الماء ليعوم في الماء من الساعة الثانية فجرا حتي الثانية عشرة ظهرا ليصل الي الجانب الليبي ولا يعلم مصير باقي زملائه.. وعاد عبدالرحمن مرة أخري ليزيد من توترهم علي ولدهم المفقود. أما رضوان محمد عبد الرحمن العم الثاني للشاب المفقود فأوضح أن قريتهم الصغيرة بمركز إطسا أبو قندير بالفيوم قد خرج منها خمسة شبان في هذه الرحلة عاد منهم شابان جثث هامدة وما زال مصير الثلاثة الباقين غير معلوم .. ويوضح أن القرية تحولت الي مأتم بعد أن شيعت جثامين بسام السيد فاضل "21 سنة " ومحمد إسماعيل مهنا .. لافتا الي أن بسام - أبن أخته - بعد أن أتم دراسته قرر أن يعول أسرته المكونة من أخين ووالدته بعد أن توفي والده خلال عمله في ليبيا منذ فترة وكان يعول أسرته. ويشير الي أن والدته بمجرد سماعها للنبأ لم تستطع أن تقاوم الصدمة وترقد بالمستشفي حاليا.. أما الشاب الاخر محمد إسماعيل مهنا فهو جار لهم في القرية أيضا كان يعول اسرته المكونة من فردين ووالده القعيد الطاعن في السن.. محمد متزوج ولديه ابنتان احداهما تبلغ من العمر ستة أشهر والاخري تبلغ عامين ونصف.