جمال الغيطانى إذا رأيت إنسانا يحترق، كيف يكون رد الفعل؟ اما ان يهرع الإنسان محاولا إنقاذ أخ له في البشرية يوشك علي الفناء، وإما أن يصرخ طلبا للنجدة، في كلتا الحالتين لن يظل باردا، جامدا، متطلعا إلي النيران التي تلتهم إنسانا حيا، بل لو تصادف وجود حيوان أعجم علي مقربة لبدا عليه الذعر، والاضطراب، أو بدأ الفرار. أقول ذلك تعليقا علي صورة بوعزيزي المصري الذي أشعل النيران في نفسه أمام قصر الاتحادية احتجاجا علي عدم الاستجابة إلي شكواه التي قدمها إلي ديوان المظالم. حادثان في يوم واحد، الصحف حملت إلينا أمس لقطة واضحة جدا لنيران توشك أن تلتهم أحد الاثنين، صورة غريبة وخارجة عن سياق الصحافة المصرية التي لم تعتد نشر صور الأشلاء والضحايا مثل الصحف العراقية حيث يعتبر العنف البالغ جزءا رئيسيا من الحياة اليومية، إنسان تشتعل فيه النيران ملتهمة نصف جسده تقريبا، هذا غريب، ألفت النظر إليه لمتابعة التطور الطارئ علي الصحافة المصرية خلال متابعتها الأحوال، أما الملاحظة الأخري، فهي وقوف عدد من رجال الشرطة والحرس الجمهوري حول المحترق وهم في حالة من الهدوء المريب، البعض يدير ظهره تماما، آخر يتطلع إلي أوراق يحملها، الكل في حالة من الثبات والهدوء لا تتناسب أبدا مع وجود إنسان يحترق. وهذا غير مألوف في الحياة المصرية راجع الصورة في المصري اليوم هل اعتاد رجال الشرطة العنف؟ ألا يبدر عن أي منهم رد فعل إنساني تجاه المحترق؟ أطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتحقيق في ظروف احتراق بوعزيزي المصري؟ فيها ما يريب.