كقطع الليل المظلم تمر بنا الأحداث، فاترة أحيانا، سريعة مريعة أحيانا أخري، قوامها الفتنة ومزاجها الهوج. ما أحلكها من ليلة سوداء ملأها لون الدم وأحيا ظلمتها نحيب الحزن، وبكاء القلوب التي انفطرت علي فلذات أكباد مصر وخيرة شبابها، الذين قضوا نحبهم وقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأتتهم الشهادة دانية ليذهبوا للقاء ربهم بين صائم يصلي وصائم يفض صيامه وما كاد يكمل التقام حبات التمر من يديه الي فمه، وكان قدرهم المقدور لقاء ربهم تودعهم دموع المصريين وتزفهم ترانيم الملائكة الي مقعد صدق عند مليك مقتدر. ولم يكن مصابنا فيمن قضوا، بل فيمن بقوا يتبادلون الاتهامات ما بين تقصير وتخوين واتهام صريح بالمشاركة في الفاجعة الأليمة، وكان الاجدر بنا أن نقدر فداحة الحادث الجلل فنقف صفا واحدا خالعين عنا أثواب الايديولوجيات السياسية المفتعلة وتصنيفات الانتماءات العرقية والفكرية - لا المذهبية- التي اضحت ديدنا للبعض وعقيدة للبعض الاخر. ماذا دهانا؟ وأين ذهب صوابنا؟ وقد كان احري بنا أن نحسن البداية مع البناء والاصلاح والتسامح، لكن هل يمكن ان نبحث عن هذه البداية وذلك التسامح وقد فقد كثيرون منا أغلي ما يفرق إنسانا عن غيره من المخلوقات. لقد خرج العقل منا ولم يعد، وأقترح أن نعمل نشرة لدي الانتربول الدولي للقبض عليه وإعادته إلينا.. لعلنا نفيق.