شاء القدر سبحانه وتعالي أن اتواجد ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة القدر في مكةالمكرمة ورحاب الكعبة المشرفة في مهمة صحفية لتغطية القمة الاسلامية الاستثنائية التي تعقد بقصر الصفا الملاصق للحرم المكي، وهو القصر الذي يتيح موقعه الفريد رؤية الكعبة المشرفة والحرم بالكامل وبرج مكة الذي تعلوه الساعة الشهيرة. دخلنا الوفد الصحفي العالمي الكبير والممثل لسبع وخمسين دولة اضافة الي وكالات الانباء العالمية والمحلية، مكةالمكرمة قبل موعد الافطار بنحو ساعة، وسط اجراءات لوجستية وتأمينية وتواجد مكثف لرجال الشرطة والجيش السعودي والحرس الملكي، وتنظيم محكم ودقيق لتحريك المركبات، حتي لا تتأثر حركة المعتمرين بوجود الرؤساء والملوك في مكةالمكرمة. المشهد مع دخولنا مكةالمكرمة يدعو الي الاعجاب والتقدير لنجاح هذه السيمفونية الدقيقة، وفي شوارع مكة المحيطة بالحرم فالمشهد مهيب تقشعر له الابدان، الملايين يتقاطرون ويهرعون نحو الحرم المكي، قبيل صلاة المغرب، ونشاهد المعاملة الحسنة والطيبة في توجيه المعتمرين في حالة تغيير الطرق المؤدية الي الحرم، تمنينا ان نكون معهم، ولكن ظروف عملنا وارتباطنا معا حال دون اللحاق بهم، ولم يكن بمقدورنا أن ننفرد بالسير والتوجه الي الحرم لنيل شرف صلاة المغرب فيه ثم صلاة العشاء ومن ثم صلاة التراويح. الاجراءات الامنية وتفتش أجهزة الزملاء المصورين تحتم الالتزام بالتعليمات الامنية في التحرك والركوب والتوجه حسب ما هو مخطط لسير الاعلاميين، ولم يكن امامنا سوي السمع والطاعة لاداء مهمتنا المقدسة لحضور اجتماعات القمة الاسلامية الاستثنائية، مؤتمر التضامن الاسلامي. أدي الوفد الاعلامي صلاة المغرب في جماعة بأحد الفنادق القريبة من الحرم المكي، ثم صدرت التوجيهات التوجه الي قصر الصفا استعدادا لمتابعة وصول الملوك والرؤساء ورؤساء الوفود المشاركة، وكل منا يأخذ موقعه في المركز الصحفي العالمي المعد للأغراض الاعلامية بقصر الصفا، المركز مكتظ بالاعلاميين، ومع وصولنا اليه أذن لصلاة العشاء فقمنا باداء الصلاة جماعة بجواره. القصر المنيف بني علي جبل يتيح لمن فيه مشاهدة الحرم بالكامل، وكانت فرصتنا لمتابعة مايجري في الحرم وحوله عوضا عن حرماننا من الصلاة بالقرب من الكعبة، رغم أننا علي بعد امتار قليلة من الكعبة المشرفة، الا ان رغبتي وامنيتي كانت في قضاء الليلة بين ملايين المصلين الذين جاءوا من فج عميق علي ارض المعمورة يبتغون فضل الله ورضوانه، يتضرعون اليه أن يغفر لهم خطاياهم ، وان يتقبل عمرتهم وصلاتهم، وأن يكونوا دائما من زوار بيت الله الحرام. المشهد من شرفات وطرقات قصر الصفا مهيب، يزلزل الابدان، فالحرم بكامله وبطوابقه الثلاثة والامدادات الجديدة والشوارع المؤدية في مرمي البصر، تكاد تشعر ان مكة كلها افترشت بالبشر.