ما بين القاهرة 5491 ومدينة سرت الليبية 0102 مشوار 56 عاما من عمر جامعة الدول العربية.. يقاس شباب الجامعة اوشيخوختها بمدي قدرتها علي التفاعل ومواجهة المتغيرات من اجل الاتجاه نحو الوحدة العربية التي قامت من اجلها الجامعة وعالم عربي افضل سياسيا واقتصاديا. كيف تصبح الجامعة اكثر قوة واكبر تأثيرا في مجريات العرب والعالم من حولنا.. هذا هو التساؤل الذي يضع الجامعة العربية في مفترق طرق بانعقاد القمة العربية غدا في سرت الليبية. هذه القمة سوف تضع الجامعة في مفترق طرق حقيقي. إما الانطلاق الي التطوير ومواكبة المتغيرات الاقليمية والدولية. وإما ان يبقي الامر علي ما هو عليه، وسواء اختار القادة العرب هذا الطريق او ذاك، فان النجاح الحقيقي في احداث التغيير في قوة الجامعة يبقي رهن الارادة السياسية للقادة العرب، في وحدة الموقف تجاه قضايا العرب الرئيسية والاساسية. وفي هذا الاطار استطاع عمرو موسي كمفكر وصانع سياسة ان يعرض اجندة العمل السياسي العربي لسنوات قادمة ليس بالقليلة. في كلمته بافتتاح القمة العربية في سرت الماضي تقدم موسي باقتراحين اساسيين يحددان التحرك الرئيسي للعمل العربي المشترك وهما تطوير جامعة الدول العربية وقيام رابطة الجوار العربي في اطار الجامعة. وهي تفعيل للتعاون والتنسيق لسياسة الجوار، التي اصبحت توجها لكل المناطق الجغرافية والسياسات الاقليمية في العالم. وسيظل الاقتراحان مبدأ دائما علي كل قمة عربية عادية او طارئة حتي تجد هذه المقترحات النور والتطبيق علي ارض الواقع. وهو ما سوف يحدث ان شاء الله يتوافر الارادة العربية ومثابرة موسي كأمين عام لجامعة الدول العربية. تحقيق الاقتراحين فيهما التفعيل الحقيقي للعمل العربي المشترك، ولملمة القضايا الفرعية بين دول المنطقة، التي يجرنا اليها او تلقي بنا فيها بعض القوي الدولية وخاصة امريكا، حتي تظل دول منطقة الشرق الاوسط بما فيها تركيا وايران والدول العربية وعلي رأسها مصر، في شك وريبة من بعضها، وحالة من التوجس تبقي كل دولة علي حدة او تمنع وجود تكتل سياسي واقتصادي حتي ينفرد الذئب بأكلهم فرادي. ويبقي الصراع الفكري والايديولوجي قائما. ونزعات الاستفراد والمنافسة مسيطرة ومشاكل المنطقة ابدية طالما يروق ذلك لاسرائيل. اصلاح وتطوير الجامعة العربية، قضية مطروحة منذ سنوات طويلة. وسارت بخطي بطيئة ولم يتح للاجهزة الاساسية فيها مثل مجلس الدفاع العربي، اي فرصة للممارسة او التفعيل لان القضية في الاساس اتفاق الحكومات العربية وقادة العرب، وليس كما هو الامر من الخلافات الثنائية او التحالفات علي مدي السنوات الطويلة الماضية، اهلا بأي مقترحات تتضمنها الوثيقة المطروحة علي القادة غدا، ولكن القضية ليست في هياكل وادارات بقدر ما هي توجه سياسات وتوحد مواقف. اما اقتراح امين الجامعة عمرو موسي بشأن رابطة الجوار فهو نقلة حقيقية للعمل الاقليمي، ولكنه يظل مرهونا بتوافق المواقف بعيدا عن المصالح الفردية لهذه الدول، وايران نموذج صارخ علي ذلك، بتدخلاتها في القضايا العربية من منطلق ما يخدم المصالح الايرانية فقط، بصرف النظر عما اذا كان ذلك يفيد العرب او يضرهم. ولكن يبقي منطق العقل الذي يدعو اليه الامين العام ان لا مفر من الحوار والتفاهم لتحقيق المصلحة وهذه طبيعة العمل السياسي فاذا كانت دول قد شهدت حروبا مريرة، واصبحت الان من اقوي الاصدقاء والحلفاء. فدعونا نتفاءل.