القرار الصائب، الحكيم، الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين: الملك عبدالله بن عبد العزيز، بحصر إصدار الفتاوي الدينية بأعضاء هيئة كبار العلماء دون غيرهم مايزال يثير حنق الذين احترفوا مهنة مربحة تكسبهم الشهرة إضافة إلي المال الوفير والمنهمر عليهم من جيوب حسني النية المضللين. في مواجهة رافضي القرار الصائب، الحكيم.. تصدي لهم العديد من كبار العلماء بمقالات منشورة، وأحاديث مذاعة، و آراء مطروحة علي شاشة القلة من الفضائيات الدينية التي تستحق وحدها اسمها، وصفتها. ومن أبرز المواقع المحترمة في معالجتها لهذه »القضية«، موقع:» منبر الحوار والإبداع« الذي يديره ويشرف عليه مجموعة من المفكرين السعوديين، ويفتح صفحاته الإلكترونية لنشر كل ما يرونه بأقلام كتاب وكاتبات إضافة ل »تعزيز ثقافة العدالة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان«. تحت عنوان جذاب: »هل نحتاج الفتوي؟« قرأت للكاتب الصحفي السعودي »د.عبدالعزيز الصويخ« مشجعاً زملاءه من المفكرين، الناشطين، المستنيرين، علي نشر إجاباتهم علي سؤالّه، وبيان ما مدي حاجة مجتمعنا للفتوي؟ ينبهنا الكاتب الصحفي »د.عبدالعزيز الصويخ« إلي أن »مجتمعنا« يقصد المجتمع السعودي متدين بطبعه. يولد الطفل فيه وفي فمه آيات الحكمة والقرآن منذ نعومة أظافره. ولاتخلو مرحلة دراسية من دروس دينية تجعل الجاهل حكيماً، فلماذا أصبح عدد »المفتين« أصحاب الفتاوي في تزايد مستمر حتي أكاد أتصوّر أنه أصبح لكل مواطن سعودي مفتي خاص أو أكثر؟!]. وينفي »الصويخ« قيامه بمهمة تقييم »الفتاوي« فتلك لها أهلها لكنه أراد فقط أن يلفت الأنظار إلي خطورة ما يجري حالياً »بعدما كثرت أعداد المفتين، ومع بروز الفضائيات الدينية التي أصبحت تتناسل كالأرانب، ومع الانتشار السريع للإنترنت بشكل لم يعد ممكنًا مراقبة محتوياتها وبرامجها وفتاويها، فقد بتنا لاننام ولا نصحو إلاّ علي فتوي جديدة، وأصبح بعض مشايخنا ينافسون نجوم الفضائيات لكثرة ظهورهم فيها. وظهر شيوخ يفتون في كل شيء.. فيما يعلمون و فيما لا يعلمون: من الطب، مروراً بالتكنولوجيا، وصولاً إلي السياسة! وأمام غرابة بعض تلك الفتاوي التي لا تتواءم حتي مع بشر يعيشون في القرون الوسطي، والتي حولت صور المسلمين في العالم إلي صورة كاريكاتورية مضحكة.. أصبح السؤال الملح، والدائم، يدور حول »مدي حاجة المجتمع إلي فتاوي ومفتين وفضائيات للإفتاء؟! لم يبالغ الكاتب د. الصويخ فيما قاله، و سأل عنه. فنظرة خاطفة إلي »الفضائيات«، خاصة القنوات الدينية، لا بد أن تقنعك عزيزي القاريء، المشاهد بأن المسلم لم يعد ينطق بكلمة، أو يتحرك خطوة، إلاّ بعد سماعه »فتوي« تبيح النطق، وتبارك الخطوة! ورغم الحاجة الملحة لتحديد جهة »الإفتاء« في شخص واحد، أو هيئة من كبار العلماء المتخصصين.. فقد لوحظ أن هناك معارضة لهذا التحديد، مما يمثل رفضاً للقرار الحكيم الذي أصدره الملك عبدالله بن عبد العزيز! المعارضة والرفض لم يصدرا سراً، كما لم يسمعا همساً! علي العكس كانتا علنيتين، و عاليتين! وحرص الموقع علي بث سطور منسوبة لأصحابها وتتضمن انتقاداً للقرار الملكي، أو رفضاً صريحاً له، أو تشكيكاً في صلاحيته.. علي افتراض تنفيذه! الباحث السعودي: »منصور النقيدان« توقع فشل القرار قائلاً:» إن الفقه السني يرفض التراتبية وحصر الفتوي..«. ولم يتردد »النقيدان« في وصف مؤيدي قرار الحظر والحصر بأنهم » من الأغبياء«! وبطريقة »الحل الوسط« قال الكاتب السعودي »عبدالله أبو السمح« ، مطالباً بالتفريق بين »الرأي« و »الفتوي«. وأوضح في مقال نشر في صحيفة »عكاظ« قائلاً: »يجب ألاّ نمنع حرية البحث والدرس في النصوص واستخراج تفسيرات حديثة، علي أن تكون النتائج مجرد آراء قد تتحول إلي فتاوي بشرط موافقة مجامع الفقه أو مؤسسة الإفتاء«. أما الناشط الإسلامي: »د.محسن العواجي« فقد أكد أنه »من المستحيل أن يبقي الناس علي رأي واحد في ظل الثورة المعلوماتية«، ثم انتقل بعد ذلك مشيراً إلي »ضعف هيئة كبار العلماء، وضعف مصداقيتها، و مطالباً في الوقت نفسه بهيئة مستقلة للفتوي«. .. الخلافات بين مؤيدي حصر الفتاوي بأعضاء هيئة كبار العلماء، وبين المطالبين بالإبقاء علي إطلاقها »سداح مداح«.. لم تنته. إبراهيم سعده [email protected]