ترك قلبه وعقله في أرض الكنانة عندما فارقها لمقر اقامته الدائم بعاصمة الضباب والتي قاربت علي نصف قرن من الزمان. ورغم خبرة السنين وحكمة الطبيب الممتزجة باليقين بقدرة الخالق عز وجل فان قلبه الناصع البياض مازال يزداد خفقانه مع تواتر أخبار عن أي مشكلة أو انفلات يحدث في مصر فلطالما حلم لها بالاستقرار لتبدأ مسيرة النهوض من الكبوات التي تعرضت لها. يتابع كل شاردة وواردة.. لايتعجل اصدار الأحكام قبل أن يقف علي كل المعلومات والحقائق التي تجعله قادرا علي التقييم الدقيق للأحداث. لديه قناعة كاملة بأن الجراحة الدقيقة قد تكون أقصر الطرق لعلاج أوجاع الوطن فلطالما عالج أوجاع القلوب العليلة بجراحات ناجحة. الجيش أدار المرحلة الانتقالية بكفاءة وسيظل رمانة الميزان في البلاد جراح القلب المصري العالمي د. محمد ذهني فراج أستاذ ورئيس قسم جراحة القلب بجامعة لندن كان في زيارة للقاهرة والتقته »الأخبار« في حوار من القلب اعرب فيه عن ثقته في أن الرئيس محمد مرسي سيتخلي حتما عن أي سيطرة من جانب جماعة الاخوان المسلمين وستكون له قراراته المستقلة تماما التي تعلي مصالح الوطن علي مصالح أي فئة أو جماعة أو حزب مطالبا بعدم التعجل في اصدار الحكم علي أدائه قبل الحصول علي فرصته الكافية فليس بمقدور أي شخص أن ينسلخ بين يوم وليلة من كل شيء. وأشار الي أن علاقة الرئيس مرسي بالمجلس العسكري تتسم باللباقة والحيطة والذكاء وتنبيء عن أنه لن يكون رئيسا صوريا كما حاول البعض الترويج له. وأعرب عن سعادته بتجاوز مصر لأزمة قرار الرئيس باعادة مجلس الشعب بأمان وقد استفاد منها الجميع وفي مقدمتهم الرئيس الذي تراجع عن قراره وعادت الأمور لنصابها الصحيح . هل يمكن الحكم علي أداء الرئيس الدكتور محمد مرسي خلال تلك الفترة القصيرة ام أن الوقت لازال مبكرا للحكم علي هذا الأداء؟ - في البداية لابد أن نشير الي أن مصر قد نجحت نجاحا كبيرا في اجراء أول انتخابات رئاسية نزيهة في تاريخها وسيذكرها التاريخ وسيقف أمامها طويلا.. فمصر قد كسبت بأسرها من هذه الانتخابات. والآن أصبح د. مرسي هو الرئيس الشرعي للبلاد نتيجة انتخابات ديمقراطية وأصبح من العبث الحديث عن النسبة التي فاز بها حتي لو فاز بصوت واحد.. ففي انجلترا لو فاز حزب المحافظين مثلا بنسبة نصف في المائة فقط يتولي الحكم مباشرة ولا يدور حديث عبثي عن النسبة التي فاز بها والجميع يعطي له الفرصة للعمل ثم الحكم بعد ذلك علي أدائه وهذا مايجب أن يحدث في مصر وتعطي الفرصة كاملة للدكتور مرسي ولانتعجل الحكم عليه . وكيف استقبلتم قرار الرئيس باعادة مجلس الشعب؟ - في باديء الأمر استغربت من القرار رغم ماأعلنه في خطابه بجامعة القاهرة من اعادة المجالس المنتخبة لكن توقعنا اعادة الثلثين وفقا لتحليلات بعض القانونيين. وقد زاد من البلبلة ظهور أعداد كبيرة من القانونيين علي شاشات الفضائيات وكل منهم يدعي أنه صاحب الحكمة والرأي السديد.. وكلنا يعلم بأن المحكمة الدستورية قرارها قاطع وحاكم لابد من احترامه .وكان ينبغي التعامل مع الحكم بالطرق القانونية. ويستطرد د. ذهني فراج قائلا: لكن مايدعو للتفاؤل أننا خرجنا من هذه الأزمة بأمان فالمجلس العسكري تعامل بحكمة ولم يحدث انقلاب عسكري كما توقع الكثيرون ..والقضاء خرج شامخا ووقف أمام القرار بتحضر.. والرئيس تراجع عن قراره وعادت الأمور الي نصابها . هل تعتقد بأن الرئيس اتخذ هذا القرار عن قناعة أم تحت ضغط من جانب جماعة الاخوان المسلمين؟ أيما كان الدافع للقرار فأتمني أن يكون الرئيس قد استفاد مما حدث ومن تداعياته ..ويجب أن يحيط نفسه بطبقة من المستشارين الذين تتوافر فيهم الكفاءة والترفع عن المصالح الشخصية والحزبية واعلاء المصالح العليا ووضعها فوق أي اعتبار حتي لاتتكرر مثل هذه الأخطاء . لكن ألم يكن ذلك مؤشرا أن الرئيس قد يظل أسيرا لتوجهات ومصالح جماعة الاخوان المسلمين؟ - يجب ألا ننسي أن الرئيس ينتمي لحزب الحرية والعدالة بل كان رئيسا للحزب وقد تم انتخابه علي هذا الأساس ولايجب أن نحاسبه علي انتمائه ومشاعره تجاه هذا الحزب وجماعته ..بل يجب محاسبته علي مدي اتساق قراراته مع المصالح العليا للبلاد وأكد د. ذهني فراج علي أن الرئيس مرسي أذكي بكثير من أن يظل أسيرا حتي لجماعة الاخوان لكنه لايستطيع أن ينسلخ بين يوم وليلة منها وأشار الي ماقاله الرئيس أنور السادات فور توليه الحكم عندما أكد أنه سيسير علي خطي عبد الناصر وسياسته حرفيا ..لكنه حكم مصر بعد ذلك كأنور السادات.. وأعتقد أن الرئيس محمد مرسي سيكون كذلك . هل لديك مؤشرات علي ذلك ؟ نعم هناك مؤشرات في منتهي الأهمية وهي: الأول :خطاباته والمعاني والرسائل التي تحملها . الثاني :علاقته بالمجلس العسكري والتي تتسم باللباقة والذكاء والحيطة وتدل بشكل قاطع علي أنه لن يكون رئيسا صوريا كما تصور الكثيرون لكنه بنباهته يحصل علي صلاحياته شيئا فشيئا ..من هنا أتوقع أن يكون رئيسا ناجحا حتي لو ظل رئيسا لحزب الحرية والعدالة .ويجب ألا ننسي أن رؤساء الأحزاب في كل دول العالم يحكمون. الصفقات مع أمريكا وماذا عما يتردد عن الصفقات مع الادارة الأمريكية ومايمكن أن تفرضه أمريكا علي مصر مستقبلا؟ يجب أن ندرك جميعا مدي أهمية مصر ودورها المحوري في العالم وهذا أمكن استنتاجه بسهولة من اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التي تزامنت مع نتائج الانتخابات اليونانية فقد حرصت كبريات وسائل الاعلام ومحطات التلفزيون العالمية علي نقل المؤتمر الصحفي الذي تم فيه اعلان نتائج الانتخابات المصرية كاملا علي حين اكتفت باذاعة خبر مقتضب عن نتائج الانتخابات اليونانية رغم أهميتها لمستقبل الاتحاد الأوربي . وطالب د. ذهني فراج بعدم اعطاء أمريكا وأوربا أكثر مما ينبغي فالأمريكان يؤيدون دائما الورقة الرابحة في أي مكان في العالم وهم يعرفون من خلال أجهزة مخابراتهم ومعلوماتهم أين تتجه البوصلة ويبنون سياستهم وفق ذلك ..ويجب ألا ننسي أنهم أيدوا الخوميني ورفضوا حتي استقبال حليفهم الاستراتيجي الشاه . تصريح هيلاري كلينتون أثناء زيارتها مؤخرا لمصر حول عودة الجيش لثكناته أثار استياءا كبيرا وربما زاد ذلك من التخوفات حول التدخلات في الشأن الداخلي فكيف يمكن تفسير هذا الموقف؟ - هذا تدخل سافر لا يصح و كان يجب الرد عليها لانه اذا كانت الولاياتالمتحدة تساعدنا فهذا لا يعطيها حق التدخل في شئوننا الداخلية و نحن بالنسبة لهم اهم من المعونة مئات المرات فمصر اكبر دول العالم العربي كثافة سكانية ولكنهم ربما يخشون من المد الاسلامي وتكون هناك وحدة عربية حقيقية بالموارد البشرية والاقتصادية قد تهدد المصالح الامريكية والغربية . ماهي الاولويات التي يجب ان يضعها الرئيس مرسي في مقدمة اهتماماته؟ - الانفلات الامني لازال قائما والغلاء والبحث عن لقمة العيش للفقراء لازال الشغل الشاغل لهم و البنية الاساسية المتهالكة التي تحتاج لصيانة وتدعيم والفوضي في كل اتجاه والفساد منتشر في كل المؤسسات كلها جميعا موضوعات عاجلة لا تحتمل التاخير واستطرد قائلا : مصر تعاني من انفلات امني و اقتصادي وسياسي واخلاقي و لا بد من البدء في القضاء علي الانفلات فالانفلات الاخلاقي قد يتسبب في ضياع البلاد فقد اصبح اخطر من الانفلات الامني فهي منظومة مختلة واصلاحها لا يحتمل الانتظار كما يجب أن تتوقف فورا ظاهرة الاضرابات الفئوية مهما كانت مشروعية المطالب. الرعاية الصحية والتأمين وماذا عن باقي الاولويات؟ هناك ملفان في منتهي الأهمية وهما الرعاية الصحية و التعليم ففي مجال الرعاية الصحية الامر الذي تحتاجه حاليا و بشكل فوري هو الرعاية الصحية الاولية فلا يهمني افتتاح قسم لجراحة القلب في كل شارع بل الاهم اعادة بناء المنظومة الصحية وتطبييق نظام التامين الصحي الشامل و مستعد ان اشارك في وضع خريطة للتامين الصحي الشامل في مصر من اول ميلاد الطفل و حتي الوفاة. وأشار ان التامين الصحي في انجلترا احسن نظام للتامين الصحي في العالم فلايمكن ان يموت انسان لانه لايمتلك مصاريف العلاج فكل الادوية للاطفال حتي بلوغهم 16 عاما تصرف بالمجان و ايضا كل من تجاوز الستين عاما . قلت لمحدثنا.. ولكن كيف يمكن لدولة في ظروف مصر ان توفر تكاليف هذا النظام المأمول؟ - قبل أن نسأل هذا السؤال لابد أن نتساءل عن المليارات التي كان يتم انفاقها علي نظام العلاج علي نفقة الدولة.. ومايتم انفاقه علي نظام التأمين الصحي الحالي. وأيضا مايتم انفاقه علي السفر للعلاج بالخارج رغم أنهم لايستحقون ذلك. وفي انجلترا كل من بلغ 18 عاما يدفع مبلغا للتأمين الصحي يتراوح بين 3 و4 جنيهات أسبوعيا ويدفع شهريا ومن لايعمل يدفع من اعانة البطالة والزوجة التي لاتعمل يدفع لها زوجها هذا المبلغ فالتأمين الصحي يشمل الجميع وجميع مستشفيات الدولة التابعة للصحة والجامعة وغيرها تتبع جهة واحدة هي وزارة الصحة. أما في مصر فهناك المستشفيات التابعة للصحة وأخري تابعة للتعليم العالي بالاضافة للتابعة للجيش والشرطة. وهو الأمر الذي يجب تصحيحه وأن تخضع جميع المستشفيات لجهة واحدة . وماذا عن التعليم ؟ - انه أحد المآسي في مصر.. ان كانت نسبة الأمية 40٪ حقا وان كان الكثير من الحاصلين علي الشهادتين الابتدائية والاعدادية يجهلون القراءة والكتابة. كما أن جميع مناهج التعليم في مصر تحتاج لمراجعة وتنقيح .كما أن مصاريف الدروس الخصوصية من الابتدائي حتي الجامعة تفوق الحصر ويضطر الكثير من أولياء الأمور للسرقة لتوفير مصاريف هذه الدروس. ويستطرد قائلا: اننا نسير في مصر في حلقات مفرغة ولابد من كسرها ونعالج تلك المنظومة المختلة في اطار رؤية متكاملة . البحث العلمي وماذا عن البحث العلمي ؟ لايمكن أن يكون عندي التعليم في مختلف مراحله من الابتدائي حتي الجامعة علي هذا النحو من التردي وأتحدث عن البحث العلمي منفصلا فالخلل الذي أصاب البحث العلمي يعد امتدادا للخلل الذي أصاب المنظومة التعليمية برمتها.. فهناك أكثر من 90 ٪ من الأبحاث العلمية التي تقدم للترقية بالجامعات من درجة مدرس لدرجة أستاذ مساعد ثم منها لدرجة أستاذ لاقيمة لها ولا تعد أبحاثا علمية بالمعني المعروف . فمصر في حاجة لثورة حقيقية في البحث العلمي ويجب أن نستفيد من كل التجارب الناجحة في العالم في هذا المجال ويحدث تلاحم حقيقي بين كافة المؤسسات الصناعية والشركات الكبري والجامعات في هذا المجال لاتاحة التمويل من جهة وحل مشاكل الصناعة من جهة أخري.. ويجب أن نبدأ في غرس مباديء البحث لدي أطفالنا منذ الصغر ليعرفوا أولا كيف يبحثوا عن المعلومة الصحيحة ويستفيدوا منها. وأثني د. ذهني فراج علي مشروع مدينة د. زويل للعلوم وغيرها من المشروعات البحثية والعلمية المتميزة لكنها لن تكون كافية بمفردها في تحقيق النقلة المطلوبة في هذا المجال. فمثل هذه المشروعات يجب أن تستقبل خلاصة العقول من النوابغ في كل مراحل التعليم حتي يمكن اجراء أبحاث تحقق نتائج تكون جديرة بالحصول علي جوائز نوبل وغيرها من الجوائز العالمية . وهل تؤثر حالة الانفلات والفوضي التي نعيشها علي قلوب المصريين ؟ - بالتأكيد ..فالشد النفسي أهم العوامل التي تؤدي للاصابة بمرض تصلب الشرايين التاجية وهذا المرض قد تزايد في مصر بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة وتغيرت خريطته فلم نعد نجد المرضي في المرحلة العمرية التي تتراوح بين ال50 وال70 عاما فقط بل بدأت تظهر بين الشباب في أواخر العشرينات والثلاثينات من العمر وهذا نذير خطر يجب أن نتوقف أمامه طويلا .وهنا يشير الي ضرورة تلافي العوامل المسببة لهذه الأمراض للحفاظ علي قلوب المصريين ومن أهمها: محاربة ظاهرة التدخين والتلوث البيئي والنظام الغذائي والأهم هو الحد من الضغوط النفسية والعصبية ان كنا حقا نريد جيلا صحيحا قادرا علي العمل والانتاج . قلت للدكتور ذهني فراج.. نعود ثانية للشأن العام بعيدا عن الطب ..ماهو تصورك للدستور الجديد وكيف تقرأ قرار الرئيس بتحصين الجمعية التأسيسية المكلفة بوضعه؟ - مهما حدث واذا تم اختيار أي 100 شخصية فالأمر لن يخلومن انتقادات وستجد من يرفعون القضايا لأتفه الأسباب.. وكتابة الدستور ليست بالمعضلة ولدينا القواعد الأساسية في دستور 54 و71 من هنا فلا ضير من قرار الرئيس بتحصين هذه اللجنة علها تنتهي من عملها في أسرع وقت ممكن حتي تستقر البلاد ولاتنسي أنه سيكون هناك استفتاء علي الدستورقبل اقراره ويجب أن يسبق طرحه للاستفتاء أن يتم عرضه تفصيليا ونشره من خلال وسائل الاعلام واجراء مناقشات واسعة حول كل مواده. هجرة الأقباط وماذاعما ينشر حول تزايد هجرة الأقباط للخارج عقب فوز الدكتور مرسي وماصدي تلك الأخبار في الغرب؟ - أعتقد أن مايتردد في هذا الشأن مجرد أوهام ودعاية وحوارات علي مستوي الاعلام لاظل لها في الواقع حتي وان كانت هناك حالات فردية فلا يجب التعميم في كل شيء.. ولاتنسي أن تركيبة الشعب المصري وطبيعته وعمق ارتباط أبنائه مسلمين ومسيحيين سيظل الصخرة التي ستتحطم عليها كل هذه المحاولات اليائسة لزرع الفتن وقد كنت ألعب في صغري مع أولاد جارنا القسيس واستمر هذا الارتباط ولازال مع أصدقائي وهم في الغرب يدركون هذه الحقيقة باستثناء بعض المغرضين في الاعلام .وأشار الي أن ذلك لاينفي وجود متطرفين من الجميع لكن جسد المجتمع المصري في هذا الاطار لازال بخير . وماهو صدي بعض فتاوي الاسلاميين في الغرب ؟ وما موقفهم من السياحة في هذه الظروف؟
- فتاوي ارتداء المايوه وشرب الخمر بالنسبة للسياح وغيرها كلام فارغ لايعطيه أحد هناك آذان صاغية فهم يحضرون لمصر ويرون كيف تسير الأمور بصورة طبيعية ..لكن الأمر الأخطر هو حوادث خطف السياح كرهائن فحوادث الخطف التي شهدتها سيناء مؤخرا لبعض السياح كان تأثيرها أخطر بكثير من مثل تلك الفتاوي المضحكة . ويجب أن يتم محاسبة كل من يصدر مثل تلك الفتاوي التي لاتصدر بالتأكيد عن علم ديني رشيد . الجيش.. والدستور كثر الحديث مؤخرا عن وضع الجيش في الدستور الجديد وضرورة استقلاله بكل مايتعلق بشئونه نظرا لطبيعة الدور المنوط به في حماية الأمن القومي للبلاد فكيف تري هذا الوضع للمؤسسة العسكرية ؟ - لابد من الاشارة الي أن التاريخ سيذكر للجيش أنه أجري أنزه انتخابات وسلم السلطة لأول رئيس مدني للبلاد ..كما حمي مصر من مجازر دموية وعبر بالثورة لبر الأمان كما حمي البلاد من أزمات كثيرة وأدار تلك المرحلة بكل مخاطرها وأحداثها الجسام بكفاءة واقتدار. ومصر في الفترة القادمة ستحتاج للجيش ليكون بمثابة رمانة الميزان في البلاد خاصة في تلك الفترة غير المستقرة وحتي يتم الانتهاء من كافة مؤسسات المجتمع . ويستطرد الدكتور ذهني قائلا : الجيوش في كل دول العالم لها طبيعتها الخاصة الناجمة عن طبيعة مهامها التي تتسم بقدر كبير من السرية.. ففي البرلمان الانجليزي علي سبيل المثال لم نسمع مرة عن مناقشات علنية حول أمور الجيش رغم أن وزير الدفاع مدنيا ويأتي من الحزب الحاكم ويكون المسئول الثالث بعد رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وزير الدفاع يلقي بياناعاما.. لكن المناقشات المتعلقة بالموزنات وعدد وحدات الجيش والمحطات النووية وغيرها تظل بعيدة عن التناول العلني وذلك رغم أن انجلترا دولة مستقرة سياسيا. كما أن الجيش في تركيا ظل حافظا لتوازن الدولة ورغم ذلك شهدت نهضة اقتصادية غير مسبوقة. من هنا فالدستور الجديد يجب أن يحرص علي التعامل مع المؤسسة العسكرية من واقع الدور الحيوي المنوط بها وطبيعة مهامها خلال المرحلة القادمة .. ولا شك في أن الحفاظ علي هيبة الجيش وتماسكه أمر لا يحتمل جدلا أو عبثا . وأخيرا أسأل محدثنا: وهل لازلت متفائلا رغم كل هذه الظروف التي تمر بها البلاد بالقدرة علي العبور الآمن بها للمستقبل المأمول ؟ - نعم أنا متفائل جدا ومسقبل مصر في القريب سيكون عظيما جدا.. ويكفي أن كل مسئول في مصر أصبح يدرك أنه سيتم حسابه في أي لحظة وأن رئيس الدولة ذاته يمكن اسقاطه اذا استشعر الشعب أن أداءه لم يكن علي مستوي طموحاته .فمصر لن تعود للوراء فقط تحتاج لتكاتف جهود كل أبنائها في مختلف المجالات وأن يضع الجميع مصالح الوطن العليا فوق أي اعتبار.