لم يفاجئني قرار رئيس الجمهورية بإعادة مجلس الشعب الباطل. الساذجون فقط هم من تصوروا أن القسم باحترام القانون والدستور ثلاث مرات في اليوم، سوف يمنع العدوان علي الدستور وإهدار سلطة القضاء!! والغافلون فقط هم الذين تصوروا أن الحديث عن المصالحة الوطنية سوف يوقف الصراع أو يمنع الثأر، أو يمنع مخطط وراثه مصر والهيمنة علي كل مؤسساتها!! مع كل الاحترام لأساتذة القانون وفقهاء الدستور، فنحن لسنا أمام خلاف دستوري أو نزاع علي الاختصاصات.. بل نحن أمام صراع حاسم علي مستقبل مصر المهددة الآن- وكما لم يحدث من قبل- بالدخول في نفق مظلم نعيد فيه انتاج أزهي عصور التخلف والاستبداد في ثوب جديد!! لم يفاجئني قرار الرئيس مرسي.. فالرجل ليس قادما من جمعية خيرية، بل هو قادم ومعه مشروع لتغيير هوية الدولة بصورة كاملة والقضاء علي طابعها المدني. وهو قادم بإدراك تام بأن السيطرة علي كل مؤسسات الدولة هي الطريق لتحقيق هذا المشروع.. ولا ذنب له إذا لم يدرك الآخرون ذلك، أو إذا أدركوا ثم وقفوا عاجزين!! لم يفاجئني قرار الرئيس مرسي الذي يمثل عدوانا غير مسبوق علي سلطة القضاء. ربما كانت المفاجأة فقط في الاستهانة بباقي مؤسسات الدولة وبالقوي السياسية الأخري وبالرأي العام، فلو كان هناك حساب لهؤلاء لما اتخذ مرسي قراره بعد ساعات فقط من اجتماع مكتب الارشاد، ولما أصدر القرار في نفس اليوم الذي التقي فيها المبعوث الأمريكي الذي جاء ليجدد دعم واشنطون له ووقوفها بجانبه!! يعرف الرئيس مرسي أن البرلمان باطل، وأن قراره بإعادة مجلس الشعب باطل، وأن إهدار أحكام القضاء والاستهانة بالدستور باطل في باطل!! وتعرف القوي الوطنية أن عليها ان تقاوم هذا الباطل حتي النهاية وقبل اكتمال الكارثة، ولكننا ونحن نقاوم هذا الباطل- لابد ان نسأل المجلس الأعلي للقوات المسلحة: ماذا فعلتم بنا أيها السادة؟!.. تسلمتم دولة مدنية، وها أنتم تسلمونها والشارع في يد عصابات الأمر بالمعروف، والحكم في يد من يهينون أحكام القضاء ويدوسون علي الدستور، والدولة تسير إلي نفق مظلم في ظل الهيمنة علي مقدراتها والاستحواذ علي مؤسساتها.. ماذا فعلتم بنا أيها السادة؟! ماذا فعلتم بمصر؟!