إلهام أبوالفتح ظاهرة غريبة أصبحنا نراها هذه الأيام.. فقد انتقلت المظاهرات الفئوية والطلبات الشعبية إلي أمام قصر الرئاسة المعروف بالاتحادية ولم تعد أمام مجلس الوزراء.. أو أمام مجلس الشعب أو حتي في ميدان التحرير. والغريب ان سائقي التاكسي.. والمتسولة التي تقف علي شريط المترو.. وعمال مصانع كليوباترا.. وضحايا شركة أجواء.. ضحايا المعتقلين.. والألتراس. كل هؤلاء دخلوا إلي رئيس الجمهورية يعرضون مشاكلهم الفئوية.. وبساطة رئيس الجمهورية ولقائه حتي بالمتسولين ظاهرة طيبة وجميلة شعبيا ولكنها مقلقة جداً لمن ينتظر من الرئيس أن ينتشل مصر من كل مظاهر الفوضي التي عانينا منها علي مدي أكثر من عام ونصف العام عندما توقف الجميع عن العمل وتفرغوا لانتظار السماء التي سوف تمطر ذهبا وفضة.. وبسبب هذا قارب الاحتياطي النقدي علي الانتهاء وتوقف النشاط الاقتصادي في مصر.. وانهارت البورصة.. وغير ذلك مما عانينا منه واستطاعت الحكومة والمجلس العسكري علي قدر استطاعتهم أن يحدوا ولو قليلا من نزيف الاقتصاد. اليوم ومع بدء عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي.. نريد أن تعود دولة القانون.. نريد ألا يترك العمال مصانعهم ويذهبوا للرئيس مرسي.. ويترك المدرسون مدارسهم ويذهبون للرئيس.. ويترك الأطباء مستشفياتهم.. وتتوقف حركة العمل في الدولة لأن رئيسنا البسيط المتواضع يقابل الجميع! هذا تصرف إنساني جميل ولكنه يضرب مؤسسات الدولة في مقتل ويحمل الرئيس مسئوليات ليس من مسئولياته الجسام الذي عليه أن يقوم بها خاصة بعد عام ونصف العام من انهيار مؤسسات الدولة وانهيار قيم العمل والتعدي علي الشرعية والقانون وعدم احترام الوزراء والمسئولين والتطاول علي كل ما ينظم العمل ويحفظ الاستقرار في مصر. لقد أعلن د. محمد مرسي رئيس مصر المنتخب انه سيبدأ علي الفور مشروع النهضة.. لتحقيق نهضة مصر وهذا يعني أن دعم الاقتصاد.. وأول بنود تنشيط الاقتصاد وضمان دوره هو تحقيق الاستقرار وإرساء مبادئ القانون وقيام مؤسسات الدولة بدورها.. وأن من لديه شكوي لا يلجأ للتظاهر أو وقف العمل أو إغلاق أبواب المصانع.. بل يذهب إلي الجهة الرسمية التي تقوم بمراجعة حقوق العامل وحقوق صاحب العمل.. أو تقوم بمراجعة التزامات الموظف وواجباته وتضمن له الحصول علي حقوقه في حال قيامه بالتزاماته. كل هذا ليس من مسئولية رئيس الجمهورية.. حرام أن تنتقل الاعتصامات والمطالب الفئوية من داخل المصانع والمدارس والميادين إلي مقر رئاسة الجمهورية.. فتتسبب في تعطيل رأس الدولة ووراءه مهام جسام في فترة حرجة. لا يصح أن توافق علي هذا تحت شعار سماع آراء الناس.. فعلي كل مسئول أن يقوم بواجبه وعلي كل صاحب مظلمة أن يعرف ما هو من حقه وما هو ليس من حقه وأن يقتنع أنه سيأخذ حقه بالقانون في دولة تحترم القانون والشرعية.. ولا تحكمها الحناجر والأصوات العالية.. نرفض أن يتحول قصر الاتحادية إلي »هايدبارك«.. مصر تريد من الرئيس الكثير.