بوتين يشارك افتراضياً في لحظة تاريخية بمصر.. تركيب وعاء أول مفاعل نووي بمحطة الضبعة    إيهاب الخولي: الرئيس السيسي يثمن إرادة المصريين ويؤكد على الشفافية    وزارة الاتصالات توقع بروتوكول تعاون لتنفيذ مبادرة «الرواد الرقميون»    رئيس جامعة العريش يترأس الملتقى العلمي الثالث لكلية الطب البيطري    مصطفى الفقي: نبارك زيارة بن سلمان لأمريكا.. ونجاحها يصب في صالح المنطقة    التعادل يحسم موقعة البرازيل ضد تونس فى غياب الجزيرى وبن رمضان    بركلة جزاء.. البرازيل تتعادل مع تونس وديا    الكرة النسائية.. أسيك ميموزا يتأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا بعد الفوز على مسار بهدف نظيف    حماية المستهلك يعزز رقابته على الأسواق ويضبط 74 طن لحوم وأضاحي غير صالحة للاستهلاك الآدمي قبل تداولها    حملات لفرض الانضباط في حي العجوزة    أسماء 3 شباب ضحايا حادث تصادم بالقنايات في الشرقية    وكيل تعليم الفيوم يجتمع بموجهي العموم لمتابعة التقييمات والاستعداد لامتحانات الفصل الدراسي الأول 2026    هند الضاوي: إسرائيل لا تحترم إلا القوي.. ودعم السلطة الفلسطينية ضرورة عاجلة    الشركة المسؤولة عن أعمال عمر خيرت: حالة الموسيقار مستقرة وتتحسن يوميًا    أحمد موسى: الرئيس السيسي استلم البلد وكانت كل حاجة على الأرض    رمضان 2026| انطلاق تصوير «اتنين غيرنا» ل آسر ياسين ودينا الشربيني    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    منتخب فلسطين يخسر وديًا أمام كتالونيا وسط تضامن جماهيري ورسائل إنسانية مؤثرة    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى الأحد    بمشاركة لاعب الزمالك.. السنغال تفوز على كينيا بثمانية أهداف    منافس مصر - بمشاركة شيكو بانزا كبديل.. مابولولو يقود أنجولا لفوز صعب على زامبيا    فعاليات دولية لإحياء اليوم العالمي للصلاة والعمل من أجل الأطفال    ياسر ثابت: إدارة ترامب لا تسعى لمعركة طويلة الأمد في فنزويلا    5 ديسمبر.. مين بيحاور مين؟ جلسة فنية بين وليد طاهر ومايا فداوي بمهرجان توت توت    فليك يلجأ لورقة شبابية لحل أزمة الظهير الأيمن في برشلونة    أطعمة لا يُنصح بتناولها مع القهوة.. تعرف عليها    "تعليم القاهرة" تشدد على أهمية تطبيق لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي    إطلاق الموقع الإلكترونى الرسمى المخصص لمؤتمر اتفاقية برشلونة cop24    بغياب نجمي ريال مدريد والإنتر.. تشكيل تركيا لمواجهة إسبانيا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    لأصحاب المعاشات.. اعرف إزاى تحول وتصرف معاشك لكارت ميزة أو حساب بنكي    اشتباكات عنيفة في كردفان.. الجيش السوداني يستعيد مناطق ويواصل التقدم نحو دارفور    حماة وطن ينظم مؤتمر حاشد لدعم مرشحه محمود مرسي بالقليوبية    «المالية» تمد عمل الدائرة الجمركية المؤقتة لساحات تخزين «قناة السويس لتداول السيارات»    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    على أنغام الحب كله.. أحمد حلمي يتغزل فى منى زكى بعيد ميلادهما.. فيديو    لقاء تنسيقي بين "الكهرباء" و"الأكاديمية الوطنية للتدريب" لتعزيز التعاون وبناء القدرات    «تنمية المشروعات» ينفذ خطط للتحول الرقمي لحصول المواطنين على خدماته    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    ترامب يستقبل الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض    وكيل تموين الإسكندرية يقود حملات مع رئيس حى المنتزه على الأسواق    مياه الأقصر تبدأ تنفيذ البرنامج التدريبي لمكلفات الخدمة العامة | صور    تعرف على السبب الحقيقى وراء عطل Cloudflare العالمى اليوم    تفاصيل خطة تطوير المطارات ورفع كفاءة إجراءات دخول السائحين    طريقة عمل المكرونة بالفراخ والصوص الأبيض فى الفرن    تحرير 112 مخالفة عدم غلق المحلات في مواعيدها    تقرير "آرسيف 2025": جامعات مصرية تتصدر الجامعات العربية في "الأثر البحثي"    الكنيسة تحتفل اليوم بتذكار تجليس البابا تواضروس ال13    التحقيق في حادث غموض مصرع ميكانيكي بالشرقية    مصر تواصل دعم سكان غزة بخيم ومساعدات عاجلة عبر معبر رفح    دار الكتب يشارك بندوة "المرأة في تراث العلوم والفنون الإسلامية" بمكتبة الإسكندرية    "القاهرة الإخبارية": غارات إسرائيلية على المناطق الشرقية من غزة شمالي القطاع    الرئيس الأمريكي يتعهّد بخفض الأسعار    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    ترامب يستفسر عن أرباح أمريكا من كأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكل أدب
ثلاث خطب للنوايا فمتي خطبة العمل؟
نشر في الأخبار يوم 01 - 07 - 2012


عزت القمحاوى
أكتب بعد ثلاث خطب للرئيس محمد مرسي، خطبة الميدان، خطبة المحكمة الدستورية، وخطبة جامعة القاهرة. الخطب الثلاث في أربعة وعشرين ساعة ولم تعكس تباينًا في المضمون بين خطبة وأخري بما يتناسب مع ترتيبها واختلاف أماكنها وتباين جمهورها.
بالتأكيد، لا يمكن إغفال وجود الكاميرات التي تبث مباشرة إلي الجالسين في البيوت بما يجعل الخطب الثلاث لكل المصريين من جهة، ولكن من جهة أخري فإن الخطبة الأولي لجمهور الثورة في الميدان والثانية أمام إحدي مؤسسات الدولة لحظة القسم، والثالثة أمام جمهور من النخبة، وإن لم تخل القاعة من أمهات الشهداء الذين أولتهم الخطب الثلاث اهتمامًا يستحقونه ويجب أن يكتمل بالقصاص العملي.
لم تختلف الخطب الثلاث في المضمون إلا القليل الذي يتعلق بطبيعة المكان؛ فالخطبة الأولي توقف فيها عن طرح نوايا الرئيس ليهتف هتاف الثائرين ويستنهض الحاضرين للتكرار وراءه. ولأنه بين الثوار، أكد في الميدان علي تعهده بألا يكون شخص أو تكون مؤسسة فوق إرادة صناع الثورة، في إشارة تحد، بينما شكر الجيش والشرطة وإن جاء الشكر في المكان الرسمي أكثر حرارة. حار بأكثر مما يحتمل الخلاف الموجود والذي نضحك علي أنفسنا إن تعامينا عنه، وحار بالنسبة إلي تلميحة خطاب التحرير. ولم تخل الخطبة الواحدة من تناقضات في المضمون مثل التعارض بين عدم تصدير الثورة ووجوب وقف إبادة الشعب السوري. وهذه الإشارة بالذات تبين أن الرئيس لا يمكن أن يتخلص من مرجعيته الإخوانية المتهمة بتصدير الثورة، بينما دور مصر الرسمي لا يصح أن يكون علي الحياد، وإلا ما مبرر أن تكون قيادة إقليمية؟.. بخلاف ذلك لم يتقدم المضمون في الخطبتين التاليتين. كان من الطبيعي أن تأتي الخطبة الأولي لإعلان النوايا وحققت التفافًا حول الرئيس يحتاجه وتحتاجه الثورة إن نجح حقًا في تمثيلها. ولكن الاستمرار في خطب النوايا الحسنة يهدد اللغة في مقتل، ومن جملة الأشياء التي يجب إحياؤها بعد الثورة اللغة التي أماتها مبارك من طول الاستخدام الخاطيء للكلمات.
الكلمات الإنشائية العاطفية مثل "أهلي وعشيرتي" لا تسبب موت اللغة فحسب، بل تهدد التعاطف الذي حصده الرئيس في الخطبة الأولي. وكان من الضروري التقدم في الخطب التالية إلي برامج العمل التفصيلية التي ترضي المواطنين من أهل الفن المنسيين إلي سائقي التوك توك المذكورين، كل مواطن في مصر يريد أن يعرف كيف ستترجم نوايا الرئيس الحسنة إلي أفعال، ليس فقط لاختبار نواياه ورؤية برامجه العملية وإنما لمعرفة حجم الحرية التي سيتمتع بها في ظل بقاء النزاع مع المجلس العسكري علي الإعلان الدستوري المكمل وفي ظل تعلق جماعة الإخوان به، حيث لا يكف رجالها عن التصريح باسم الرئاسة وهي جماعة بلا صفة في هذا الشأن.
الذهاب إلي التحرير بعد إعلان النتائج هو بحد ذاته خطوة ممتازة، ليس كدليل علي استمرار الرئيس في الثورة، فهذا لا يسعد أحدًا لأن استمراره في الميدان يعني العودة إلي مرحلة أن يكون صاحب مطالب، بينما نريده الآن صاحب قرار. لكن امتياز الخطوة ينبع من كونه صار رئيسًا لا يخاف الحشد، لأن الخوف من الحشد دليل عدم صحة سياسية، ودليل انفصال بين السلطة والشعب.. ولكن الخطبة من حيث اللغة شابها الكثير من الفضفضة، خصوصًا في التفصيل الذي لا داعي له بذكر المهن والمناطق والفئات والطوائف. التفصيل بعد الإجمال أسلوب بلاغي يقوي المعني ويثبته في عقل السامع، مثله مثل التكرار الذي لجأ إليه الرئيس كثيرًا ولكن الأسلوبين البلاغيين لا يصلحان في كل الحالات؛ فالتكرار يجب ألا يكون إلا في حالتين: أن تكون الجملة ذروة في البلاغة وظهر للمتكلم استحسان الجمهور لها، والثانية أن تكون الجملة قد تشوشت بالتصفيق أو بصيحات الرفض، أما أن تعاد الجملة العادية فهذا ينقل انطباعًا سلبيًا لدي المستمع ويجعله يعتقد أن المتكلم لا يثق في فهمه.. وكذلك فالتفصيل الذي يغني عنه الإجمال لا يصبح بلاغيًا بل عبئًا علي المضمون. وفي تلك الخطبة تحول التفصيل إلي علامة فرقة لا اتحاد. كان يكفي أن يقول إنني مهتم بالمواطن حيثما كان، وهذا الاختصار من شأنه تلافي نسيان الفئات التي نسيها والمحافظات التي لم ينوه باسمها، مما جعله يضطر إلي استدراك من أنساه الشيطان ذكرهم. . وهذا الذكر للشيطان الآمر بالنسيان تعبير من جملة التعبيرات الدينية التي تناثرت هنا وهناك وبعضها استعارة من تجارب حكم أكثر من كونها دينية، مثل ترديد عبارة أبي بكر رضي الله عنه: "وليت عليكم ولست بخيركم" وكانت عبارة شديدة التقدم منذ خمسة عشر قرنًا. ولكنها تصلح لخليفة تم اختياره من النخبة في السقيفة ويخاطب جمهوره الأوسع، لكن الولاية في الحالة المعاصرة جاءت من الشعب نفسه ولا يصلح لها الفعل المبني للمجهول. وبالمثل كان تكرار "سأتقي الله فيكم" غير موفق سياسيًا، فالتقوي تضمن لصاحبها رضا الله ولا تضمن صحة القرارات، فقد يخطيء التقي لنقص المعلومات أو لانفراده بالقرار. ولهذا فإن التقوي تنفعه وإعمال القانون ينفع الشعب ولا يترك الأمر لتقوي الحاكم أو عدم تقواه.. هذا التلخيص لخطاب رئيس كل المصريين من اللغة الدينية إلي اللغة العملية ليس كراهية في الدين بل حبًا؛ لأننا يجب ألا نربط الدين بتجربة بشرية تواجه الصعاب إن فشلت يفشل معها الدين.. وفوق كل هذا نتمني ألا يغامر الرئيس بحوارات أو خطب نوايا مرة أخري، وأن يخرج إلي الناس في أول كلام قادم ببرامج تفصيلية لمشروع النهضة الذي لن تبنيه النوايا الحسنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.