قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    بعد الارتفاع الجديد.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الخميس 16 مايو بالبورصة والأسواق    الانخفاض يسيطر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 16 مايو بالمصانع والأسواق    نشرة التوك شو| :تفاصيل تخفيض قيمة التصالح حال السداد الفوري وأسباب تراجع سعر الدولار في البنوك    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    «مالوش تاريخ ومفيش مدربين في مصر».. رضا عبد العال يفتح النار على حسام حسن    صائد الجوائز، وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن عمر 70 عاما    «بسمة».. فريسة نوبات الغضب    فوائد تعلم القراءة السريعة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    عماد الدين حسين ل«الشاهد»: إسرائيل تستغل أحداث 7 أكتوبر لتنفيذ مخططات الصهيونية    غارات إسرائيلية انتقامية تستهدف حزب الله شرقي لبنان (فيديو)    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    بقيادة الملك الغاضب أليجري.. يوفنتوس يتوج بلقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    موعد مباريات اليوم الخميس 16 مايو 2024| انفوجراف    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    أختي تعاني من انهيار عصبي.. شقيقة ضحية أوبر تكشف آخر تطورات القضية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    تعرف على أسباب نقص معاش الضمان الاجتماعي 1445    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    فصائل عراقية تعلن استهداف موقع إسرائيلي في إيلات باستخدام الطيران المسير    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    الصحة الفلسطينية: شهيد ومصابان برصاص قوات الاحتلال في مدينة طولكرم بالضفة الغربية    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    أحذر تناول البطيخ بسبب تلك العلامة تسبب الوفاة    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    تعرف على رسوم تجديد الإقامة في السعودية 2024    بداية الموجه الحارة .. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير النقل يكشف مفاجأة بشأن القطار الكهربائي السريع    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمعة اليتيمة
نشر في المصريون يوم 10 - 10 - 2011

نشتكي كثيرا من سيطرة العلمانيين على معظم وسائل الإعلام الرسمية والخاصة ونرى أنها أحد أهم أسباب التراجع الأخلاقي والمحاولات الحثيثة لفصل الدين عن الحياة ، وهذا صحيح ولكن في نفس الوقت نمتلك وسائل أخرى أكثر فاعلية وأبلغ تأثيرا ومع ذلك نهملها ونتباطأ في تفعيلها والاستفادة منها. من ذلك خطبة الجمعة.
في مصر وحدها حوالي 100 ألف مسجد. مائة ألف خطبة جمعة ، مائة ألف لقاء أسبوعي يأتيه الناس طواعية متطهرين متزينين من كل الأعمار ومن كل طوائف المجتمع. يأتون وقد ألزمهم شرعنا الكريم باحترام هذا الجمع والإنصات للخطيب حتى نهاهم عن العبث بأي شيء أثناء الخطبة، فمن مس الحصى والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له. شرعنا الحكيم قد هيأ لنا وسيلة إعلامية لا منافس لها ولا نظير لها، ومع ذلك نفرط فيها. كيف نحيي قيمة خطبة الجمعة ؟ وكيف تصبح منارة للدعوة والعلم والتوجيه والإرشاد ؟
لقد تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الجمعة بنفسه حوالي عشر سنين، وتولاها من بعده خلفاؤه الراشدون حوالي ثلاثين سنة، فهذا اللقاء "الجماهيري" الأسبوعي كان مركز اهتمام الأكابر دائما ونريده أن يعود كذلك.
خطبة الجمعة شكل ومضمون. أما الشكل فإنه الوعاء الجميل لمضمون الخطبة المفيد. فالموعظة الهادفة والموضوع الحي والفكرة الأصيلة كلها يحتاج لقالب جميل يعرض فيه. أرأيتم التاجر الماهر كيف يجتهد في عرض بضاعته ؟ والسياسي الحاذق كيف يلف فكرته بحماسة مؤثرة وعواطف جياشة ؟ والمعلم الواعي كيف يقدم مادته العلمية مهما كانت جافة وصعبة، يقدمها في إطار جذاب وتبسيط غير مخل ؟. نفس الضرورة حاصلة في شكل خطبة الجمعة.
أول ما يراعى في شكل الخطبة أن تكون بلغة سهلة سلسة مناسبة لجمهور الحاضرين، فهي تختلف من بيئة إلى بيئة. فإذا كان المصلون أخلاطا متنوعة فيحاول أن يتحف كل مجموعة بما يليق بها في ثنايا الخطبة. وفي بلادنا تكون الخطبة باللغة العربية، وينبغي أن يبتعد الخطيب عن الألفاظ المهجورة والتراكيب اللغوية الغريبة على السامعين، ولا يتقعر في الكلام ، ولو تخلل الخطبة أبيات من الشعر وأمثلة واقعية وقصص معاصر أو قديم لأضاف كل ذلك رونقا إلى الخطبة وجعلها أكثر جاذبية وتشويقا وإقناعا، وضرب الأمثلة وإتباع التوجيهات النظرية بقصص من الواقع والتاريخ سنة قرآنية ونبوية. نبرة الخطيب تتغير بتغير الموضوع، فإذا كان السياق في التحذير والنذارة، فيعلو الصوت بلا تكلف، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل تلك المواقف كأنه منذر جيش يقول "صبحكم ومساكم" فيعلو صوته وتحمر عيناه ويشتد غضبه من انفعاله الطبيعي بما يخطب. كم يشتكي المصلون الآن من عدم قدرتهم على مغالبة النعاس أثناء الخطبة لرتابة أسلوب الخطيب ونبرته الباردة الثابتة التي لا تتغير.
وإذا كان الإنذار من أحوال القلوب توجه الكلام إلى العاطفة مباشرة، قال ابن الجوزي في خطبة له " واعجباً لك!، لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب، وأنت ترى رقوم القدرة ولا تعرف الصانع ؟، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب، كيف أعمى بصيرتك مع رؤية بصرك! .. يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت، أما علمت أن النار للعصاة خلقت، إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها، و الدمعة تطفيها".
وإذا تحول الكلام إلى المفاهيم والأفكار والمعاني فتتوسط النبرة وإذا انتقل إلى النتائج والمآلات تحولت إلى نبرة هادئة .. وهكذا.
ومما يراعى في شكل الخطبة عدم إطالتها لأن كثرة الكلام ينسي بعضه بعضا، والعقل له طاقة استيعابية يمل بعدها ويشرد. ولعل ثلث ساعة للخطبة تكون كافية ووافية، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن عمار بن ياسر رضي الله عنه خطب فأوجز وأبلغ، فلما انتهى قيل له " يا أبا اليقظان ! لقد أبلغت وأوجزت . فلو كنت تنفست !" ، فقال "إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته ، مئنة من فقهه . فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة . وإن من البيان سحرا " .فتأمل هذا التعبير النبوي الدقيق الذي جعل قوة تأثير الكلام كأنه السحر في مفعوله.
ومما يراعى في شكل الخطبة أيضا أن يحول الخطيب نظره بين الحاضرين، ولا يركز نظره على فئة منهم فيحسبون أنهم وحدهم المخاطبون بكلامه. ويبتعد قدر الإمكان عن ذكر أشخاص بعينهم وإنما تكون موعظته عامة، كما ورد في كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم "ما بال أقوام"، فالتعميم في الزجر أفضل. ثم لا ينسى الخطيب أن خطبته موجهة للقلوب والعقول معا، فإثارة القلوب بعز الإسلام وشرفه مما يمهد لاستقبال الأوامر والنواعهي. يقول محمد إقبال:
من ذا الذي رفع السيوف ..... ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالا في الجبال وربما سرنا ..... على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا ..... قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها ..... سجداتنا والأرض تقذف نارا
وكأن ظل السيف ظل حديقة ..... خضراء تنبت حولنا الأزهار
لم نخش طاغوتا يحاربنا ..... ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعو جهارا لا إله سوى الذي ..... صنع الوجود وقدر الأقدارا
ورؤوسنا يا رب فوق اكفنا ..... نرجو ثوابك مغنما وجوارا
أما مضمون الخطبة وموضوعها فهو المقصود الأول، وأول ما يطلب فيه حسن اختياره، فالتوفيق في اختيار الموضوع نصف نجاح الخطبة. ولا ينبغي أن تخلو خطبة في مقدمتها من أصول الإيمان وشعبه، فإنه أساس كل خير ووقود كل طاعة. ويكون المدخل الإيماني بحسب الموضوع فيتنوع بين اليقين والتوكل، والصبر والاحتساب، والمراقبة والإخلاص، والخوف والرجاء، والوعد والوعيد. لو كان الموضوع مثلا عن الزواج، فيكون المدخل عن المراقبة وكون الزواج شكلا من أشكال العبادة، الله تعالى رقيب عليها، وإذا كان الموضوع مثلا عن نصرة المستضعفين، كان المدخل عن كوننا أمة واحدة وعن فريضة التعاون على البر والتقوى .. وهكذا، والمقصود ألا تخلو خطبة مهما كان موضوعها من المظلة الإيمانية. وليحرص الخطيب على تنوع موضوعاته بحيث تشمل:
1. صفات الله تعالى وسننه في الخلق، والإسهاب في بيان علم الله ورحمته وقدرته وإحاطته وحكمته البالغة وسائر كمالاته.
2. السيرة النبوية المباركة، وسيرة أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم والاسترشاد بتفاصيلها النيرة وتنزيلها على واقعنا المعاصر.
3. أركان الإسلام، من توحيد وصلاة وزكاة وصوم وحج. ولا يهمل أن يأتي عليها من حين لآخر، ولقد رأينا في واقعنا كيف أن ركنا من أركان الإسلام وهو الزكاة لا يكاد يذكر في خطب الجمعة، لا جملة ولا تفصيلا.
4. الغيبيات من حساب وميزان وجنة ونار وغيرها، لأن الإيمان بالغيب من أول صفات المؤمنين. ولا بأس أن تفرد لها خطب مخصوصة تتناول بعض التفاصيل الغيبية التي وردت في الشرع وترصع بالتوجيه في الواجب علينا في هذه الدنيا. وتأمل مثلا خطبة عتبة بن غزوان رضي الله عنه وهو من السابقين الأولين، حين خطب الناس وهو أميرهم فقال بعد حمد الله والثناء عليه " أما بعد . فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء . ولم يبقى منها إلا صبابة كصبابة الإناء . يتصابها صاحبها . وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها . فانتقلوا بخير ما بحضرتكم . فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم . فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعر . ووالله ! لتملأن . أفعجبتم ؟ ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة . وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام . ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ما لنا طعام إلا ورق الشجر . حتى تقرحت أشداقنا . فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك . فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها . فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار. وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا . وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت، حتى يكون آخر عاقبتها ملكا. فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا".
5. المتغيرات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تعصف بالأمة، فلا يليق بخطيب أن ينعزل عنها شريطة أن يحيط بما يتكلم فيه، وأن يوسع مداركه بحيث يصبح قدر معرفته أضعاف أضعاف ما يقدمه في خطبته.
6. آداب الإسلام وفضائل أعماله وأخلاقه، وهو باب عظيم جدا يتخلل جوانب الحياة كلها، من بر الوالدين وصلة الأرحام والوصية بالنساء وحق الجار وتوقير العلماء والأكابر وأهل الفضل، والتحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين، والإكرام والإيثار والمواساة والتكافل، والتواضع وخفض الجناح وتحريم الكبر وفضل العفو والصفح والحلم والأناة والحياء وحفظ السر والاستخارة والمشورة والعفاف والاقتصاد في المعيشة، وعيادة المريض واتباع الجنائز وغيرها كثير لا يكاد يُحصر.
7. علاقة المسلمين بغيرهم في عالم اليوم الذي تقارب حتى أصبح كالقرية الصغيرة، نحن جزء منه نؤثر فيه ونتأثر به. وفي هذا يحسن إبراز الجوانب الإنسانية الرفيعة في شرعنا المبارك، فإنها معان تصلح لأن تكون لغة عالمية يفهمها كل أحد. ولو خصص بعض خطبه لأحوال المسلمين في دول أخرى، لكان حسنا ودافعا لعاطفة إسلامية جامعة، فنحن أمة واحدة.
هذا، ويراعي الخطيب في موضوعه المناسبات الزمانية، كرمضان والحج وبدء الدراسة وشح الأمطار وغيرها. كما يراعي البعد عن الخلافات الفقهية المعتبرة والغوص فيها، فإن هذا يُشكل على مستمعيه، وليس هذا محله. ويراعي أيضا في الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن يأتي كلامه موثقا بالإحصائيات الحديثة والتواريخ الصحيحة والمعلومات المدققة. ومن الضروري أن يعتني الخطيب بأن يصيب قلب الموضوع الذي اختاره وأن يتجه إليه مباشرة، ولا يكتفي باللف والدوران حوله فليس كل الناس يفهمون بالرمز أو بالكلام العارض.
أتمنى أن نرى يوما تكون لخطبة الجمعة أقسام متخصصة في المؤسسات الرسمية كالأزهر والأوقاف، وأتمنى أن نرى لها وحدات متخصصة في بُنى وهياكل الحركات والقوى والأحزاب الإسلامية بحيث توليها العناية اللائقة بهذه الشعيرة المباركة، وألا نترك خطبة الجمعة بحيث تصبح كاليتيم الذي لا راعي له، ينتظر أن يتفطن له الناس ارتجالا من حين لآخر، لا يدري متى يرقون لحاله وينتبهون لحوائجه. إن مئات الفضائيات ومحطات الإذاعة والمجلات والصحف وسلاسل المحلات التجارية، كلها وكلاء تربية قبل أن تكون وكلاء تجاريين. إنهم وكلاء لتشكيل العقل المسلم وفق أهداف وأجندات مدروسة بدقة ويتم التخطيط لها داخليا وخارجيا، وإن الحصانة اللازمة للثقافة الإسلامية ضرورة ملحة من خلال الوسائل الفريدة التي يتيحها الفضاء التعبدي الإسلامي، وفي مقدمتها خطبة الجمعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.