وأخيرا انفض المولد وعرف المصريون اسم رئيس الجمهورية بعد أسبوع من الانتظار والتكهنات، وانتشار الشائعات والحروب المعنوية بين الفريقين من مؤيدي كلا المرشحين صر إصرار كل مرشح علي أنه هو الفائز دونما انتظار لإعلان النتيجة النهائية من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وفي اللحظة الحاسمة حبس المصريون أنفاسهم أمام المستشار فاروق سلطان وهو يتلو النتيجة في خطاب بالغ الطول انتهي بإعلان فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية وياليت كل مسئولينا يختصر خطاباته ويوجزها كما يفعلون بالدول المتقدمة التي تحترم الوقت كقيمة غالية وكسمة من سمات الحضارة. ويأتي فوز الدكتور مرسي بنسبة 73و51٪ تقريبا بمثابة نزع لفتيل التوتر والقلق الذي ربما ولد أحداث العنف في الشارع سواء من أتباع جماعة الاخوان المسلمين أومن الشباب المتحمس المعتصمين في ميدان التحرير اعتراضا علي الإعلان الدستوري المكمل وانتظارا لإعلان فوز الدكتور مرسي درءا لشائعات تسويد بعض البطاقات الانتخابية وانتهاكات لقانون الانتخابات في العديد من الدوائر الانتخابية. مواكب الأفراح التي سادت الشارع لحظة إعلان النتيجة توحي بتجدد أمل الناس في المستقبل لأنها تعكس رغبة الناس في الاستقرار رغم مخاوفهم من أفكارالجماعة في موضوعات هامة وشائكة مثل التعليم وفوائد البنوك وقضايا المرأة وقوانين الاحوال الشخصية وحقوق الاقباط والسياحة والآثار. قبل إعلان نتيجة الانتخابات بعدة أيام اتفقت بعض القوي السياسية مع الدكتور مرسي علي عدد من المباديء التي مثلت إعلان نوايا للرئيس وتعهدات أمام الشعب، ولكم تمنينا طويلا أن تتحد القوي السياسية المتفرقة في كيانات أكبر.. لوحدث هذا ربما ما ضاعت كل هذه الشهور ونحن نبحث عن بداية الطريق. وأكثر ما يلفت النظر في البيان الذي ألقاه الاعلامي الكبير حمدي قنديل: التأكيد علي الشراكة الوطنية والمشروع الوطني الجاد، والذي يعبر عن كافة أطياف ومكونات المجتمع المصري، وأن يضم الفريق الرئاسي وحكومة الإنقاذ الوطني كافة التيارات السياسة، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة. وتكوين فريق إدارة أزمة لضمان اجراء تسليم السلطة بشكل كامل لرئيس منتخب. ورفض الإعلان الدستور المكمل، والذي يؤسس لدولة عسكرية ويسلب الرئيس صلاحياته، ورفض قرار حل البرلمان وقانون الضبطية وتشكيل مجلس الدفاع الوطني، وأكد البيان علي أهمية الشفافية والوضوح مع الشعب في كل ما تشهده مصر من تغيرات علي الساحة السياسية. واكد البيان علي استمرار الضغط الشعبي في كل ربوع مصر، حتي تتحقق كل مطالب الثورة،كما طالب البيان كل القوي الوطنية بالوقوف معا من أجل بناء دولة ديمقراطية دستورية حديثة، تقوم علي حماية الحرية والمواطنة والعدالة الاجتماعية. لعلنا نلاحظ في خطاب رئيس الجمهورية الأول الموجه للشعب المصري حرصه علي شكر جميع الجهات التي تمثل الجهاز الحكومي وجميع المحافظات والأقليات وأصحاب المهن ،وقوله أنا خادم للشعب وأعينوني ما أطعت الله فيكم وبقدر ما كان الخطاب توافقيا لطمأنة الشعب، بقدر ما كان طويلا أكثر من اللازم وياليت رئيس الجمهورية الجديد يستعين بخبراء في الإعلام ليشيروا عليه بما يقول وما يصرح به لأن الدولة المؤسسية الحديثة تتطلب وجود خبراء ومستشارين متخصصين في جميع المجالات وفي الولاياتالمتحدةالامريكية يهتم مرشح الرئاسة بصورته وصوته وشعاراته وكل ما يمكن أن يؤثر في جماهيريته. أشفق علي زملاء المهنة الذين سيضطرون لتغيير مواقفهم مرة أخري للاتجاه المعاكس ليسيروا في ركاب الرئيس الجديد، وربما نشهد مزيدا من اللحي تطل علينا من شاشات الفضائيات ولكن علي الأقل فسوف نستريح من وجوه الفلول التي عادت تطل علينا بوقاحة عندما ظنوا أنهم قادرين علي استعادة مصر من جديد!.