كون أن الشعب إختار هوية الدولة باختياره الدكتور محمد مرسي رئيسا للبلاد ، فهذا حقه بعد أن أصبح الاختيار حقا أصيلا للشعب وحده والذي تحقق داخل الصندوق الانتخابي بفارق 850 ألف صوت عن شكل الدولة المدنية.. - وكون أن يتربع الاخوان علي كرسي الرئاسة فهذا هو أول اختبار حقيقي لهم في إدارة شئون البلاد ، بعد حلم ظللوا ينتظرونه أكثر من 80 عاما حتي تحقق لهم بالارادة الشعبية.. - وكون أن يختار الشعب الاخوان فلم يكن هذا الاختيار عشوائيا أو بمحض الصدفة .. بل كان عن قناعة لما يحملونه من خطط إصلاحية تنتشل البلاد من مخلفات النظام السابق والتي كانت سببا في انتشار بؤر الفساد التي أكلت معها الأخضر واليابس .. وكون أن يكون هذا الاختيار طبيعيا جدا فهذه حقيقة لأن الناس من طبيعتها تتعاطف مع جماعة الاخوان التي كانت محظورة علي أيام النظام ولم تكن تري النور ، ومع ذلك كان عطاء الاخوان للفقراء والضعفاء مستمرا حتي أصبح لهم رصيد من الغلابة والمحرومين الذين أطلوا برؤوسهم علي الدنيا عندما انفتحت طاقة النور بعد ثورة 25 يناير ، فكان من الطبيعي أن يظهر وفاء هؤلاء الغلابة مع الذين وقفوا معهم في سنوات القهر ، وكون أن يعطوا أصواتهم للاخوان فهو عطاء أصيل. - إذن الاخوان لم يغتصبوا أصوات الغلابة والفقراء ، بل حصلوا عليها بإرادتهم وهذه كانت سدادا لفاتورة عطاء طال سنين فقد كان الاخوان يتبنون أطفالهم في التعليم ، ومرضاهم في العلاج ، وجوعاهم داخل البيوت أي كان بينهم وبين الفقراء والمساكين عقد اجتماعي وهم لايستهدفون منه غرضا سياسيا أو وقفة انتخابية لأنهم كانوا أيام النظام محرومين من السياسة وليس لهم حق الانتخاب .. لذلك كانت أعمالهم هي رسالة اجتماعية ثم تحولت الي مطالب سياسية.. بدءا بالزحف المنظم علي مجلس الشعب.. ثم مجلس الشوري .. وبعدها اتجهت عيونهم الي منصب رئيس الحكومة فهذا الاستعجال معناه أعطانا تفسيرا علي أنهم يريدون التكويش علي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ورئاسة الدولة .. فأصبحوا يشكلون خطرا علي إرادة هذا الشعب أكبر من خطر الحزب الوطني الذي كان يتحكم في استراتيجية إدارة شئون الدولة.. - من هنا قوبل ترشيحهم في سباق الرئاسة بهجوم من معظم التيارات الليبرالية التي كانت تخشي تغيير هوية الدولة من مدنية الي دولة دينية .. وظهر علي الساحة 12 كوكبا ينافسون الاخوان علي مقعد الرئاسة.. - وكون أن تحدث الاعادة بين الاخوان وبين الفريق احمد شفيق الذي احتسبه الاخوان واعوانهم علي نظام مبارك علي إعتبار أنه كان رئيسا للوزراء علي أيام مبارك مع أنه بريء من هذا النسب فكونه أنه رجل تنفيذي في نظام فهو لايمثل النظام.. لذلك كانت معركة الاعادة " شرسة " إمّا أن يتحقق حلم الاخوان ويفوزوا بكرسي الرئيس ليصبح أول رئيس مدني للبلاد من بينهم.. وإما أن يدخلوا حسب ما أعلنه بعض رموزهم في حرب أهلية تفرضها الاحداث السياسية بعد خسارتهم ولذلك كان عليهم تصفية خلافاتهم مع المنشقين عليهم قبل الانتخابات.. فنجحوا في جذب أصوات الدكتورعبدالمنعم أبو الفتوح بانضمام حملته اليهم.. ثم نجحوا في تأييد السلفيين والجماعات الاسلامية لهم.. وأبرموا صفقة مع معظم الائتلافات الشبابية الثورية التي ولدت ولديها كراهية في النظام السابق ومن كان يعمل فيه.. ..فتكتلت هذه الجبهات الخمسة بأدواتها ضد احمد شفيق الذي تعامل مع معركة الاعادة بأسلوب المقاتل العنيد ، وهو يعرف أنه يتصدي لخمس جبهات ليست جبهة الاخوان وحدها .. ناهيك عن الاسلحة المسمومة التي كان يواجهها في الدعاية الانتخابية ، لقد اكتشف أن هناك حربا اعلامية من بعض الفضائيات الخاصة والتي حشدت المعارضين له من نواب الشعب لمهاجمته أثناء الحملة الانتخابية واستمر عداؤهم له حتي ليلة الانتخاب فقد وصل بهم " الفُجر" في كسر الصمت الانتخابي بالهجوم عليه ومع ذلك لم يجدوا من يحاسبهم وكأن هناك حملة كانت منظمة ومرتبة للنيل منه.. - وكون أن يحقق أحمد شفيق هذا الرقم ليصبح الفارق بينه وبين الدكتور مرسي هو 850 ألف صوت .. فهذه النتيجة تستحق تقدير الخصوم لشفيق علي هذا الانتصار الذي حققه بمفرده واستطاع أن يجمع هذه الاصوات التي جاءته بارادتها .. أصوات ليست لها انتماءات حزبية وعلي حد تعبير الشارع المصري أنها تمثل جزءا من أصوات الاغلبية الصامتة التي لاتعرف الطريق الي التحرير من بعد تأييدها لسقوط النظام.. - أعتقد انه آن الآوان لتدرس القوي الثورية والأحزاب السياسية الظاهرة التي حققها " شفيق " فكونه يحصل علي هذا العدد الضخم بمفرده مع أنه لاينتمي الي حزب من الأحزاب .. ولم نشهد أن إئتلاف من الائتلافات أو حزب من الأحزاب كان يسانده.. إن صموده في المعركة هو انتصار لإرادة الأغلبية الصامتة التي كرهت فوضي الميدان والتي ضربت تعظيم سلام لإرادة الشعب بفوز مرسي وهي اليوم علي استعداد أن تسانده يوم أن يصيب وتقومه يوم أن يخطيء.. - لذلك أقول كان الله في عون الدكتور محمد مرسي.. إن لم تسانده كل التيارات التي أعطته أصواتها في الاستقرار واحترام مؤسسة القضاء وعودة الأمن والأمان من أجل إعادة بناء مصر سيجد نفسه خارج القصر.. المهم الآن أن يحقق ما وعد به .. فالشعب متعطش الي الاستقرار.. والأهم أن يغسل مافي داخله ولا يعود بنا الي تصفية الحسابات .. لأن البناء هو الأهم.