حمدى رزق في عصر المماليك كان فيه مملوك اعتدي علي زميله بالضرب حتي قتله، ورآهم رجل من المنوفية من مدينة (منوف)، فأراد أن يقدم له الرشوة فأطعمه من كتوف (لحوم) الغنم والإبل، واتفق مع المنوفي علي ألا يشهد في المحكمة التي ستحاكم هذا المملوكي القاتل، واتفقا معًا علي أن يقول لم أر، ولم أسمع. وجاء يوم محاكمة المملوكي وأمام القاضي قال القاضي للمنوفي: أتقسم علي قول الحق؟ قال نعم. قال: قل ما رأيته، فقال المنوفي: رأيته كان يتشاجر مع زميله واعتدي عليه بالضرب ثم قتله. فقال له المملوكي: ألم نتفق؟ قال المنوفي: يا رجل اشهد بقول الزور، وأعتق رقبتك من النار، وأدخل أنا النار بشهادة الزور! فأطلق الرجل بالمحكمة هذا المثل (المنوفي لا يلوف ولو أكل لحم الكتوف)، ثم تمت زيادة حرفين مع اللهجة، فصارت (لا يلوفي، كتوفي) فسمعها القاضي وأطلقها مثلا. نفر من المستهزئين قلبوا المثل الطيب خبيثا، ولوموا المنايفة كثيرا علي (قلة الأصل) التي يعكسها ظاهر المثل، وتحمل المنايفة المثل المعكوس بسعة صدر وميل للتسامح، كما الصعايدة الطيبين، نفر من المستهزئين الساخرين المفترين بالباطل علي (المنايفة) نسجوا علي المنوال القميء الكثير،مثلا ، لو عدي عليك تعبان فوته، ولو عدي عليك منوفي موته، وعقرب ع الحيط ولا منوفي في البيت، وشريطين علي كمي ولا فدانين عند أمي، ويتنطع الذي هو مهين ولا يكاد يبين ويلوم المنايفة علي تصويتهم لشفيق،" لو خدت من ال... صوف تاخد من المنوفي صوت " . لا تثريب علي المنايفة أن غضبوا لكرامتهم المهدرة في السباق الانتخابي الرئاسي، واتهامهم بالفلولية، فقط إن كان رئيس الجمهورية السابق من بين ظهرانيهم، وهم من صوتوا لجماعة الإخوان في 2005 تصويتا يدخلهم حظيرة الجماعة من الباب الأمامي، لدرجة أن كتابات صكت أن المنوفية صارت إخوانا، ولم يحسبوا حسابات ضيقة، صوتوا للجماعة "المحظورة" آنذاك، وكان حريا بالجماعة التي صارت "محظوظة" أن تحترمهم وتجلهم، لكن من تعود علي عدم احترام المصرية، لا تلزمه المنوفية، ومن قال " طظ في مصر"، ألف طظ في المنوفية، إهانة المنوفية، واتهام أهلها (وهم أهلي وعشيرتي) بما ليس فيهم كبيرة إلا علي الإخوان، إلا علي الظالمين. تصويت المنوفية بهذه الكثافة يحسب لها ويحسدون عليها، المنايفة ما كانوا من المقاطعين قط، تصويت المنايفة إجمالا لشفيق اختيار (حر ديمقراطي) لا يلامون عليه، لكل اختياره، لم يلم منوفي مثلا الإخوان (ومنهم منايفة مثل الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري) تصويتهم (القسري) لمرسي، ولم يتبجح منوفي ويلوم الفيايمة (شعب الفيوم الطيب) علي التصويت إجمالا لمرسي، التصويت لمرسي فرض عين، تصويت للأسلام، أما لشفيق فللشيطان، لا يلام منوفي علي اختياره، لايلام فيومي علي اختياره، لكل اختياره . حسبان المنوفية (فلولا) يظلم أهلها ويورثهم ضيقًا، وينمي في نفوسهم البغضاء، ويخلف في حلوقهم المرارة، إهانة المنوفية علي نحو ما جري علي ألسنة جماعة السمع والطاعة مستهجنا، فمن يصوت بالسمع والطاعة لا يلوم منوفيًا قال (نعم) في وجه من قالوا (لا)، المنايفة ليسوا قطيعا يقاد إلي بئر الجماعة، المنايفة لا يقبلون يد المرشد، لا تتفشي فيهم قاعدة السمع والطاعة، المنايفة يعرفون جيدا الطريق ولا يلوون علي شيء يعتقدونه، وكون المنايفة يغردون خارج السرب الذي يسبح باسم المرشد لا يخرجهم من زمرة المصريين، أو المسلمين . المنايفة أحرار فيمن يختارونه، لا ينظرون لرئيسهم القادم علي أنه منوفي، عبد الناصر كان صعيديا وتوفي والدي وهو يحبه، ولا يزال شارع الجمهورية، التي أسسها عبد الناصر يشق قلب مدنها الرئيسية (منوف مثلا)، وعشقوا السادات لأنه قال بالمصرية التي يعشقون، وكرهوا مبارك علي منوفيته، وصوتوا لشفيق علي شرقاويته، المنايفة لهم مقاييس في الرئيس القادم، يرونه رئيسًا لكل المصريين ليس رئيسًا لجماعة الإخوان المسلمين. خطاب جماعة الإخوان العنصري الاستعلائي الإقصائي للمنايفة خطير لو تعلمون، وسيخلف آثارًا مخيفة في بيوت المنوفية، ولو مر مشروع النهضة مرور البحر الأعمي (اسم فرع النيل الذي تشرب منه مدينتي منوف) دون المنوفية، سيكون مشروعا مرذولا مرفوضًا، وكما تجنبت دولة مبارك الصعيد، وصار نسيا منسيا فإن نسيان المنوفية في خطط التنمية الإخوانية كعقاب علي رفض الإخوانية كدين للبلاد أمر جد خطير لو يعلمون (أقصد جماعة السيفين المتقاطعين)، رقاب المنوفية ليست لينة للذبح، المنوفية عصية علي البلع والهضم. تتعدد أسباب التصويت المنوفي لصالح شفيق، ولكن إهانة المنوفية كانت سببًا كافيًا لينهض المنايفة من سباتهم يعاقبون من أهانهم، وهم علي الهم صابرون، وعلي السخرية غير مبالين، وعلي التجاوز متسامحون، ولكن الفظاظة الإخوانية التي تم التعامل بها مع المنايفة الكل كليلة، الجماعة أتت أمرا إدًا، الجماعة لا تعرف المنوفية جيدا، تحفظ نكات ساخرة، ولم تقرأ في فقه المنوفية، المنوفية محافظة خاصمتها خطط التنمية طويلا، شاطرت الفيوم وسوهاج الفقر، كانت ولا تزال من أفقر المحافظات تنمويًا، أغناها الله بالعقول، وبسواعد الرجال، ورغم ضيق المكان، وقلة الرزق، وكثرة العيال لم يشكوا المنايفة ولم يخرجوا ثائرين ،علي الهم صابرين، انكبوا علي تعليم أبنائهم، وبذلوا الغالي والرخيص في تربيتهم، من بين ظهرانيهم خرج وزراء ومحافظون ومستشارون وكتاب وصحفيون ورموز شاركت في البناء الوطني، ومن تنكب الطريق المدني لحق بالجندية فصار منهم كوادر محترفون، صاروا من قوام الجيش المصري، خير أجناد الأرض. المنايفة عمليون، ذوو بأس شديد، من أولي العزم، لا ينحرفون عن الطريق، ولا يمالئون، ولا يتلونون، فقط يطلبون الستر، المنايفة لم يصوتوا لشفيق لأنه شفيق لأنه (من وجهة نظرهم عنوان للاستقرار الذي تنشده البلاد) وكم من منوفي لامني علي موقفي الرافض لترشيح الفريق شفيق، وهم يعلمون رفضي لمرشح الجماعة، قلت لهم، لكم مرشحكم أما أن (المنوفي) فلم يكن لي مرشحا من بين المرشحين حتي حمدين، عندي زيد زي عبيد، وليول الله من يصلح ولا يظلم منوفي أو صعيدي كان.