محمد وجدى قنديل يبدو ان الإخوان يجدون انفسهم في مأزق صعب في انتخابات الاعادة بعد التصويت العقابي الذي عبر عنه المصريون تجاه مرشح حزب الحرية والعدالة في انتخابات الرئاسة في الجولة الاولي، ويبدو أنهم يعيدون حساباتهم نتيجة المفاجأة في الأصوات التي حصل الدكتور محمد مرسي رغم الحشد الإخواني في جميع المحافظات ورغم الرشاوي الانتخابية وحجم الانفاق علي الدعاية، ورغم الإلتزام بالسمع والطاعة من شباب الإخوان وأعضاء الجماعة- حتي السيدات - وبما جعلهم واثقين من ان مرشح الإخوان - رئيس الحزب - سوف يحصل علي 06 في المائة من الأصوات في الجولة الأولي! لعل الصدمة القاسية التي أصيب بها الإخوان كانت في محافظة الشرقية معقل الدكتور مرسي نفسه وكان المؤتمر الانتخابي الذي أقيم له في ستاد الزقازيق وحضره الآلاف من مؤيديه في حشد غير مسبوق حتي يؤكدوا قوتهم ولكن كانت المفاجأة حينما اكتسح الفريق أحمد شفيق ذلك المعقل وحصل علي قرابة 826 ألف صوت بفارق 19 ألف صوت عن منافسه محمد مرسي.. وحدث نفس الشيء في معقل الإخوان في الغربية وإكتسح أحمد شفيق بحصوله علي قرابة 954 ألف صوت، وكذلك في الدقهلية حيث تراجع مرسي في قلعة الإخوان وجاء شفيق في المركز الاول بحصوله علي 914 ألف صوت. وكان الاكتساح الواضح لحساب شفيق في محافظة المنوفية حيث احتل الصدارة بين الكتل الانتخابية بحصوله علي قرابة 785 ألف صوت مقابل 302 آلاف صوت لمنافسه محمد مرسي وبفارق هائل في مركز منوف بالذات ولذا اندفع مرشح الاخوان ينهال بالسباب علي أهالي المنوفية بسبب حصول شفيق علي معظم أصوات المحافظة وهو ما اثارغضب المنايفة ضد مرسي! ولم تقتصر صدمات الإخوان علي محافظات الوجه البحري وإنما كانت هناك مفاجأة أخري في الوجه القبلي حيث اقتحم شفيق مسقط رأس محمد بديع مرشد الجماعة ومحل اقامته في بني سويف! ولكن الاخوان يقولون عن المأزق: ان الأقباط كان لهم دور كبير في النتائج لصالح أحمد شفيق »رغم ان شباب الأقباط أعطوا أصواتهم لحمدين صباحي وآخرين منهم لعمرو موسي«. لقد أخطأ الإخوان خطأ فادحا حينما اتبعوا سياسة الاستحواذ والتكويش ولجأوا إلي أسلوب الخداع والمراوغة في مواقفهم في انتخابات مجلس الشعب وفي الانتخابات الرئاسية، وشعر الناخبون بأنهم خدعوهم في تشكيل اللجنة التأسيسية لتكون الاغلبية لهم، ولذلك جاء التصويت العقابي لهم من جانب الشعب بمثابة ضربة في الصميم.. واخطأوا حينما تخلوا عن وعدهم بعدم خوض انتخابات الرئاسة وحينما تعذر ترشيح خيرت الشاطر قاموا بدفع المرشح الاحتياطي وهو محمد مرسي، ومن هنا جاء التصويت العقابي في المرحلة الاولي حتي لا يقوم الإخوان بالتكويش علي منصب رئيس الجمهورية ايضا وفي انتخابات نزيهة وذات شفافية.. ويكفي أن النتائج أظهرت فوز محمد مرسي بالمركز الأول وهو خمسة ملايين و467 ألف صوت والمركز الثاني أحمد شفيق الذي حصل علي خمسة ملايين و505 آلاف صوت وبفارق متقارب بما جعل جولة الاعادة بينهما! ولذلك اتجه الإخوان إلي تغيير الخطاب السياسي من الاستكبار الي المرونة والتواضع لإرضاء الناخبين، وفي عدد من القضايا المثيرة للجدل - مثل الدولة الدينية - والتي أدت إلي التشكك في نواياهم.. وقيام مرسي بمغازلة الجميع بوثيقة من عشرة تعهدات وفي معايير تشكيل الجمعية التأسيسية وكذا أكد نائب المرشد العام ان الجماعة لا تمانع في ان يتولي رئاسة الحكومة الائتلافية شخصية من خارج الاخوان ولكن الفريق أحمد شفيق فتح النار علي الإخوان وأثار القضية الهامة وهي: من سيكون الحاكم -في حالة فوزهم- محمد مرسي أم خيرت الشاطر أم المرشد العام محمد بديع! وأكد الفريق أحمد شفيق التزامه بمبادئ ثورة 52 يناير ومنها: عدم انتاج النظام السابق وعدم التدخل في محاكمة رموز الحزب الوطني المنحل أمام القضاء.. وأبدي استعداده للتعاون مع جميع القوي السياسية بمن فيهم شباب الثورة والاحزاب لوضع تصور محدد لتوافق وطني بين التيارات المختلفة وهو ما يلتزم بتنفيذه عندما يفوز بالرئاسة. الواضح ان هناك سباقا محموما بين مرسي وشفيق لاسترضاء الناخبين والمحافظة علي الاصوات التي فاز بها في الجولة الأولي واستقطاب أصوات من المرشحين الآخرين الذين خرجوا من السباق وبالذات كتلة حمدين صباحي وكتلة ابو الفتوح الذي يتجه إلي تأييد مرشح الإخوان: وكذا عمرو موسي الذي تتجه أصوات المؤيدين له إلي أحمد شفيق الذي يدعم الدولة المدنية ويعبر عن مبادئها.. وهناك 53 ائتلافا وحركة ثورية »اتحاد حماة الثورة« يدعمون أحمد شفيق لتجنب اقامة الدولة الدينية! وما يثير الانتباه ان الفريق شفيق أعلن موافقته علي »وثيقة العهد« من حيث المباديء التي لابد أن يتضمنها الدستور الجديد.. وأشار الي نقاط هامة: ضرورة ان يراعي الدستور الجديد بدقة وتوازن لدور القوات المسلحة ومكانتها ورفض تحميلها تبعات الموقف الحالي الذي نعيشه. سعي المؤسسة العسكرية المخلص لعبور مصر هذه المرحلة الصعبة الانتقالية، وتنظيم ارقي وانظف انتخابات رئاسة ليس في تاريخ مصر ولكن في تاريخ المنطقة كلها. أي حكومة مقبلة بعد الانتخابات الرئاسية ستكون مكلفة بمهمة انقاذ وطني فقد انتهي العصر الذي ينفرد به فريق دون آخر بما يعتقد انه الاصلح للوطن! ويبدو المأزق - بعد التصويت العقابي من الناخبين لهم - في عدم تأكد الاخوان من تصويت السلفيين لمرشحهم مرسي في جولة الاعادة ، ولذا اعترف الدكتور عصام العريان: لقد تعرضنا لنيران صديقة في الانتخابات! وأتوقف أمام ما تردد حول حصول الدكتور مرسي علي الجنسية الامريكية بحكم عمله مع وكالة ناسا -حينما كان في الولاياتالمتحدة- والتي تشترط بدورها الجنسية الامريكية لمن يعمل بها.. وهناك دعوي من أحد المحامين أمام محكمة القضاء الإداري وذلك لحمل نجلي محمد مرسي الجنسية الامريكية دون إذن من السلطات المصرية واستبعاده من انتخابات الرئاسة.. ويبقي السؤال أمام الإخوان: كيف يكون الحل للخروج من هذا المأزق؟