باحث شاب تلقي تشجيع ومساندة جميع رؤسائه.. حتي الوزير! »شرائح عطا« طريقة سهلة لتخطيط الأرض.. بدون تكاليف توفر 04٪ من مياه الأرز الدكتور يسري عطا الأستاذ الباحث في معهد إدارة المياه وطرق الري ومنسق محطات تجارية: تخرج في كلية زراعة الزقازيق، تخصص محاصيل 2891. اهتم بمحاصيل غذاء أهله.. فكانت رسالته للماجستير عام 1991 في تنمية الفول البلدي.. وللدكتوراه عام 7991 في تنمية محصول القمح. والتحق عام 8991 بمعهد بحوث المياه وطرق الري. ومنذ عام 0002 بدأ تجارب لتقليل مقننات الري، وزيادة إنتاجية المحاصيل في محطة الزنكلون التابعة للمعهد حتي توصل إلي طريقة لتخطيط الأرض وتوزيع المياه.. تحقق الفكرة التي شغلته سنين. فتقدم للأكاديمية ونال براءة اختراع عن طريقته المبتكرة. ونشر بحثا عنها في مجلة المنظمة العالمية للزراعة والأغذية »الفاو«. وفي عام 8002 منحته اللجنة الدولية للمياه التابعة للأمم المتحدة جائزتها، اعترافا بأهمية ابتكاره للزراعة والمياه والغذاء في العالم. وفي عام 8002 شارك الدكتور سعيد سليمان، بزراعة صنفيه الجديدين عرابي 1 وعرابي 2 بطريقة الشرائح التي ابتكرها.. وكانت نتيجة التجربة في محطة الزنكلون، تخفيض احتياجات الصنفين من المياه من أربعة آلاف متر مكعب إلي ثلاثة آلاف فقط. وكررا التجربة للتأكيد عام 9002.. وتأكدت النتيجة نفسها. فتشاركا عام 0102 في حقول الفلاحين التي شاهدنا منها حقلي أولاد طلبة في قرية »أوليله« مركز ميت غمر دقهلية والحاج محمد عطية في قرية »اكوه« مركز ديرب نجم شرقية.. الغريب في الأمر أن توجد طريقة لتوفير 03٪ من مياه ري عدد كبير من المحاصيل.. يحصل مبتكرها علي براءة اختراع منذ خمس سنوات، وجائزة دولية متخصصة، لا تمنح إلا لمن يقدم شيئا فعالا وجديدا.. منذ سنتين.. ولا يسارع المسئولون عن الزراعة والري لتطبيقها علي نطاق واسع.. رغم انها ليست صعبة التطبيق.. ولا تكلف جنيها واحدا زيادة.. بل تخفض تكاليف تجهيز الأرض.. العجيب، في بلد الأعاجيب، أن قيادات معهد إدارة المياه وطرق الري، وهم جهة الاختصاص العلمية التي تحدد أفضل استخدام للمياه ولأساليب الري، اقتنعت بطريقة شرائح عطا.. وعبر لي الدكتور يسري بامتنان عميق عن المساندة التي تلقاها من الدكتورة شادن عبدالجواد مديرة المعهد، ثم رئيس مركز البحوث المائية الآن. والدكتورة نهلة أبوالفتوح مديرة المعهد الآن. والوكيلين الدكتور فتحي الجمل والدكتور طه مصطفي.. وكذلك من الدكتور سيد أحمد عبدالحافظ المدير السابق لمعهد الأراضي والمياه بمركز البحوث الزراعية.. أكثر من ذلك، اقتنع الدكتور محمود أبوزيد وزير الري، وأرسل خطابا لزميله أمين أباظة وزير الزراعة، يبين له فوائد زراعة الأرز بالشرائح، بتاريخ 72/3/6002، ورغم أن الخطاب أوضح أن الطريقة الجديدة طبقت في البحيرة والشرقيةوكفر الشيخوالقليوبية بنجاح واضح. فقد رد وزير الزراعة علي وزير الري بخطاب مرفقا به مذكرة رد بها الدكتور عبدالعظيم طنطاوي رئيس مركز البحوث الزراعية عندئذ، وخبير الأرز. وكانت في جملتها سلبية، جوهرها »أن تجارب الري ببرنامج الأرز أثبتت أن تشبع التربة بالمياه يعطي محصولا عاليا«.. بما يعني عدم تقبل الفكرة القائمة علي تقليل مياه الري. وهكذا لم تستجب الزراعة.. حتي الآن! انهالت طلبات تعميم نظام زراعة الأرز بالشرائح من كل مكان.. لكن قبل أن نسترسل، لنتعرف علي هذا الابتكار من صاحبه.. قال الدكتور يسري عطا: تعتمد هذه الطريقة علي تخفيض المساحة المروية في الحقل، عن طريق تقسيم الأرض إلي خطوط.. ظهر الخط أو قمته تسمي حاجزا.. وقاع الخط يسمي شريحة. تزرع البذور أو الشتلات في قاع الخط فقط في صفين، في حالة ما إذا كان عرض الشريحة 08 سم وهو العرض الأمثل. تغمر المساحة كلها، أولا، بالمياه، قمة وقاعا حتي تتشبع الأرض بالمياه، وذلك لتثبيت الخطوط. بعد ذلك يكون الري، في الحيز الذي به النبات، أي قاع الخط فقط، مع جزء صغير من جانبي الخط. وبذلك تقل المساحة المروية.. قلت معترضا: أليس في ذلك إبعاد لجزء من الأرض، وهذا ترف لا نملكه بسبب ضيق الرقعة الزراعية.. ألا يؤدي ذلك عمليا إلي خفض الكثافة النباتية مما يؤثر علي الإنتاجية وجملة الإنتاج؟ أجاب: لم تفتنا هذه الإشكالية الجدية. لكننا أوجدنا الحل، وذلك بتعويض نقص المساحة بتكثيف النبات، أي إعادة توزيعه، بأفضل الأوضاع، وبحيث تكون كثافة النبات في الشرائح، هي نفس الكثافة الموصي بها للمحصول من الجهة العلمية المتخصصة في وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية. وأكبر دليل ان انتاجية الفدان من الأرز المزروع بالشرائح كانت دائما أعلي من إنتاجيته بالطريقة العادية. حدد لي بدقة، فوائد طريقتك..؟ أولا: وأهم شيء توفير ما بين 03٪ و04٪ من مياه الري. ثانيا: زيادة محصول الحبوب بسبب تعرض النبات للضوء أكثر من خلال المسافات بين الخطوط، فضلا عن الدقة في عدد الجور التي توضع فيها البذور أو الشتلات بحوالي من 5٪ إلي 6٪. ثالثا: توفير في عدد ساعات إدارة ماكينات الري إلي حوالي 04٪. رابعا: زيادة كفاءة استخدام السماد، بوضعه داخل قاع الخط فقط. خامسا: سهولة مقاومة الحشائش. سادسا: إحكام الري وسهولته. سابعا: تقليل المساحة المعرضة للبخر. ثامنا: تقليل للمياه المنصرفة بالرشح العميق، والمحافظة علي منسوب الماء الأرضي، والتخفيف علي المصارف.. وأخيرا، وهذا مهم جدا، عدالة توزيع المياه بين المزارعين، ووصول المياه لنهايات الترع، وليس كما يحدث الآن، لأن كل مزارع سيأخذ من المياه ما يكفي لري أرضه دون زيادة. أضاف: وطبعا أهم نتيجة وفائدة: توفير كميات مياه تسمح باستصلاح وزراعة مساحات جديدة نحتاج إليها. التجارب سألته: لماذا أنت متأكد من طريقتك.. وكل هذه الفوائد؟ أجاب: أقيمت تجارب بالمحطات التابعة للمعهد: محطة بحوث الزنكلون في الشرقية، والقرضي في محافظة كفر الشيخ، وكنج عثمان بالبحيرة، وبهتيم في القليوبية، استمرت من سنة 3002 حتي 6002. وهي تجارب شاركني فيها زملاء آخرون.. وقدم لي تقرير موقع من المهندس محمد عزت الشافعي المدير العام لإدارة التوجيه المائي لوسط وشرق الدلتا وطنطا، بتطبيق طريقة الشرائح بمناطق إرشادية بمحافظة كفر الشيخ علي ترعة بحر النور هندسة بيلا، وترعة بحر الشيخ ابراهيم بهندسة ري سيدي سالم، والتي أدت إلي توفير 0032 م2/فدان. وجاري نشرها في مناطق أخري من خلال روابط مستخدمي المياه. وتقرير موقع من المهندس رفعت فهمي فانوس مدير محطة كنج عثمان بحيرة، أكد كل النتائج، وأهمها توفير 14٪ من مياه الري. وخطاب من المهندس السيد محمد عطية مدير عام الإرشاد الزراعي بتاريخ 13/21/8002، يؤكد فيه إجراء تجارب بحقول عدد من الفلاحين تحت إشراف الدكتور يسري عطا، نجحت في توفير 0002 م3/ف وزيادة الإنتاجية 6٪ ويطلب التوسع في تطبيقها. وتقرير من محمد أشرف محفوظ رئيس مجلس مياه هندسة ري سنورس، يقول فيه انه تمت التجربة في قرية »بيهمو« في أرض الحاجة نوال خميس، وقد أعطت نتائج جيدة. وتقرير من المنسق الهولندي لمشروع تطوير الري يشيد بنجاح التجربة. ماذا سيفعل الدكتور علام؟ قلت للدكتور يسري عطا: أنت محظوظ. بل أنت الحالة الوحيدة التي قابلتها لباحث شاب يلقي تشجيع جميع رؤسائه، من مديري المعهد إلي الوزير، ويتبنون ابتكاره، ويدعون لتطبيقه.. ما تفسيرك؟ قال والتأثر يغلبه: توفيق من الله، ولا غرض إلا صالح الزراعة، وخوف من نقص المياه، ورؤساء علماء يقدرون العمل العلمي، ومصلحة البلد. قلت: وأنت تشارك الدكتور سعيد سليمان في الخمسة مواقع مع فلاحين، في مساحات تصل لأربعة أفدنة. ماذا يعني ذلك لك؟ أجاب: طبعا هذه مرحلة فاصلة في زراعة الأرز.. تحقق أكبر وفر في المياه. لأن عرابي 1 وعرابي 2 أرز جفاف.. مع الشرائح يصلان إلي الاحتياج الحدي من المياه. في قرية »أولية« مركز ميت غمر دقهلية.. أرض أولاد الحاج طلبة عليوة، شاهدنا المحصول، والخطوط.. واستمعنا إلي الحاج سيد طلبة عليوة، المباشر الأساسي لهذا الحقل.. سألناه: ما الذي جعلكم تقدمون علي زراعة صنفين جديدين من الأرز.. يرويان بكمية مياه قليلة، علي خلاف المعتاد في زراعة الأرز؟ قال، ومعه اخوته: فعلنا ذلك لمعرفتنا بشغل الدكتور سعيد.. وثقتنا في كلامه، من تجربة سابقة. فسنة 49 سمع المرحوم والدنا، وكان يحب أن يعرف كل حاجة جديدة في الزراعة، ان الدكتور سعيد سليمان بيتكلم عن عدم ضرورة ري بعض أصناف الرز بكل الميه دي.. وأنها لا تحتاج إلا لثلثي هذه الكمية.. فذهب إليه وعرف منه الطريقة.. وزارنا الدكتور سعيد هنا، وصارت معرفة. لذلك لما علمنا بالصنفين الجديدين، طلبنا أن نزرعهما عندنا. وجاء الدكتور سعيد،وجاء معه الدكتور عطا.. وفهمونا نظام تخطيط الأرض بالشرائح.. ونظام الزراعة والتسميد والري وأنتم شايفين النتيجة.. س: قبل كل شئ طريقة تخطيط الأرض.. وشرائح عطا.. ونظام الزراعة فيها.. وهي أشياء جديدة عليكم.. هل كان تنفيذها سهلا.. وهل احتجتم للدكتور عطا لكي ينفذها؟ ج: أبدا.. المسألة سهلة خالص. الدكتور شرحها لنا واحنا ظبطنا الجرار علي المقاسات بين الخطوط. عملنا كل حاجة لوحدنا. س: نظام ري الجفاف الذي أوصاكم به الدكتور سعيد.. أفادكم.. أم كانت له مشاكل؟ ج: مشاكل إيه.. دا ريحنا من حاجة اسمها »التلويط«. كنا نغرق الأرض بالمياه.. ثم نعمل في الأرض »روبة«.. ثم نجيب زحافة يجرها حصان ونزحف الأرض. تلويط القيراط كان بيكلفني عشرة جنيه.. يعني الفدان 042ج. ومع كثرة المياه كان تفريد الشتلات القيراط كمان عشرة جنيه. مع نظام ري الجفاف، تخطيط القيراط بالجرار بيكلفني 3 جنيه فقط.. وتفريد الشتلات مثلها.. لأنه أصبح أسهل لأن الأرض جافة. يعني في الفدان وفرت في الحكاية دي بس 833 جنيها.. قلت للحاج سيد: لكن الدكتور سعيد زود عليكم في التسميد.. قال ضاحكا: تسميد زيادة إيه يا عم.. دول جرعتين سماد ورقي.. كل جرعة ب 51 جنيه.. يعني الفدان زاد عن العادي 03 جنيه بس. سأله الدكتور عبدالستار الخواجة أستاذ المحاصيل بكلية زراعة الزقازيق، الذي رافقنا في الجولة، السؤال الأكثر أهمية: كم ساعة كنت بتشغل ماكينة الري.. الأول.. ودلوقت؟ ج: كنا بنروي الأربع فدادين كل أربعة أيام في 01 ساعات. دلوقتي بنروي كل 21 يوم، وبرضه في 01 ساعات. قلت للحاج سيد: كل 21 يوم.. أليس هذا تعطيشا للنبات أكثر من اللازم؟ أمسك بيده قطعة من التربة وقال: أهي الأرض بعد 8 أيام من الري.. طرية وطينية.. ولسه تتحمل جفاف أكتر.. س: كم سيكون عمر أرزك زارع عرابي 1 وعرابي 2 يوم الحصاد؟ ج: شاملة وقتها المشتل، من 521 إلي 031 يوم.. س: هل جربت زراعة أصناف أخري.. بنفس هذا النظام؟ ج: أيوه.. زرعت شريحة بجيزة 771.. لم يتحمل الجفاف.. ونموه ضعيف. في إكوة في قرية إكوة مركز ديرب نجم شرقية، زرنا حقل الفلاح الحاج محمد عطية سالم.. الذي زرع فدانين بالصنفين الجديدين عرابي 1 وعرابي 2. قال: زراعة أرز الجفاف، بالري بمياه قليلة أنقذتني.. لأن غيطي في نهاية الترعة.. والمياه شحيحة.. وتنقطع كتير بالعشر تيام. وماكانش ممكن أزرع رز يحتاج مياه كتيرة وغمر مستمر.. كنت أضيع ويتخرب بيتي. والحمد لله، بفضل الدكتور سعيد والدكتور يسري.. المحصول ممتاز. أضاف الدكتور سعيد سليمان: أيضا في حاجة مهمة جدا تقبلها الحاج محمد، ووافق علي تجربتها. فلأول مرة في تاريخ زراعة الأرز في مصر، يزرع بالبذرة الجافة مباشرة.. بدون شتل.. قال أحد الموجودين من أهل القرية: كان الفلاحون عندما يمرون أمام الغيط.. ويشوفوه جاف.. يسألون: دره ده؟ فلما نرد: لأ.. رز، يضربون كفا بكف مستغربين إن الغيط مش مليان ميه كالمعتاد.. سألته: الزراعة بالشرائح التي أوصاكم بها الدكتور عطا.. كانت سهلة؟ قال: جدا. أنا حرت الأرض.. وخططتها كأني بازرع دره. بين الخط والخط 07 سم.. وغرست البذور في الجور صفين في بطن الخط.. بين الصف والصف 2 سم.. وبين الجورة والجورة 01 سم.. أضاف الحاج محمد: طبعا النظام ده رحمني من تلويط الأرض وتكاليفه.. وكمان من الشتل. الزراعة بالطريقة دي كلفتني 061 جنيها بس.. لو كنت شتلت كان حيكلفني 053 جنيها.. تدخل الدكتور عبدالستار الخواجة بسؤاله الحاسم: كنت بتروي الأول إزاي.. ودلوقت إزاي؟ أجاب: قبل كده كنت باروي الرز كل تالت يوم رية.. كان الفدان بياخد أربع ساعات بالطلمبة.. مع الصنفين الجداد باروي كل 7 أيام.. والفدان بياخد ساعتين ونص بس.. يعني كل ريه بتوفر لي 03 جنيه. كنت باروي 04 رية.. دلوقت 02 ريه فقط.. إحسبها بقه.. حسبها أحد الشباب فوجد أن الحاج محمد كان بيكلف ري الفدان 0061 جنيه.. أصبحت 005 جنيه. يعني الوفر 0011 جنيه. ملحوظة: في كل حواراتنا مع الفلاحين في »أوليلة« أو »اكوة«.. كان الدكتور سعيد سليمان يتعمد تفقد الحقول بعيدا.. ولم يشترك أبدا في هذه الحوارات.. حتي يكون كلام المزارعين من واقع تجربتهم هم.