د. أحمد درة كلا المرشحين للاعادة علي مقعد الرئيس لا ينتميان إلي ميدان التحرير وكلاهما بعيد عن الثورة، هذه حقيقة لا يجب أن يماري فيها احدهما أو كلاهم. أما السبب الذي ابتعد بأحد رموز ثورة يناير عن الرئاسة فليسأل من يبحث عنه كل من فرق الثوار وشتت جهدهم وشغلهم بسفاسف الأمور عن عظائمها، ثم لما جاء وقت الجد، قعدوا لبعضهم البعض كل مرصد، وانحرف بهم من يريد الرئاسة بعيدا عن التعاضد والتكاتف وأصبحوا فرقا متناحرة، تفتت أصواتهم كما رأيتم جميعا وجاءت النتيجة بمتنافسين لا يمثلان الثورة في شيء. فهل تقف مصر تندب حظها علي أبواب الغد التي فتحتها يد الثورة بجهد وعرق ودموع ودماء، أم أن علينا الاختيار اليوم لنجتاز هذه العقبة الكأداء، وعلي الذي تأتي به الصناديق ان ينصاع إلي ارادة الشعب، واعادة الثورة إلي أصحابها والحقوق إلي الأحقين بها، اننا أمام اختيار عصيب أشبه بالبلاء، لولا هذا الأمل الذي قد يبزغ من طياته فجر جديد للدولة المصرية الحديثة، التي لا يكون الرئيس فيها ملكا جبارا فوق النقد والمساءلة، هذه ارادة الشعب تتحدث عن نفسها اليوم لتقرر ان يكون هذا الرئيس القادم معبرا عن آمال وطموحات يجب ان تترجم علي أرض الواقع إلي مشروعات كبيرة تنقل مصر من مصاف الدول المتخلفة إلي مصاف الدول المتقدمة الكبري. انه من المحتمل ان يكون أحد الرجلين المطروحين أمامنا هو الحائز علي الاغلبية وبذلك يصبح من حقه ان يكون الرئيس، وهنا علي المرشح الذي ينتمي لفصيل ديني أن يقول لنا كيف سيتخلص من العهود التي عاهد مرشده عليها، وكيف سيفصل بين السلطات وكيف سيتعامل مع أهل الديانات الأخري، وعليه ان يقولها صريحة لماذا سكت حينما اذاع أحد المروجين له مكررا ان هذا الرجل يشير إليك سيقيم الولايات العربية المتحدة وعاصمتها القدس، فهل سيكون ذلك قبل اصلاح الأحوال في مصر أم بعدها أم سيكره المصريون في عهدك علي أن يكونوا جزءا من الولايات التي سوف تكون القدس عاصمتها وليست القاهرة؟ وكيف سيكون ردك ولم ترد علي هذا الذي قال لمن يجادله ان الاخوان اسيادكم، وهل سنرجع لعهود السادة والعبيد والإماء، ان هناك مسافة بعيدة جدا تفصلنا عن ان نفهم هذه المتناقضات، وكان يجب أن نسمع من مرشح الاخوان موقفه من مسألة المرجعية الدينية، هل ستكون للمرشد أم ستكون للأزهر الذي هو مرجعية عالمية لكل المسلمين السنة منذ مئات العقود، لقد صمت الرئيس المحتمل أمام من اقترح مرجعيات اخري غير الأزهر واقتراح بسن قانون بذلك، لقد آزر اناس كثيرون جدا هذا التيار في الانتخابات البرلمانية، واليوم ما مصير هذه المؤازرة، هل خفتت ووهن عزمها لما حدث من تراجع عن العهود وتلةِّ عن مشكلات الشعب الحقيقية بمسائل تافهة ليس لها مردود وافر علي أحوال الناس المتردية وبيوتهم الخاوية، إن الجعبة فيها الكثير، وعليك أيها الرئيس المحتمل ان تنصح أبناء الجماعة البررة أن يعودوا إلي طريق الحق الذي عهدناه عن رموز الاخوان التاريخيين الذين كانوا يعرفون الحق ويذهبون مذهبه، لا لدنيا يصيبونها، إنما لوجه الله تعالي وللوطن من بعده، هؤلاء الذين تواصوا بالصبر وتواصوا بالعدل والاحسان، وكانوا يجأرون بأن أهل مصر أولي بخيرها، لا يشهرون سلاح الانتقام اذا تمكنوا، ولا يحملون غلا للذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله من أبناء جلدتهم أو هؤلاء الذين يدينون بدين غير ديننا. وكذلك فإننا أمام رئيس محتمل آخر، ليس من خلفه حزب أو جماعة إلا انه كان في يوم من الأيام من رجال الرئيس المخلوع، ينفذ سياساته، شأنه شأن كل الذين عملوا مع مبارك، غير انه أصبح رئيساً محتملا، فهل يكون هو المخرج الوحيد الآن للثورة ولمصر من النفق الطويل المظلم ومن مصير قد يضع البلاد تحت قبضة المرشد الذي وقف من وراء مرشحه ويقف حتي اليوم، ربما يكون ذلك، بيد انه يجب أن يتعلم الدرس من رأس الذئب الطائر، ويقول لنا بصراحة ماذا سيكون موقفك من كل القضايا التي تجابه مصر الآن، وتجابه ثورة شعبها، عليك أيها الرئيس المحتمل أن تطهر مسيرتك من بقايا الحزب الفاسد الذي يتمحك بك الآن، ويضعك في موقف حرج جدا، وعليك أن تعيد لمصر هيبتها وشوكتها وأن تعلن ولاءك لهذا الشعب وليس لغيره، عليك ان تنسي »مارينا« لان الشعب الذي هو يصلي لهب الظلم وغياب العدالة الاجتماعية لا يريد ان يري »مارينا« ومن بداخلها.. حقا لقد سئمنا هذه الحياة الوضيعة، ولا نريد ان نعود إليها ابدا، فهلا فهمتهما أيها الرئيسان المحتملان؟ هل يلام المستشار الزند علي هذا؟ أعتقد ان المستشار أحمد الزند وضع الأمور في نصابها حين دافع عن القضاء والقضاة الذين انتخبوه رئيسا لهم، وهذا دفاع عن الشعب الذي انهكته الصراعات السياسية، واخطأ من ارادوا أن يتحدثوا باسمه ليهجموا هجمتهم علي مؤسسة القضاء وتوظيف ذلك لخدمة أهداف سياسية رديئة زائلة، لقد كان حديثه في كل مرة دافعا، لم يراوغ ولم يخبأ كلاما جاء علي لسانه من قبل، قال لهم نعم كنت رئيسا لنادي القضاة قبل الثورة وبعدها، واثنيت علي مبارك حين رفع يده عن التدخل في مسألة تخص القضاء، مهما تختلف مع المستشار أحمد الزند، لا تملك إلا أن تحبه وتحترمه.