أعمارهن الآن تتراوح ما بين الثمانينات والتسعينات..لم يعد الوقت في صالحهن.. فهن علي أبواب الرحيل في أي لحظة، دون أن تكتحل عيونهن برؤية أحفادهن المفقودين. منذ 36 عاما وجدات "پلازا دو مايو" يبحثن عن الأحفاد.. وحتي الآن نجحت الجدات في اقتفاء أثر 105 من بين500 مفقود، سرقهم النظام الديكتاتوري العسكري في الأرچنتين قبل 36عاما فور ولادتهم في مراكز الاعتقال المتناثرة في أنحاء البلاد. كان لإصرار جدات "پلازا دو مايو" وتظاهرهن اسبوعيا رافعين صور أبنائهن المفقودين وهن يرتدين مناديل الرأس البيضاء.. وتكثيفهن الضغط علي السلطات، الفضل في تقديم الطغمة العسكرية للمحاكمات، مثل الديكتاتورخورخي ڤيديلا ورينالدو بينييون مهندس سرقة أطفال النساءالمعتقلات الذين أنجبوا في مراكز الاعتقال.. وسجن العديد من مجرمي الحرب الارچنتينيين.. ومعرفة بعض ما حصل لأبنائهن المفقودين الذين انضموا للمقاومة اليسارية، ودفعوا حياتهم ثمنا لمقاومتهم لحكم العسكريين. وراح 30 ألف ضحية النظام العسكري سواء بقتلهم ودفنهم في مقابر سرية او تخديرهم والقائهم مقيدين وعرايا من طائرات فوق المحيط. تكشف چوان فوريرو في صحيفة الواشنطن پوست حجم حزن الجدة ايلسا سانشيز .. عمرها 87 عاما ، جسدها أصبح هزيلا إلا أنها تحتفظ بذاكرة حية لأسرتها زوجها وبناتها الأربع وحياتها الرائعة معهم.. كان لديها اسرة مترابطة ومحبة وفجأة فقدت الكل بعد تولي الطغمة العسكرية الحكم. تخشي الجدة أن توافيها المنية قبل أن تعرف مصير اثنين من أحفادها وحقيقة ما حدث لزوجها وبناتها الأربع.. ديانا واستيلا والأب انضموا للمقاومة اليسارية وتم اعتقالهم واحدا وراء الآخر كان لديهما طفلان اخذهما اقاربهما لرعايتهما.. إلا أن ديانا ومارينا اللتين تم اعتقالهما كانتا حاملا في الشهور الاخيرة وتعتقد الأم انهما انجبتا في مركز الإعتقال قبل قتلهما وتقديم طفليهما للتبني لأسر العسكريين .الجدة اليسا لم تكن محظوظة مثل الجدة روزينبليت.. فهي لا تعرف شيئا عن مصير حفيديها وهي تترك لحفيديها الآخرين امر البحث عن ابناء استيلا وديانا وقدأقسما لها انهما لن يتوقفا عن البحث عنهما حتي العثور عليهما. اختطف عملاء النظام ابنة روزينبليت وتدعي پاتريشيا يوم 6 أكتوبر 1978 وكانت حاملا في شهرها الثامن لم تجد الأم حتي الآن جثة ابنتها ولكنها علمت من سجينات سياسيات في المعتقل أنها أنجبت صبيا. وقبل 12 عاما وصلتها مكالمة تليفونية تبلغها أن حفيدها علي قيد الحياة وتبناه بشكل غير قانوني مسئرل في القوات الجوية وأنه متزوج ولديه طفلان. بفضل مركز حفظ بيانات "الدي إن إيه "لأهالي المفقودين تأكدت الجدة انه حفيدها بالفعل. وتعترف انها كانت محظوظة لعثورها علي حفيدها بينما هناك ما يقرب من 400 من الجدات ما زلن يبحثن عن أحفادهن ويعذبهن الألم بعد تضاؤل الأمل في العثور عليهم. وتتراوح اعمار الأحفاد الآن ما بين 35 و36 عاما ويعيشون غير مدركين أنهم تربوا في اسر ربما قام الوالد فيها بتعذيب وقتل امهاتهم وآبائهم الحقيقيين . الحسرة تملأ قلوب الجدات غير المحظوظات اللاتي يعشن علي حلم ضم أحفادهن لصدورهن قبل ان يغادرن الحياة. ما زالت مكاتب مراكز جدات »پلازا دومايو« تعمل بنشاط محموم وتتحدي المسئولة عن هذه المراكز استيلا دي كارلوتو سنواتها ال81 وتحرص علي الاجتماع مع المسئولين الحكوميين لحثهم علي المساعدة في معرفة الحقيقة ومع منظمات حقوق الإنسان في الخارج. وهناك فريق من المحامين والأطباء النفسيين والموظفين الذين كانوا أطفالا اثناء الحكم الديكتاتوري والذين يتم اعدادهم للبحث عن الأحفاد المفقودين عندما لن يكون هناك وجود للجدات التي يتناقص اعدادهن يوما بعد آخر.