إبراهيم سعده بعد إعلان نتيجة الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية عادت التظاهرات إلي ميدان التحرير يرفض المشاركون فيها رئيساً من "الإخوان" أو من "الفلول". التظاهرات السلمية للتعبير عن الرأي لا اعتراض عليها. فهذا حق اكتسبه الشعب منذ ثورة 25 يناير، لكن ما لا نقبله هو استخدام العنف لفرض هذا الرأي. فما حدث من قيام البعض بالهجوم علي مقر حملة الرئيس المحتمل الفريق أحمد شفيق وحرق كل ما فيه، هو أبرز مثال علي هذا العنف المرفوض من معظم القوي السياسية من خصوم "شفيق" قبل أنصاره التي نددت به، وطالبت بالحفاظ علي سلمية التظاهرات والاعتراضات. التنديد الجماعي بما حدث لا يرجع فقط إلي رفض اقتحام وحرق مقر حملة أحد الرئيسين المحتملين، بل كان خوفاً أيضاً من تكرار هذا العنف ضد مقار الآخرين وممتلكاتهم وأرواحهم. فالعنف يولد العنف. وعدم التصدي إليه اليوم سيشجع علي تكراره غداً وبعد غد. فهل هذا هو الأمن والاستقرار كما ننتظرهما ونحن علي بعد خطوات من اختيار أول رئيس جمهورية بعد الثورة؟! المؤسف أنه لا أحد يعرف حتي الآن هوية المهاجمين وصولاً إلي الكشف عن محرضيهم، وهو ما أدي إلي توجيه أصابع الاتهام إلي كثر بادروا كلهم إلي إعادة الاتهام لأصحابه ليصبح المجني عليه متهماً، والمحايد متورطاً، والمعارض فلاً من الفلول(..). تقدم 13 للترشح في الانتخابات الرئاسية لكل واحد أنصاره وخصومه ومنافسوه وفي نهاية المعركة الانتخابية اختار "الصندوق" الإثنين اللذين فازا بأعلي أصوات الناخبين وهما: الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق ليخوضا معركتهما الثنائية بعد أيام قليلة و سيكون الصندوق هو أيضاً الذي سيحدد: أيهما رئيس مصر القادم، الحاصل علي أعلي الأصوات في السباق النهائي. كلها خطوات ديمقراطية، سليمة، حدثت فيها مخالفات وتم التحقيق في بعضها كما قامت اللجنة العليا بسرعة تصحيحها قبل إعلان النتيجة كما أكد رئيسها المستشار فاروق سلطان في مؤتمره الصحفي أول أمس. فوز "مرسي" و"شفيق" بأصوات أوصلتهما إلي الإعادة، لم يسعد أنصار المترشحين الآخرين وهذا أمر طبيعي لم ننفرد به. بعضهم شكك في العملية الانتخابية. بعضهم اتهم القائمين عليها بالتزوير لصالح مرسي "الإخواني" أو لصالح شفيق "الفلولي". وبعضهم أيضاً رفع دعاوي قضائية لإغلاق الانتخابات، وإعادتها، أو تأجيلها إلي أجل غير مسمي. هذا كله كما قلت تصرفات متوقعة ومشابهة لما يحدث في أي انتخابات نقابية أو داخلية. المهم أن تمارس هذه التصرفات وردود الأفعال بالعقلانية ويلتزم أصحابها باحترام ما يحكم به القانون واضعاً حداً نهائياً لهذه النزاعات المشروعة. لماذا اختلف حالنا الآن، واستخدم بعضنا العنف، والحرق، احتجاجاً علي نتيجة الجولة الأولي من الانتخابات؟ ولماذا لا يحترم مشعلو النيران إرادة أكثر من 10 ملايين مصري منحوا أصواتهم مناصفة بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق؟!