أقدر بشدة إصرار فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف علي حرمة تجسيد شخص النبي عليه الصلاة والسلام صوتا أو صورة في أفلام سينمائية أو مسلسلات تليفزيونية لأن ما نسمعه ونقرأه عن خطط لمخرج سينمائي إيراني في هذا الشأن هي خطط من قبيل الإساءة إلي كل المسلمين شيعة أو سنة .. وليس من المستغرب أن يفعل هذا المخرج ذلك الإثم فقد فعلوها مع سيدنا يوسف عليه السلام . والتشديد من الدكتور الطيب جاء في معرض استقباله للسفير الإيراني بالقاهرة وهو مطلب مهم وضروري إذا كان الإيرانيون يسعون إلي تحسين العلاقات مع مصر والأزهر الشريف فلا يمكن أن تستقيم الأمور بدون احترام العقيدة ولا يمكن أن يتسامح أهل السنة الذين يمثلهم الأزهر مع هذا المسلك الغريب الذي لا مبرر له ويخرج عن حدود احترام الفكر والإبداع .. ولم يكن غريبا علي مسامع السفير وكل العالم الإسلامي ما قاله فضيلة الإمام الأكبر من أن المصريين هم أكثر شعوب الأرض حبا واحتراما وإجلالا لآل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم .. ولا يزايد علينا أحد في هذا الأمر. حب المصريين لآل بيت الرسول يتجسد في الاحتفالات الضخمة التي تقام في الموالد الشعبية في جميع أنحاء مصر بطولها وعرضها وليس أدل علي ذلك من مولد سيدنا الحسين ومولد السيدة زينب والسيدة نفيسة رضي الله عنهم والتاريخ يتذكر كيف استقبلت السيدة زينب في القاهرة وكيف احترمها أهل مصر منذ قدومها إلينا.. كما أعجبني رفض الإمام الأكبر لإقامة أي حسينيات في مصر لأنها زعزعة لاستقرار الوطن وشق لوحدة الصف وإضعاف للنسيج الوطني بعدما ظهرت في الأفق دعاوي لإنشاء مساجد خاصة بالشيعة علي أرض مصر. تحذير الأزهر الشريف علي لسان فضيلة الإمام الأكبر من إقامة أي مساجد طائفية لمذهب مخصوص أو فئة بعينها تنعزل عن سائر الأمة وتشق الصف وتهدد الوحدة الروحية والاجتماعية لمصر وشعبها، سواء سميت بالحسينيات "مساجد الشيعة" أو غيرها يكشف عن نزعة طائفية لا يعرفها أهل السنة والجماعة في مصر أو أي مكان آخر سوي بيت الله والمسجد. الاجتماع الموسع الذي عقد بمشيحة الأزهر بحضور علماء من الأزهر ومن الطرق الصوفية وممثلين عن التيار السلفي وجماعة الإخوان المسلمين، للاتفاق علي رؤية موحدة بشأن ما أثير مؤخرا من توجه شيعي بإنشاء ما يسمي بالحسينيات، وهي أماكن العبادة عند الشيعة، التي تضاهي المساجد عند أهل السنة والجماعة كان ضروريا الآن لقطع الطريق علي أي محاولة للفرقة بين المسلمين فلا يجب أن ننقسم إلي معسكر للسنة وآخر للشيعة . وجدد المؤتمر علي رفض الأزهر التام والقاطع لكل المحاولات التي تهدف إلي بناء دور عبادة لا تسمي باسم المسجد أو الجامع، لتزرع الطائفية وثقافة كره أصحاب الرسول والإساءة إليهم بتلك الثقافة التي لا تعرفها جماهير المسلمين في بلاد أهل السنة، خاصة في مصر بلد الأزهر الذي حافظ علي عقيدة أهل السنة من أي تحريف أو غلو.. لا أريد الخوض في مسألة سب الصحابة وأمهات المؤمنين التي تثير الفرقة والاختلاف بين المسلمين وكل ما نرجوه ألا نقف في مواجهة بعضنا البعض شيعة أو سنة فيتفرق شمل المسلمين. موقف الأزهر الداعم لحرية الفكر والإبداع كما جاء في الوثيقة يؤكد أن الإسلام هو دين السماحة والحق والوسطية والاعتدال بالشروط التي وضعتها الوثيقة التي لا خلاف عليها بل تساهم في تهيئة المناخ الطيب أمام جميع المصريين ونحن نخطو إلي الجمهورية الثالثة بثقة في الله سبحانه وتعالي وقدراتنا علي السير إلي الأمام نحو بناء مصر جديدة ينعم فيها الجميع بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والحرية .