محمد رطىل عك.. يعك.. عكاً.. أستهل مقالي بكلمة »عك« ومشتقاتها، التي يرددها دائما العالم الجليل د. مبروك عطية في برنامجه الجميل »الموعظة الحسنة« لأعبر بها عن حال بلادنا الآن سواء علي صعيد المشهد السياسي »وصراع السلطة«.. أو علي الصعيد الشعبي وفوضي الحرية والانفلات الكبير، وحال الاغلبية المطحونة الصامتة من الشعب الغفير!!. أما علية القوم وكبارهم وساسة البلاد وقادة ورجال أحزابها فهم في واد.. والشعب في واد آخر، يتصارعون ويتناحرون علي السلطة، ويهددون ويتوعدون ضاربين بعرض الحائط الدستور والقانون، بل يكذبون في سبيل الوصول إلي أغراضهم، ليحصلوا علي قطعة كبيرة من »التورتة« بل البعض منهم يريد أن يستولي عليها كلها، بينما هي لم تزل عجينة لم تنضج بعد!. إن ثورة 52 يناير بجسارة شبابها، وجسامة تبعاتها، يجب ان تتمخض في النهاية عن رجال أكفاء مخلصين لبلادهم، لا يسعون للسلطة والشهرة، يُطلبون »بضم الياء« ولا يَطلبون »بفتحها« ويكونون قدوة لشعبهم، بالصدق والالتزام وإنكار الذات.. ولكن للأسف الشديد، إنهم يلهثون نحو السلطة ويعتبرونها مغنما لا مغرماً، بينما هي مسئولية كبيرة ومهمة انتحارية في هذه الظروف التي تعيشها البلاد!. يا أيها المتصارعون علي السلطة.. يا كبار القوم.. أما ترون ما آلت إليه البلاد من فوضي وسوء أخلاقيات وتعديات علي حرمات مصر، في الشوارع والميادين والمباني ومياه النيل وأراضي الدولة؟!.. يا أولي النهي والبصيرة.. ألم تنزلوا من برجكم العاجي وتروا أناسا من أبناء مصر يأكلون من صناديق القمامة، ومنهم من لا يجد قوت يومه، ولا يجد ما يسد رمق أولاده؟!. ألم تشاهدوا الفوضي التي عمت البلاد، وأصبح العك في كل شيء هو السمة السائدة، والبلطجة تستشري في ربوع مصر!. الكل يعك عن عمق مع سبق الاصرار والترصد، وأصبح خراب الاقتصاد والذمم، وآثار التعديات وسوء الأخلاقيات يحتاج الي سنوات وسنوات للعلاج وتحقيق الانضباط، وإسرائيل تتربص بنا علي الحدود وتتحين الفرصة للانقضاض علي سيناء.. ونحن نتناحر ونحتج ونبالغ في المطالب، ونخرب ونعتصم ونختصم ونتفنن في تسمية وإقامة المليونيات، ونخسر بالمليارات، وتنعدم الثقة وتنعدم المروءة.. فكل منا يعمل لذاته، ولا يعمل لمصلحة بلده، وأصبحت الحرية - التي هي من أهم مكتسبات الثورة- فوضي عارمة تعم أرجاء البلاد!. فهل آن الأوان لصوت العقل والحكمة للكف عن هذا العك والعبث الذي اصاب البلاد والأغلبية الصامتة المطحونة، لنعيد لمصر هيبتها ومكانتها، وننقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تنهار البلاد وتسقط الدولة ونصبح أضحوكة.. العالم كله.. ونندم كثيراً حيث لا ينفع الندم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.