اهتمت صحيفة "الجمهورية" بنشر خبر عن الدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة وكيف أنه ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بالقرب من الطريق الدائري.. فأوقفه المحافظ وسحب منه الرخص وأرسلها إلي إدارة المرور لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده. الخبر بهذه الطريقة في النشر يبدو وكأن السائق ارتكب جرماً غير مألوف في مصر أو في المحافظة علي وجه الخصوص. خاصة أن المحافظ اهتم بنفسه بضبط الواقعة باعتبارها عملاً شاذا يعاقب من ارتكبه طبقاً للقانون. وأقول للسيد الدكتور المحافظ الذي نكن له كل الاحترام والتقدير إنك يا سيدي لو قررت النزول بنفسك إلي بقية شوارع المحافظة وميادينها المترامية سوف تكتشف العجب العجاب.. سوف لا تجد مخالفة واحدة من هذا النوع بل ستجد مئات المخالفات فالكل الآن يسير عكس الاتجاه ويقف في الممنوع ولا يخشي مروراً ولا محافظاً ولا أي مسئول علي أي مستوي!! الفوضي يا سيادة المحافظ تضرب أطنابها في كل شيء لأننا "في ثورة" وهذا مفهومنا لها.. المخالفة شعارنا.. والتبجح بها أسلوب حياة.. ومحاربتها يعني أنك من الفلول وضد الثورة!! أناشدك يا سيادة المحافظ.. وأناشد محافظي القاهرة والقليوبية والإسكندرية وكل محافظي مصر أن تنزلوا إلي الشوارع ستجدون الباعة الجائلين لم يحتلوا الأرصفة فقط ومنعوا مرور المشاه وأغلقوا المنافذ علي أصحاب المحلات المرخصة وضيقوا عليهم أرزاقهم.. بل احتلوا أنهار الشوارع ومنعوا مرور السيارات وأربكوا حياة الناس. مصر كلها يا سيادة المحافظ تسير الآن عكس الاتجاه.. نريد إنتاجاً زراعياً لتوفير أقواتنا فنعتدي علي الأراضي الزراعية ونبني فوقها في ليل وفي خفية عن أعين الشرطة والمسئولين ليصبح البناء أمراً واقعاً وحقيقة غير قابلة للإزالة. نريد زيادة الأجور وتحسين الأحوال المعيشية.. فنفعل العكس بالإضراب عن العمل والتظاهر والاعتصام.. بل وتخريب المنشآت إذا لزم الأمر ثم نحتج إذا قاومت الشرطة هذه الأعمال وقبضت علي المخربين ونطالب بعدم محاكمتهم لأنهم "ثوار"!!! نريد لجماعات وهيئات المجتمع المدني وحقوق الإنسان أن تمارس نشاطها علناً وبشفافية.. ونعرف مصادر تمويلها ومقدار هذا التمويل والمصارف التي توجه إليها هذه الملايين من الدولارات واليورو وغيرها من العملات فتقوم الدنيا ولا تقعد بحجة أن الكشف عن هذه الأنشطة يعتبر تدخلاً في شئونها الداخلية وكأنها دول داخل الدولة!! نريد أن نصل بالثورة إلي الهدف الأول لها وهو قيام حياة ديمقراطية سليمة. ونسير في هذا الاتجاه بخطوات ثابتة فنجري الانتخابات البرلمانية بنجاح. ونعمل علي تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور بما يرضي جميع الاتجاهات السياسية ونفتح باب الترشيح لأول انتخابات رئاسية ديمقراطية ونزيهة.. ثم بعد ذلك كله نجد من يخرج علينا ويطالب المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتسليم الحكم الآن وفوراً إلي سلطة مدنية!! كيف؟! ليس مهما ولكن المهم أن نطرد المجلس الأعلي من الحكم لتتحول مصر إلي فوضي عارمة.. لأن هذه هي الثورية في عرف ورأي ثوار الفضائيات!!! ليس سائق الميكروباص وحده يا دكتور علي عبدالرحمن هو الذي يسير عكس الاتجاه.. فكلنا بحسن أو سوء نية نسير ببلدنا عكس الاتجاه!! ولا نملك إلا أن ندعو الله أن يهدينا سواء السبيل.