جلال دويدار ان ما يجب ان يدركه المصريون وما يتحتم عليهم ان يؤمنوا به ان مصر وبعد ثورة 25 يناير ووفقا للملابسات والاحداث التي احاطت بهذا الحدث الجلل.. أصبحت وسوف تكون دولة جديدة رغم كل شيء. ان ما حققته هذه الثورة من نتائج ابهرت العالم- رغم ادعاءات البعض انها لم تستكمل مسيرتها- تمثلت في اسقاط نظام حكم اعطي ايحاء بأنه محصن من السقوط . ان كل من يسندون »دور الشرير« لكل من عمل في ظل النظام السابق لخدمة مصر يعانون من داء الهزيان . ان احدا لا يمكن ان ينكر عن هؤلاء الملايين انهم مواطنون مصريون شرفاء ماداموا لم يمارسوا فسادا او ارتكبوا جرما يخضع للعقاب . وكما هو معروف فإن هذا النظام السابق قد انتهي وولي بإسقاط رموزه وعلي اساس ان النيل من رأس الحية يضمن القضاء علي خطرها وما كانت تنفثه من سموم. في هذا الاطار فان أيا من المرشحين للرئاسة سواء الدكتور محمد مرسي رئيس التنظيم السياسي لجماعة الاخوان او الفريق احمد شفيق القائد الاسبق للقوات الجوية ووزير الطيران المصري لعشر سنوات.. يمكن ان يناهض ارادة الشعب الذي قام بهذه الثورة المبهرة اذا ما فاز. ان الشعب اصبح مثل المارد الجبار الذي خرج من القمقم وبالتالي اصبح من الصعب بل من المستحيل ان يقبل بأي انتقاص من حقوقه او اي مساس بحريته او التفاف علي مطالبه وتطلعاته المشروعة. بناء علي ذلك فان اي رئيس سوف يتم انتخابه لا يجب ان يكون محكوما بفكر أو ايدلوجية تيار معين. ان هذا الرئيس سوف يدرك جيدا بان اي انحراف او تجاوز في التعامل مع المصلحة الوطنية والرغبات الشعبية المشروعة لا يمكن ان يمر بسلام ودون محاسبة. هذا الامر يخالف تماما تركيبة جماعة الاخوان القائمة علي السمع والطاعة وهو ما يعكس نزعة الديكتاتورية المرفوضة. ان ما تحتاج اليه دولة مصر الجديدة المنطلقة الي التقدم والازدهار.. هو رجل دولة يملك الخبرة والقدرة علي الانجاز وليس رئيسا لا يمكن ان ننتظر منه ومن الذين يقفون وراءه سوي تحويل مصر إلي حقل للتطرف والصراعات والتجارب التي مللناها وتقود الي التخلف والضياع. ان الشعب المصري بأغلبيته المسلمة وبايمانه المتأصل واحترامه لكل الديانات السماوية ليس في حاجة لمن يُنصب نفسه وصيا دينيا او سياسيا عليه. علي هذا الاساس فان التطوع لاداء مهمة دعوية لا يجب الا تكون لغير وجه الله وليس وسيلة لبلوغ غاية هدفها السلطة والهيمنة والتسلط. ليس غائبا اننا جربنا هذه النوعية خلال الشهور الستة الماضية في تشكيلة مجلسي الشعب والشوري والسعي للسيطرة والسيادة علي مجلس الوزراء واصدار دستور علي المزاج واخيرا السعي لاعتلاء سدة الرئاسة لتكتمل بذلك الصورة الكاملة لامتلاك كل شيء وكأنك »يا ثورة ما غزيتي« وانما استبدلت الحزب الوطني بجماعة الاخوان. ان ما تتطلبه مصر الثورة هو رئيس لديه الاستعداد لاعادة بناء مصر متجاوبا مع مبادئها وليس علي اساس ايديولوجية الجماعة التي ينتمي إليها والقائمة علي ديكتاتورية مرشدها. نريد رئيسا ليس لفكره او استراتيجيته سوابق في نقض الوعود والعهود. نريد رئيسا تتسم اقواله وتصريحاته وسياساته بالصراحة والوضوح وغير مشارك في تبني الاقصاء من العمل الوطني. نريد رئيسا يؤمن بمبدأ تداول السلطة واحترام استقلال كل السلطات وعلي اساس دستور وطني نموذجي لا سلطوي تشارك في وضعه الخبرات القانونية والقوي السياسية والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية وفي مقدمتها الازهر الشريف والاخوة المسيحيين شركاء الوطن. ان تعويق الاخوان لظهور هذا الدستور الي الوجود ما هو الا دليل علي سوء النية ومحاولات اللف والدوران والمناورة وغياب الايمان بوحدة العمل الوطني. نريد رئيسا يؤمن بإمكانات الشباب الذين اشعلوا جذوة الثورة ويعمل علي اعطائهم كل الفرص لاستيعاب حماسهم. ان ما يتمناه الشباب هو القدوة الحسنة. لا جدال ان الطريق الي تحقيق كل هذه الامال مرهون بمن سوف يحصل علي أصوات الشرفاء.