جلال عارف مرة أخري أعود للتأكيد علي أن مشاعر الصدمة من نتائج المرحلة الأولي لانتخابات الرئاسة لا ينبغي مطلقا أن تدفعنا إلي طريق الاحباط أو اليأس.. بل علي العكس من ذلك فإن المشهد كله يقول إننا أمام ميلاد جديد للثورة سوف يتخطي كل العقبات وسوف يقودنا إلي مصر التي نحلم بها جميعا وطنا للحرية ولكرامة الإنسان. يكفي أن نقف أمام الحقيقة الأولي فيما حدث، وهو أن الشعب قد أخذ مستقبله في يده، وأن الملايين التي تعمد النظام السابق ابقاءها بعيدا عن تقرير مصير الوطن، قد عادت بقوة لتكون لها الكلمة الأولي والأخيرة في كل ما يجري علي أرض مصر. ويكفي أنه رغم كل ما جري من حصار لقوي الثورة واستنزاف لجهودها، فإنها استطاعت أن تفرض نفسها كأكبر قوة انتخابية وأن تستحوذ علي أكثر من 40٪ من أصوات الناخبين احتشدوا وراء حمدين صباحي، وشكلوا معظم مؤيدي عبدالمنعم أبوالفتوح، وأكدوا بحضورهم أن المستقبل لهم، وأن مصر لا يمكن أبدا أن تعود للوراء، وأن الدولة المدنية المنحازة للديمقراطية وللعدل الاجتماعي وللاستقلال هي الاختيار الوحيد لمصر الثورة. ولا يعني ذلك أن نتجاهل الأزمة الكبيرة التي نواجهها بعد أن وضعتنا نتائج المرحلة الأولي للانتخابات أمام أصعب الخيارات.. وإذا كان الاحساس بخطورة الموقف قد دفع بعض الأصوات المستقلة لاقتراح أن يتنازل متصدر السباق الدكتور محمد مرسي عن التنافس في الإعادة، وهي تعلم صعوبة ذلك.. فإن الجهود ينبغي ألا تتوقف للخروج من المأزق الذي تم وضعنا جميعا فيه. ولعل المخرج يكون بالتوافق علي أن يكون الرئيس القادم رئيسا انتقاليا لفترة أقصر يمكن أن تنتهي بنهاية العام القادم، علي أن يتم خلال هذه الفترة »حوالي عام ونصف«، الانتهاء من الدستور الجديد الذي ينبغي الاتفاق علي بنوده الأساسية من الآن، مع وضع برنامج للفترة الانتقالية تشرف عليه حكومة وحدة وطنية ترأسها شخصية من خارج حزب الأكثرية البرلمانية الحالية. هذا الاقتراح يوفر فترة انتقالية حقيقية تنجز فيها المهام المؤجلة، ونعيد الأمن والاستقرار ونعالج الأحوال الاقتصادية، والأهم.. أنها توفر فرصة للعمل المشترك بين القوي الوطنية المنحازة للثورة. بعدها نعود للعشب لاقرار الدستور وانتخاب البرلمان والرئيس. كان هذا ما اقترحناه من البداية وفي أعقاب الثورة مباشرة، ولكنهم أخذونا إلي الطريق الخطأ الذي كان من المحتم أن يصل بنا إلي المأزق الحالي.. فهل يصلحون الخطأ أم يصرون علي الذهاب بالوطن إلي المجهول!