رغم أن عدد الإعلاميين الأفارقة الذين دعتهم تركيا للمشاركة في المؤتمر الأول للإعلام التركي الأفريقي تخطي رقم ال300 إلا أن روعة ودقة التنظيم وحفاوة الاستقبال فضلا عن خفة دم أصحاب البشرة السوداء وروحهم التي رفرفت في سماء المؤتمر وأزيائهم التقليدية ذات الألوان المبهجة، كلها عناصر جعلتنا لا نشعر بأي زحام.. الزحام الوحيد الذي شعرنا به تمثل في الأفكار والطموحات متعددة الاتجاهات التي أطلقها الحضور من الجانبين الأفريقي والتركي. عدد المسئولين الأتراك الذين حضروا المؤتمر في مختلف التخصصات وعلي رأسهم نائب رئيس الوزراء بولانت أرينج الذي يتولي بنفسه ملف مد جسور التواصل مع أفريقيا، أشعرني بمدي حرص تركيا علي توسيع دائرة تواجدها وزيادة استثماراتها المباشرة مع الجانب الأفريقي دونما حاجة إلي تدخل وسطاء كما قال رضا نورميرال في الجلسة الافتتاحية إنه قد آن الأوان لتحرك رجال الأعمال الأتراك بالتعاون مع رجال الأعمال في القارة الأفريقية دون اللجوء للتعاون مع الشركات الروسية والصينية كما كان يحدث من قبل. أبرز ما ركز عليه الأفارقة خلال جلسات المؤتمر هوالرغبة في الحصول علي دعم تركيا في مجال تطوير وتحديث الأجهزة وأيضا في مجال التدريب سواء بالنسبة للصحفيين أو بالنسبة للعاملين في مجال الإذاعة والتليفزيون، والمساعدة في إطلاق قنوات لعرض الثقافة والعادات والتقاليد والفنون الأفريقية، بينما ركز المسئولون الأتراك علي ضرورة تغيير أسلوب التعامل مع أفريقيا في ظل العالم الجديد، إذ أنه لم يعد مقبولا أن تذكر أفريقيا فقط بأنها القارة الموبوءة، أوالقارة الفقيرة التي يموت أهلها جوعا أو القارة التي لاتهدأ فيها الحروب والنزاعات والانقلابات. الدكتور ميلاتو تيشوم سفير أثيوبيا في أنقرة وعميد السلك الدبلوماسي أكد علي الدور الذي يلعبه الإعلام في وضع الأجندات، وقال إن صورة تركيا جيدة في العيون الأفريقية ولكن المشكلة في نقص المعلومات بين الجانبين ، وطالب الإعلام بأن يبذل أقصي الجهد لسد هذا النقص ،وأن يلعب دورا إيجابيا في تعزيز وتطوير العلاقات الأفريقية التركية. أما السفير المصري عبد الرحمن صلاح الدين فقد قدم في كلمته أمام المؤتمر شرحا لتطور العلاقات المصرية التركية علي كافة الأصعدة وخاصة علي الصعيد الاقتصادي، كنموذج يحتذي لدي كافة دول القارة الأفريقية.. وأشاد السفير المصري بدور جمعيات رجال الأعمال الأتراك وعلي رأسها مؤسسة " توسكون" التي تتمتع بديناميكية في ربط دول الجوار بتركيا. نائب رئيس الوزراء التركي بولانت أرينج قال في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إنه أصبح من الضروري أن تمتد جسور التعاون بين تركيا وأفريقيا علي قدم المساواة في كافة المجالات ،خاصة في المجال الاقتصادي.. فأفريقيا ليست كما يصورها الإعلام الغربي بالقارة الفقيرة، بل إنها غنية بثرواتها المتعددة .. الماس والبترول والذهب وغيرها من المعادن والثروات والغابات، فضلا عن غناها بالثروة البشرية التي لايستهان بها والتي تحتاج فقط إلي التأهيل والتدريب..وقد وعد أرينج بأن تركيا سوف تبذل أقصي جهد للمساعدة في هذا المجال لأنه قد آن الأوان لبدء شراكة حقيقية في شتي المجالات. أما مراد كاراكايا المدير العام لمديرية الإعلام التركية المنظمة للمؤتمر ، والذي كان طوال فترة الانعقاد يتحرك مثل النحلة من قاعة إلي قاعة لمتابعة الحلقات النقاشية والاطمئنان علي أن الجلسات تسير كما هو مخطط لها، فقد ركز علي أن الهدف من تنظيم المؤتمر الذي شارك فيه إعلاميون من 55 دولة أفريقية هو بناء جسر للتواصل عبر شراكة بين الأجهزة والمؤسسات الإعلامية في تركيا وأفريقيا وأن هذا المؤتمر يأتي كخطوة مكملة لمؤتمر الإعلام العربي التركي الذي انعقد نهاية العام الماضي، وكلا المؤتمرين يصبان في خانة دعم وتطوير التعاون التركي العربي والأفريقي في شتي المجالات خاصة وأن أفريقيا بها 10 دول تمثل الاقتصاديات الأكثر نموا علي مستوي العالم. كان أجمل ختام للمؤتمر ما قاله بولانت أرينج نائب رئيس الوزراء التركي تعليقا علي انتقاد الإعلاميين الأفارقة لصعوبة التواصل بسبب عدم تمكن بعض المسئولين الأتراك من إجادة أي لغة أخري غير التركية، فقال أرينج أنه شعر أن التواصل قد حدث بالفعل عبر لغة القلوب التي هي أكثر تأثيرا وفعالية من لغة اللسان.