مصطفى عبدالله أوزع وقتي في هذه الأيام الحرجة بين أمرين متساويين في الأهمية بالنسبة إلي علي الأقل؛ أولهما قراءة الواقع من حولي وتحليل الأحداث المتسارعة علي ساحة الانتخابات الرئاسية لتحديد من يمكن أن أمنحه صوتي من بين هؤلاء الذين يرون أنهم خاضوا التجربة لإنقاذ مصر. والأمر الثاني:الاستمرار في الحملة التي بدأتها منذ أسبوعين لإنقاذ رمز من رموز مصر المبدعة قبل أن يأكل نفسه أو يلتهمه الجحود ويقضي عليه التناسي؛ فمجيد طوبيا - الذي يؤكد لنا الناقد الكبير الدكتور صبري حافظ أنه " أحد أبرز كتاب جيل الستينات ومن رواد هذه الموجة الأدبية الجديدة التي غيرت وجه الكتابة القصصية والروائية في مصر. وأنه علي عكس الكثيرين الذين تاجروا بإنجازاتهم المحدودة، وتقلبوا بها بين المنابر، ووظفوها في خدمة المؤسسة السياسية الفاسدة في مصر، وفي غير مصر، قد حافظ علي استقلاله الثقافي وعلي كرامته الشخصية بحيدة ونزاهة. ولا يصح بأي حال من الأحوال، وقد عاني من الجحود في عصور التردي والفساد، أن يظل يعاني من الإهمال بعد الثورة. لذلك فإنني أضم صوتي إلي الأصوات المطالبة بالعناية به وإخراجه من عزلته تقديرًا لإنجازه الإبداعي وموقفه الفكري النزيه والمستقل" - لا يمكن أن يُترك هكذا. توجهت، من جديد، إلي بيت مجيد طوبيا، بعد ظهر الأحد الماضي، مصطحباً الدكتور علي الشامي، طبيب الأمراض النفسية بوزارة الصحة، الذي رحب بمعاينة الحالة علي الطبيعة، وقدمته إلي مجيد من خلال صفته الأخري كمبدع يكتب القصة والرواية، وقلت له إنه يود أن يهديه كتابه الأول "زيجوت"، فكان هذا مدخلاً مناسبًا فتح أمامنا بابًا لحوار كشف للطبيب تفاصيل الحالة، حتي أنه أطلعني علي تشخيصه ونحن نقطع الطريق من البيت في مصر الجديدة إلي مبني التليفزيون في ماسبيرو، حيث تحمست المعدة حنان فكري لتبني القضية التي أثرتها في"الإطلالة" علي صفحات "الأخبار"، فدعتنا عبر شاشة "النيل الثقافية" لنطلع الرأي العام علي خطورة حالة مجيد، فإذا بالدكتورة زينب العسال، عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب، تتصل بي فور انتهاء الحلقة معبرة عن إنزعاجها الشديد لما وصل إليه مجيد، معربة عن رغبتها في تبني قضيته في مجلس إدارة الاتحاد، فشكراً لها ولكل من يتعامل مع هذا الملف بمسئولية. وقبل ساعات، تسلمت التقرير الطبي الذي انتهي منه الدكتور علي الشامي، وفوراً رفعته إلي وزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب فالموقف لم يعد يحتمل أي تأجيل. وهذا هو نص التقرير: "بعد توقيع الكشف الطبي النفسي علي السيد/ مجيد إسحق طوبيا تبين إصابته بالأعراض التالية، وهي أعراض مرض "الزهايمر" أحد أنواع أمراض الخرف الوعائي (الشيخوخي)، طبقاً للتشخيص الطبي الإكلينيكي. أعراض عقلية وعاطفية: النسيان المرضي للأحداث، تغييرات مزاجية تظهر في صورة أعراض اكتئابية مثل: العزلة والانسحاب وعدم الاهتمام والاكتراث، وعدم الاعتناء بالنفس أوبالنظافة الشخصية. أفكار ضلالية (غير حقيقية) وتتميز بأنها خاطئة وثابته (لا يمكن تغييرها) وغريبة (غير قابلة للتصديق) وتتخللها أفكار خطيرة تتعلق بإيذاء النفس. نقص المهارات الاجتماعية، عدم التركيز، ونقص الانتباه. أعراض فيزيائية تتمثل في: هزال عام، دوخة، عدم إتزان. أعراض سلوكية تتمثل في:الكلام البطيء، الانتقال المفاجيء بشكل مرضي بين البكاء والضحك (عدم الثبات العاطفي)، فقدان القدرة علي أداء الأعمال اليومية العادية. وبناءا علي ماتقدم أوصي بالآتي: حتمية نقله إلي مصحة نفسية أو مكان مؤهل للاستشفاء وتلقي الرعاية والعلاج والعناية التمريضية والفيزيائية تحت إشراف طبي من خلال متابعة علاجية منتظمة".. وبالأمس اتصل بي الدكتور عبدالرشيد محمودي معرباً عن أسفه الشديد للحالة التي وصل إليها مجيد، مؤكداً أنها قابلة للتحسن إذا ما صدقت النوايا للإعتناء به، وأشار إلي أن أول خطوة يجب أن تُتخذ هي محاولة الاهتمام بملبسه ونظافته الشخصية ثم إدماجه في مكان لائق لرعايته النفسية والبدنية. ومن شيكاغو بالولايات المتحدةالأمريكية يضم الناقد والمترجم المصري الكبير الدكتور فاروق عبدالوهاب مصطفي صوته إلي حملتنا الداعية إلي إنقاذ المبدع الكبير مجيد طوبيا من هذا التردي الذي يديننا جميعاً. وفي النهاية يتساءل عن السبيل إلي التواصل مع مجيد شخصياً.. وكيف يكون.