لا نحتاج الي التأكيد بضرورة الاحترام الواجب لمجلس الشعب، بوصفه السلطة التشريعية المنتخبة بإرادة شعبية حرة، وفق انتخابات نزيهة وبإشراف قضائي كامل،..، ولا نحتاج أيضاً للتأكيد علي الاحترام اللازم لكافة أعضاء المجلس، بوصفهم نواب الشعب الممثلين لإرادة الأمة، والمعبرين عن حقوق ومصالح كافة المواطنين تحت قبة البرلمان. إلا أن هذا الاحترام الواجب واللازم يفرض علينا في إطار المسئولية الوطنية، والأخلاقية، وأمانة الكلمة، أن نسأل المجلس ونوابه بكل الصراحة والوضوح، عن الأسباب والدواعي التي تدفع بهم الآن، لمحاولة تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا، وتغيير شكلها، والحد من رقابتها الدستورية، ومنح البرلمان حق وقف تنفيذ أحكامها. نقول ذلك في ظل الأزمة المشتعلة حاليا، علي أثر موافقة لجنة الاقتراحات والشكاوي بالمجلس، علي مشروع القانون الخاص بإعادة تشكيل هيئة المحكمة الدستورية العليا، وتغيير اختصاصاتها، وهو ما رفضته الجمعية العمومية لمستشاري المحكمة، واعتبرته تدخلا من السلطة التشريعية في شئون المحكمة، ومخالفة صريحة للإعلان الدستوري، الذي ينص علي أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، ويمنع علي أي سلطة أخري التغول تجاهها، أو التدخل في شئونها . ونقول هذا في ظل حالة الاستنكار العام التي انتابت الجميع، لمحاولات المجلس بالتدخل في شأن المحكمة الدستورية العليا، بالمخالفة للدستور، وعلي غير رغبة من جمعيتها العمومية، وهو ما دفع البعض الي القول صراحة بأن هذه محاولة استباقية من المجلس تحسباً لحكم المحكمة المنتظر في قضية بطلان انتخابات الثلث الفردي من المجلس . وفي ذلك نؤكد بوضوح كامل، انني كنت ولا زلت أعتقد، بل أؤمن، أنه ليس من مصلحة أحد في هذا الوطن علي عمومه، أو في مجلس الشعب علي خصوصه، سواء كان من الإخوان أو السلفيين، أو اليسار أو الليبراليين، أو غيرهم، أن تلتصق بالبرلمان الحالي أدني صفة تتصل من بعيد أو قريب بعدم الموضوعية، أو القصور في مراعاة المصالح العليا للوطن، وتقديم المصالح الحزبية أو الخاصة علي العامة . وكنت ولازلت أعتقد، بل أؤمن، أن الواجب علي البرلمان أن ينأي بنفسه عن شبهة القيام بعمل يمثل اعتداء علي الدستور، ومساساً باستقلال القضاء . ونواصل غداً إن شاء الله.