د. أسامة الغزالى حرب أثناء حواره مع » الأخبار « لاتوجد قوي إسلامية ناضج تطالب بدولة دينية تحالف الإخوان والسلفيين خلق نوعا من التضخم أدي إلي تشوه الحياة السياسية إذا ما استمعت إلي أقواله ووقفت علي بعض أفكاره، كان لابد لك وان تواصل مشوار السعي نحو معرفة المزيد من هذه الأقوال وتلك الأفكار.. لما يتمتع به من رؤية سياسية مدروسة ونابعة من ارتباطه بالواقع السياسي المصري منذ فترة وكذلك ارتباطه بالعمل السياسي سواء الأكاديمي أو العام. ان الدكتور أسامة الغزالي حرب المحلل والمفكر السياسي وصاحب عدة تجارب داخل مجتمعنا هو من هذه الشخصيات التي تفرض عليك ضرورة الوقوف ولو لسنوات من أجل تحصيل بعض ما بداخله أو الاستماع لما يقوله أو يفكر فيه. وهكذا كنت أنا بالضبط حين سعيت إليه لكي يكون ضيفا علي مائدة حوارات الأخبار، نظرا لما تمر به مصر من حالة مخاض ربما تسفر عن خير أو عن شر. وذلك للوقوف علي آرائه وأفكاره التي ربما تنير لكثير منا الطريق نحو مستقبل صحي نبرأ فيه من كل أسقامنا سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية وفي فيللته الانيقة في التجمع الخامس جري هذا الحوار.. بكل أسئلته وأجوبته وإليكم التفاصيل.. رغم الأحداث الجسام التي تمر بها مصر حاليا.. وتحتاج منا لمعرفة تفاصيل ما يحدث.. إلا انني سوف أرجئ طلب هذه المعرفة كي أسألك عن بعض تفاصيل مشوار حياتك السياسية؟ هناك حقيقة مهمة وهي انه توجد أشياء كثيرة دوري فيها قد تم اختزاله!! مثل ماذا؟ أقول لك انه يشرفني انني كنت واحدا من الذين دعوا بقوة إلي الثورة المصرية.. ويمكن هذه هي النقطة التي دائما أحب ان أؤكد عليها، لان هناك كثيرا من المواقف سوف يترتب عليها وأظن ان هناك احد الكتاب يعد الآن كتابا عن الذين مهدوا لتلك الثورة، واعتقد أنه ذكر خمسة أشخاص أنا واحد منهم. هل لك ان تحدثنا عن هذه المساهمة التاريخية المهمة؟ لقد كنت في وقت معين وقبل اندلاع هذه الثورة وأنت تعرف ان هذه الثورة قامت في يناير عام 1102، وانا في عام 6002 قدمت استقالتي من أمانة السياسات في الحزب الوطني. في أمانة السياسات وكيف دخلت إلي أمانة السياسات وهل كان باختيارك أم باختيار المسئول عن ذلك آنذاك؟ ان عضويتي في المجلس الأعلي للسياسات وهذا هو اسمه الحقيقي وليس كما نردد أمانة لجنة السياسات. تعود إلي طلب مباشر من جمال مبارك وقبل ان يؤسس هذا المجلس حيث طلبني وأخبرني بان هناك تشكيلا جديدا داخل الحزب الوطني لاحداث نوع من التغيير. ونريدك معنا. كل ذلك حدث قبل ان نعرف الحديث عن التوريث وخلافه. وبالفعل تم اختياري وربما ده كان في عام 2002 ثم استقلت في عام 6002. ولماذا استقلت؟ لو تتذكر في عام 5002.. ان حسني مبارك قد ألقي خطابا مشهورا في جمعية المساعي المشكورة وقال فيه بانه يقترح تعديلا للمادة 67 من الدستور.. بحيث يكون انتخاب رئيس الجمهورية ليس بالطريقة القديمة والتي كان يكتفي فيها بمرشح واحد ويتم الاستفتاء عليه وانما من خلال طرح عدة أسماء يتم الاختيار من بينها. وفي حقيقة الأمر فقد رحبت بهذه الفكرة لعلها تكون بداية جادة للاصلاح السياسي. وكتبت بهذه المناسبة 3 مقالات. احدها كان عنوانه الطريق إلي الجمهورية الثانية وان هناك بالفعل نية في التغيير. ولكنني فوجئت برد فعل من داخل كوادر الحزب الوطني، معناه لا يجب ان تصدق ما تم الإعلان عنه.. ومنذ هذه اللحظة بدأوا هجوما عنيفا جدا ضدي. لأنهم رأوا ان ما أعلن عنه مبارك كان مجرد تمثيلية. وفي ذات الوقت قد أوحوا إلي كتابهم كي يكتبوا ضدي أكثر من مقال. المهم جاءتني أكثر من رسالة تؤكد ان المسألة لم تكن جادة وهل كل ذلك قد ساهم فعلا في تقديم استقالتك من لجنة السياسات.. أم كانت مجرد مقدمات؟ لقد كنت غير متصور ان تكون الأمور بهذا الشكل. عندئذ قدمت في عام 6002 استقالتي من الحزب الوطني وقُبلت. وقد أرسل لي صفوت الشريف خطابا رد فيه علي خطاب استقالتي وكان فيه ترحيب شديد بها. وهل كان هذا الموقف سببا في عدم توليك منصب رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام.. وفق ما تردد آنذاك؟ كان هذا موضوعا قديما.. لقد عرض عليّ فعلا تولي هذا المنصب في التسعينيات بعد رحيل إبراهيم نافع.. ولم يكن له علاقة بما سبق وحدثتك عنه. حزب الجبهة وهل فكرت في تكوين حزب سياسي بعد خروجك من الحزب الوطني؟ أول ما تركت هذا الحزب فعلا.. طلبت مني شخصيات كبيرة وكثيرة الاقدام علي خطوة تكوين حزب سياسي ودعاني في ذلك الحين الدكتور يحيي الجمل لزيارته وأخبرني في هذه الزيارة بضرورة الاقدام علي خطوة تكوين حزب سياسي. وبناء علي ذلك اتفقت معه علي تكوين حزب الجبهة الديمقراطية. وكنت أنا وكيل المؤسسين. وبمجرد الإعلان عن هذا الحزب وجدت اقبالا منقطع النظير من كل فئات المجتمع. ومتي حدث ذلك؟ في أوائل عام 7002. وكان من بين الشخصيات التي فكرت أو شاركت في هذا الحزب. أنا والدكتور يحيي الجمل وحازم الببلاوي والدكتور علي السلمي. وتلاحظ ان هؤلاء جميعا كانوا من أوائل من تم اختيارهم في مناصب وزارية بعد الثورة. يعني تم الإعلان عنه قبل الثورة بأربع سنوات والحقيقة انه في ذلك الوقت كانت هناك حقيقة عرفها الجميع وهي ان النظام السابق قد سمح بتكوين هذا الحزب.. وبهذه السرعة في ظل رفضه لأحزاب أخري. ولماذا وافقوا علي هذه الخطوة من وجهة نظرك؟ أنا أعتقد انه من المثير جدا جدا.. ضرورة ان نرجع إلي ما تم تسجيله من أعمال خاصة بلجنة شئون الاحزاب.. لانه قد وصلتني بعد ذلك معلومات عما كان يدور داخل هذه اللجنة. والجميع يعرفون انني صاحب اسلوب خاص في الانتقاد والمعارضة. انني أعارض بقوة ولكن لا أوجه اهانة لأحد وبالتالي اتعامل بلياقة وتراني هنا أسجل لك انني اعترضت بشدة علي مبارك وصفوت الشريف وجمال مبارك ومع ذلك لم أقل كلمة تجريح في أحد منهم. وماذا عن ردود الأفعال التي نجمت عن تأسيس حزب الجبهة الوطنية في ظل النظام السابق؟ أريد ان أؤكد لك ان هذا الحزب الجديد لم يخرج من رحم الحزب الوطني.. لانني في هذه الفترة كنت قد استقلت منه أما فيما يخص الاجابة علي الجزء الثاني من سؤالك والمرتبط بردود الأفعال.. أقولك ان النظام في هذا الوقت كان بين نارين نار خوفه من حزب معارض جديد يخرج للنور وفي نفس الوقت لم يخرج من داخله نوع من النقد المباشر بهذه الخطوة.. وما كان يحدث لي من اساءة كانت تتم فقط من شخصيات بعيدة عنهم ولكنها تتبعهم.. ومن الناحية الرسمية فقد قبل النظام السابق علي مضض وجود هذا الحزب لكي يؤكد للعالم ان لديه معارضة سياسية. وبالتالي تقدم له خدمات سياسية. وكيف تحولت رئاستك لحزب الجبهة الديمقراطية إلي رئاسة شرفية؟ هذا الحزب وكما قلت لك من قبل قد تأسس في عام 7002 وكان أول رئيس له في ذلك الوقت الدكتور يحيي الجمل، ثم توليت أنا رئاسة الحزب من عام 8002 إلي عام 1102. ووفقا للائحة الحزب فان مدة الرئيس 3 سنوات. وبعد هذه الفترة قررنا ألا أجدد ترشحي لرئاسة الحزب وكان ذلك بعد نجاح ثورة 52 يناير بشهرين وللأمانة فان هناك اناسا كثيرين اعتبروا هذه الخطوة تصرفا غير موفق. ولكنني كنت قد قررت هذه الخطوة من زمان لانني لم أكن علي استعداد لبذل المزيد من الجهد النفسي والبدني للحزب. وثانيا هو اعطاء فرصة لقيادات اخري تتولي هذه المسئولية لان القاعدة العامة وللأسف داخل الاحزاب المصرية أن أي رئيس يتولي هذا المنصب عشر وعشرين عاما.. وأنا بطبيعة الحال كنت ضد هذه الفكرة تماما. وعايز أقولك هنا ان علاقتي بالسياسة والسياسيين هي ليست علاقة هواية.. فأنا استاذ للعلوم السياسية ومتخصص في النظم السياسية. ماذا يحدث الآن المفكر السياسي الكبير دعنا الآن نقترب من واقع ما نعيشه الان.. ونسألك عما تمر به الآن وأسبابه؟ أنا سوف أقول لك ان السبب في كل ذلك اننا لم نستفد من الثورة وأحداثها بسبب عدم وجود مجلس لهذه الثورة وتشرذم القوي السياسية وتفتتها. وما هو السبب الحقيقي الذي أصابك بازعاج كبير وجعلك لم تكن تتصور ما نحن فيه اليوم؟ اعتقد ان هناك 3 أسباب قد اسهمت فيما أصبحنا فيه الآن الأول ان المجلس الأعلي للقوات المسلحة برغم من انه قد تولي إدارة شئون البلاد بنية حقيقية بان تسير الأمور في المسار الديمقراطي السليم وانا أعتقد ان هذا المجلس هو في وضع صعب للغاية نظرا لما يوجه إليه من اتهامات كثيرة ولكن يجب ان نتذكر شيئين. أولهما ان الانتخابات التشريعية التي تمت في مصر علي أعلي مستوي من النزاهة والحياد.. تمت تحت اشراف المجلس العسكري صحيح قد أدت إلي فوز القوي الإسلامية. وهل فوجئت بهذا الفوز؟ جزئيا فقط. ألم تكن تتوقع ذلك؟ يمكن بالنسبة للإخوان نحن نعرف جميعا ان وجودهم داخل الساحة السياسية بعد الثورة بدأ قويا، وخصوصا عندما اصروا بعد الثورة علي ان تكون الانتخابات قبل الدستور. دعني أعيد عليك السؤال مرة أخري. هل فوجئت بهذا النجاح الكبير للتيار الإسلامي؟ لم أفاجأ.. ولكن ربما ما فوجئت به أكثر هو فوز السلفيين لأنهم لم يكونوا ابدا نشيطين سياسيا ولم تكن لهم تنظيمات سياسية وانما ما حدث ان كلا من الإخوان والسلفيين قد تضامنا معا وكل واحد ساند الآخر. عندئذ حدث نوع من التضخم للقوي السياسية الإسلامية علي حساب القوي السياسية الاخري ولا شك ان ذلك قد أحدث نوعا من التشوه في شكل الحياة السياسية في مصر. بلا شك.. لانه ما هو معياري في هذا؟! أقول لك.. ان معياري هنا هو الثورة المصرية نفسها. ولعلك أيضا هنا تسأل من الذي قام بالثورة؟ هل قام بها الإسلاميون؟ وهل بادر هؤلاء بها؟ قوي الثورة بادر بها الشباب، وقام بها الشعب كله واسهمت فيها القوي الليبرالية واليسارية والقومية والإسلامية، والأهم من ذلك عشرات النقابات والاتحادات والمواطنون العاديون الذين ربما شاركوا فيها لأول مرة. إذن لا يستطيع التيار الإسلامي ان يقول إنه هو الذي فجر هذه الثورة ولا قادها. وعايز أقولك هنا ان ذلك لم يكن مصدر المفاجأة بالنسبة لي لان القوي السياسية الإسلامية كانت واعية لما نريد. وكان لديها رغبة شديدة في ان تعوض ما فاتها التعاطف مع الإخوان وهل فوجئ الشارع المصري في تصوره بهذه الانطلاقة غير المسبوقة للتيار الإسلامي؟ الشارع المصري في جزء كبير منه ليس متخذا موقفا حادا ضد أي أحد من هذه القوي السياسية. وثانيا: ان هذا الشارع كان متعاطفا مع الإخوان المسلمين لانهم كانوا ضحية نظام سابق. ليس ذلك فقط، بل ان الإخوان استطاعوا ان يبيعوا ذلك أكثر وأكثر حيث أوصلوا للناس فكرة انهم كونوا مضطهدين. وطبعا ذلك كان فيه كثير من المبالغة لانه كان لهم في ظل النظام السابق 88 نائبا في البرلمان. يعني ربع أعداد البرلمان السابق. علي أساس انهم دخلوا السجون ولا يمكن ان يكون رصيد أي قوة سياسية انها فقط قد دخلت السجن بل لابد ان يكون لها مشروع. والأهم من ذلك في الحقيقة انهم في اللحظة التي شعروا فيها بهذه القوة.. انفصلوا عن الآخرين وبدأوا وحدهم في العمل السياسي.. وطبعا الخطورة شديدة هنا انهم بعد ان تمكنوا من تحقيق أغلبية كاسحة في البرلمان كان عليهم ان يفكروا بطريقتين، علي أساس ان الثورة قامت لبناء مجتمع ديمقراطي وان وجودهم في الحياة السياسية المصرية لا يعني ان يستأثروا بنتائج الثورة وان يكون جزءا من تشكيل أو تكوين ديمقراطي في مصر.. وهذا ما لم يحدث.. وبالتالي تجدهم قد نكروا الاستئثار وانعكس ذلك بوضوح شديد في قضيتين. وما هما هاتان القضيتان؟ الدستور وانتخابات الرئاسة.. وبالنسبة لموضوع الدستور فقد وقعوا في شر أعمالهم للأسف.. لان الدستور من المفترض ان يكتب بطريقة تضمن ان تكون كل القوي السياسية والاجتماعية والثقافية ممثلة فيه.. وهذه ألف باء قواعد كتابة الدستور، بل في الحقيقة فان الهاجس الذي يسيطر علي أي مجتمع متحضر في كتابة الدستور هو حماية الاقليات. لان الدستور بحكم التعريف هو وثيقة قومية تعبر عن مصالح كل قوي المجتمع وتحمي حقوق الاقلية وكذلك الأغلبية. أي تحمي كل حقوق المواطنين بلا استثناء. وكانت هذه هي الغلطة التي أظهرت هؤلاء بهذه الفجاجة لان الطريقة التي شكلت بها الجمعية التأسيسية في صورتها الأولي تعتبر فضيحة لا يمكن نسيانها. لقد وزعوا علي الأعضاء قائمة بأسماء عدد كبير من أتباعهم للاختيار من بينهم وفي حقيقة الأمر لقد كانت هذه الخطوة ضربة قاتلة لموضوع الدستور. كما اثر ذلك علي عدم مصداقيتهم، والحقيقة ان هذه الخطوة جعلتني أعود لمعرفة الطرق التي استخدمت في ظهور دساتير العالم المتقدم.. وخصوصا ان احد شباب الباحثين التابع للإخوان وفي غمار ما حدث قد أعلن ان 04٪ من دساتير العالم تضعها البرلمانات! وهذا غير صحيح بالمرة وهل في تصورك ان هذا الانزلاق الذي وصفته من قبل كان مرجعه عدم فهم أم رغبة في الاستئثار؟ يدل علي عدم فهم بلا شك. ولكنه أيضا يدل علي نوع من الشهوة الحادة لشخص طال حرمانه. وتراهم من هنا قد دخلوا هذا الميدان بطريقة مثيرة وسريعة وتكرس هذا أيضا عندما ارتكبوا خطأ آخر عندما قرروا بدفع مرشح للرئاسة. ولماذا تعتبر الدفع بمرشح لهم خطأ كبيرا؟ هذا يعني انهم يريدون الاستحواذ علي كل شيء.. فأين بقية قطاعات المجتمع وأين المفكرون والليبراليون واليساريون والنقابات وغيرهم. وبالنسبة لمرشحهم الرئاسي فهو موضوع في غاية الحساسية. لأنك رأيت أنهم قد دفعوا أولا بخيرت الشاطر ثم دفعوا بمحمد مرسي. ومع احترامي وتقديري لمحمد مرسي وأنا أحبه علي المستوي الشخصي لانه رجل طيب، وإنما هو قطعا ليس الشخص المناسب. وأنا اعتقد انه لم يكن يفكر في هذا المنصب. معني كلامك انهم دفعوا به بدون إرادته؟ انه حل محل خيرت الشاطر.. وعايز أقول لك ان الإخوان ليس من السهولة ان تتم هزيمتهم في الانتخابات واعتقد انهم سوف يحاولون استخدام كل الأساليب لحشد الدعم لمحمد مرسي، فتراهم سوف يستخدمون المساجد وشبكة علاقاتهم الدولية وربما الأموال. وما فرصة نجاح محمد مرسي في ظل هذا الحشد الإخواني لتأييده؟ لا أعتقد ان فرصته مواتية ولكني لا استبعد ما سوف يقوم به الإخوان حتي لا يفقدوا هذا المنصب وهذه مسألة مهمة. وبالتالي انني اعتقد انه من المفيد ومن المهم في هذه المرحلة، وإذا ما أرادوا لمصر ان تسير في أمان إلي المستقبل ان يطبق القانون علي كل آليات التنافس في سباق رئاسة الجمهورية. بمعني ضرورة تحريم استخدام المساجد، وتطبيق القانون علي كل الوسائل غير المشروعة. وان يكون هناك احترام للقانون وللقواعد المتوافق عليها في الدعاية الانتخابية. وبالتالي فانك تجدني متخوفا من ان الإخوان يسعون إلي الخروج عن ذلك وخصوصا وانهم قد خسروا كثيرا جدا من رصيدهم لدي الناس عندما خالفوا ما قالوه.. أو عندما نقضوا ما قالوه. كل القوي السياسية وكيف في تصورك كمفكر سياسي ان يسعوا لاستعادة ما خسروه في الفترة الماضية؟ أنا اعتقد انه ليس فقط علي الإخوان، بل يجب ان تفكر كل القوي السياسية بمنطق المصلحة أكثر مما تفكر في المصلحة الخاصة. وهذا كلام ليس مثاليا بل يحدث في كل البلدان المتقدمة بضرورة ان يكون هناك وسيلة للتوفيق بين مصالح القوي السياسية المختلفة ومصالح المجتمع. وهل تتصور أن هذا الهدف بداخل الإخوان المسلمين الآن؟ ليس بالضرورة في كل تصرفاتهم يحدث هذا. انه ليس موجودا دائما بالتأكيد. واعتقد ان هذا هو أيضا الاعتقاد الذي يسود لدي الرأي العام. فهم حريصون فقط علي ان يحققوا مصالحهم باعتبارهم يمثلون نفسية المضطهد الذي يريد ان يعوض ما فاته. وأنا أدعو الإخوان الآن ان يفكروا وفقا للوضع الجديد وانهم قد أصبحوا قوة فاعلة في ظل مجتمع آمن ولن ينتقم منهم. وبالتالي عليهم ان يتصرفوا بشكل طبيعي شأنهم شأن أية قوة سياسية موجودة داخل المجتمع اليوم وذلك في ظل انحسار الخوف الذي كان يهددهم من قبل. وهناك بعض قادتهم من الذين بدأوا ينتقدون هذا الأسلوب بشدة وهم بذلك يعبرون عن ضمير حي مثل محمد حبيب أو الدكتور الهلباوي وغيرهما. وماذا عن رأيك في سباق الرئاسة وما يحدث في ساحتها الآن؟ وهل ما نشاهده يمثل ظاهرة صحية؟ الناس يجب ان تدل ان مصر الآن في مرحلة انتقالية بمعني الكلمة واننا نواجه ظرفا لم يسبق لنا ان واجهناه خلال تاريخنا كله. وان ما يحدث الآن هو شيء كبير جدا وعظيم جدا.. لقد احدثنا زلزالا هائلا في المجتمع بالاضافة إلي ذلك يجب ان نفخر كمصريين بالطريقة التي تعاملنا من خلالها مع المظاهر الجديدة المرتبطة بالانتخابات الرئاسية مثل المناظرة بين عمرو موسي وأبوالفتوح. ظاهرة صحية معني ذلك.. أنك تري كل ذلك ظاهرة صحية؟ هي بالفعل ذلك مليون في المائة.. لما فيها من نفج نفخر به جميعا.. وأنا شخصيا متأثر بأكثر مما تتصور وكنت فخورا وأشعر بنشوة هائلة وأنا أري هذه المناظرة بين موسي وأبوالفتوح. وكان في ذهني لحظتها ان العالم كله ينظر إلي ما يحدث، خاصة بعد هذه الفوضي التي عانينا منها كثيرا. فجأة تحول هذا البلد إلي نموذج بالتأكيد فريد علي المستوي العربي والعالم الخارجي كله. لقد كانت مناظرة اتسمت بالحضارة الشديدة وبالتالي هي دي مصر التي يجب ان تكون قدوة للعالم العربي والإسلامي والعالم الثالث. معني ذلك أنك متفائل؟ أنا مبسوط ومتفائل جدا بلا نقاش. وليس معني ذلك ان الطريق سهل وممهد.. تاريخا طبعا انا متفائل لانه حدث بها انجاز لا يمكن تحقيقه. وماذا عن رأيك في أداء المجلس الأعلي للقوات المسلحة؟ موضوع الحديث عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو موضوع شديد الحساسية لانه في الحقيقة يجب ان نعترف سواء أحببنا ذلك أو لم نحبه ان ما يحدث في العملية الانتخابية الآن يتم تحت سمع وبصر هذا المجلس وبتأييد وتشجيع منه. كما يتم في نفس اللحظة التي ما يزال يدير فيها شئون مصر وسوف يسجل التاريخ ذلك. وبالنسبة لموقفي من أداء هذا المجلس فقد مر بعدة تقلبات. حيث بدأ باعتقادي بأن هناك حسن نية من جانبهم ثم بعد ذلك وجهت إليه نقدا حادا. عندما شعرت بأنهم قد اساءوا التصرف في بعض المواقف وقد كتبت ذلك في مقالاتي حتي انني كتبت أحدها بعنوان »اخطأ المجلس الأعلي« وإنما يجب ان نمتلك الشجاعة لكي نعطي لكل ذي حق حقه ونعترف ان هذا المجلس أدار الانتخابات البرلمانية بدرجة عالية من النزاهة، وأنا علي يقين من انه ليس له علاقة بسيطرة الإخوان علي البرلمان رغم اتهام البعض للمجلس بذلك. والمسألة الثانية هي الطريقة التي تجري بها المنافسة علي انتخابات رئيس الجمهورية. والمجلس العسكري حتي الآن لا يبدو انه يدعم هذا المرشح أو ذاك. وأنا شخصيا أري انه لا يهمهم من يأتي سواء عمرو موسي أو أحمد شفيق أو مرسي أو غيره. وماذا عما يتردد بشأن وجود صفقات سرية بين المجلس العسكري والتيار الإسلامي خاصة ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية؟ سيظل هذا الشك موجودا.. ليس بسبب ما يحدث الآن. ولكن بسبب ما حدث بعد 11 فبراير وتشكيل لجنة اعداد التعديلات الدستورية من المستشار طارق البشري وصبحي صالح. انما حالة شك وهي واقعة من الصعوبة نسيانها. اذ كان الإخوان أول تنظيم سياسي بعد الثورة يصبح لهم ممثلون داخل هذه اللجنة. وماذا عن وجهة نظرك الخاصة كمفكر وكمحلل سياسي؟ علي مستوي التفكير النظري ومن دون ان يكون لي معلومات خاصة اقول: ان أقرب التفسيرات التي يمكن تصورها هو ان المجلس العسكري وقد وجد نفسه مسئولا عن إدارة شئون البلاد ومن الطبيعي جدا ومن المنطقي ان يسأل نفسه من هي القوي المدنية التي يمكن ان تساعدنا ويمكن ان نتحالف معها من أجل ان نحكم السيطرة علي البلاد؟ فإذا ما قد تدارسوا ذلك بينهم فسوف يجدون أمامهم قوة أثبتت وجودها في الحياة العامة ومسيطرة إلي حد كبير علي كثير من الأجهزة والمؤسسات وهم الإخوان المسلمون في مقابل وجود قوي سياسية أخري تتسم بالشرذمة والفرقة. إلي جانب وجود الكثير من العناصر الثورية سواء الشبابية أو الكبيرة دأبت علي انتقاد حاد ومرير وساخر للمجلس العسكري. هذان العاملان بطبيعة الحال قد أسهما في ان يحدث هذا التعاون بين الإخوان وبين المجلس العسكري. اضف إلي هذا ما يتسم به الإخوان من مهارة تاريخية في الاقتراب من السلطة وبالذات من العسكريين في لحظات معينة لاقتناص المكاسب. وهذا ربما ما حدث بالضبط في انقلاب عام 2591. ولكن الأمر بالنسبة لما حدث بعد ثورة 52 يناير يختلف كثيرا. وأنا اعتقد انه لم يكن في خلد عدد كبير من أعضاء المجلس العسكري ان تسير الأمور في اتجاه إطلاق يد الإخوان في كل شيء بالنسبة للحياة السياسية في مصر، واعتقد كذلك ان التطورات الآن تؤول إلي نوع من التوازن في الحياة السياسية المصرية بين المجلس الأعلي من ناحية والإخوان من ناحية ثانية والقوي المدنية من ناحية ثالثة. وكيف يمكن ان يكون هذا التوازن أكثر فاعلية؟ هذا يتوقف علي قدرة القوي المدنية علي ان تعمل معا وان تشكل بالفعل قوة ضاغطة تستطيع ان تقف أمام قوي الإخوان وقوي المجلس العسكري. وهل وجود هذه القوي المدنية يمكن ان تساهم أيضا في وقف مشروع التيار الإسلامي نحو الدولة الدينية؟ أنا لا أتصور ان هناك قوي سياسية دينية ناضجة ولها ثقل كبير تتحدث عن اقامة دولة دينية في مصر. وهذا تصور موضوعي وليس شخصيا. طبعا هناك بعض القوي بالذات من جانب السلفيين تتحدث عن دولة إسلامية ودولة دينية بالمعني الحرفي للكلمة ولكنني اعتقد انهم لا يمثلون القطاع الغالب.. لا في السلفيين ولا في الإخوان المسلمين. دعنا نختتم هذا الحوار بالسؤال عن أسباب غياب النخبة السياسية في الشارع المصري؟ لا تستطيع ان تقول غياب النخبة السياسية، بل تفتت هذه النخبة فمصر غنية بالعناصر والأفراد التي يمكن ان تكون بالفعل ذرات ومكونات لنخبة حقيقية وإنما للأسف فان بعضهم لا يجيد العمل الجماعي.