ليست مصر وحدها التي تتغير.. العالم من حولنا كله يتغير وسيظل يتغير، وهو مايعني ضرورة- أن نتواصل ونحن نستعد لانتخابات الرئاسة التي انتظرنا عمرا طويلا كي نصل لأول مرة إلي محطتها الديمقراطية- نعم ضرورة أن نتواصل معها ونستمد منها إلهامنا، لأن لحظة التغييرنحو الأفضل، والتي تتنظرها الشعوب لابد أن تأتي وإن تأخرت، وهو ماجسده اعتلاء فرانسوا هولاند لسدة الحكم في فرنسا ممثلا لليسار بعد غياب استمرلأكثر من 17عاما انفرد فيها اليمين بحكم فرنسا. وقد شعرت وأنا أستمع لكلماته التي وجهها لشعبه لحظة انتصاره الرائع، أننا في مصر نتمني قريبا أن نستمع لخطاب رئيسنا القادم مهما كانت انتماءاته، قال هولاند: " هذا الفوز هو فوز فرنسا بأكملها، لقد حل عهد التغيير، شكرا لك شعب فرنسا المُجتمع الليلة هنا, لأنك منحتني الفرصة كي أكون رئيسا للجمهورية، أريدكم أن تتذكروا طوال حياتكم هذه اللحظات, أن تتذكروا هذا التجمع الجماهيري الكبير هنا في ساحة الباستيل، لأن هذا الفوز الكبير سيمنح الأمل للكثير من الشعوب الأوروبية التي ترنو نحو التغيير.. التغيير الذي بات اليوم ممكنا. ثم جدد فرانسوا هولاند عزمه علي خدمة بلده وشعبه قائلا:"العديد منا ومنذ سنوات كان ينتظر هذا الموعد، الشباب من جهتهم يعيشون هذا الحدث معنا لأول مرة، البعض الآخر عاني طيلة هذه السنوات من بعض الإخفاقات والصعوبات لكنني اليوم فخور برد الاعتبار لكل هؤلاء، والواجب الأول لرئيس الجمهورية هو إشراك المواطن في كل الإجراءات لمواجهة التحديات التي تنتظرنا، تحديات كثيرة وثقيلة كإنعاش الإنتاج الوطني للخروج من الأزمة وخفض الديون للسيطرة علي العجز، تحديات تتمثل أيضا في المحافظة علي النموذج الاجتماعي لجعل الخدمات العامة في متناول الجميع والمساواة بين جميع البلديات والدوائر وأخص هنا بالذكر الأحياء المدنية والدوائر الريفية، التعليم هو أيضا من أولوياتي من خلال الالتزام المتعلق بالمدارس الجمهورية، المتطلبات البيئية هي أيضا أحد هذه التحديات التي يجب علينا القيام بها، تحيا الجمهورية وتحيا فرنسا«. وفي خضم لحظة الانتصار والزهو للرئيس الفرنسي الجديد، لم ينس هولاند أن يقدم التحية الواجبة لمنافسه في الانتخابات ساركوزي فقال" ساركوزي حكم البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة و هو يستحق تقديرنا" .. هو حقا خطاب نتمني سريعا الاستماع لما يقاربه من رئيسنا الجديد الذي سيحالفه الحظ في الفوز في انتخاباتنا الرئاسية القادمة لمصر، والتي ننتظر منها ومنه استحقاقاتنا من التغيير المنشود بعد ثورتنا الملهمة! أما علي الجانب الآخر فقد كان هناك خطاب اعتراف بالهزيمة، ألقاه الرئيس السابق المغادر للحكم في فرنسا، ربما لم نستمع لمثله أبدا في مصر وكنا نتمني يوما أن يقوله لنا أي رئيس لمصر وهو يغادرنا إلا أن عبدالناصر مات فجأة ، والسادات قتل، ومبارك خلع قال ساركوزي "فرنسا لديها رئيس جمهورية جديد، هذا خيار ديمقراطي وجمهوري. فرانسوا هولاند هو رئيس فرنسا ويجب أن نحترم ذلك« كما أكد الرئيس الفرنسي أنه يتحمل المسؤولية كاملة عن الهزيمة، مضيفا " خلال 35 سنة من العمل السياسي و10 سنوات من العمل في الحكومة و5 سنوات علي رأس الدولة، تحملت مسؤولياتي كاملة في كل لحظة، وكنت ملتزما بخدمة بلادي، والآن سأصبح مواطنا فرنسيا عاديا، لكني أشعر بحب عميق لبلدي اكثر من أي وقت مضي، وأقول لكم شيئا واحدا، أطلب منكم أن تتذكروه و تفهموه.. هو أنه من المستحيل أن أتمكن من أرد الجميل لكم علي ما قدمتموه لي«. وهكذا وبمنتهي التحضر سيتسلم فرانسوا هولاند - والذي حصل علي نسبة 52٪ من الأصوات - منصبه كرئيس جديد للإليزيه بمنتهي الديمقراطية، علي حين سيعود الرئيس المنتهية ولايته- والحاصل علي حوالي 48٪ من الأصوات - يعود إلي عمله كمحام، وإلي بيته كمواطن فرنسي عادي! مسك الكلام.. الشعوب الراقية .. تحترم قياداتها الملهمة.. وتحترم جيوشها المخلصة.. وتتنافس بصبر وثقة لصياغة تاريخها المشرف.