عاصم عبد المحسن بديهية لا تحتاج شرحا. رئيس الدولة- ملكية أو جمهورية ذ هو الشخص الوحيد الذي لا يعلوه شخص آخر. كان الامر مختلفا في العصور الوسطي في أوروبا حيث كان البابا بسلطتيه الدينية والدنيوية يعلو الملوك والاباطرة التابعين للكنيسة الكاثوليكية. في سعي الملوك والاباطرة للتحرر من سلطان البابا جاءت نظرية فصل الدين عن الدولة. في عالمنا المعاصر فإن الاستثناء الوحيد هو ايران حيث المرشد الاعلي أو ولي الفقيه يعلو رئيس الجمهورية. ولاية الفقيه من حيث تزويج البنات البتامي ورعاية الارامل غيرها من امور الاحوال الشخصية ليس عليها خلاف في المذهب الشيعي. اما الولاية السياسية للفقيه كما هو الحال في ايران فليست موضع اجماع بين كل مراجع الشيعة وهي مسألة مثار خلاف. في مصر ونحن مقبلون علي انتخابات الرئاسة لدينا وضع ملتبس لا يريد الاخوان في غمرة الصراع عليها ازالة هذا اللبس.. هل الرئيس هو من سوف تحمل بطاقات الانتخاب اسمه أم هو المرشد أم هو مكتب الارشاد؟ يشكو الاخوان من أن كثيرا من النقد الموجه اليهم ليس منصفا. الحق أنهم مسئولون أكثر ممن ينتقدونهم. الاخوان جماعة دعوية. ليس فيما قاله الفقهاء أن يقسم من يرغب في الانضمام الي الدعوة الي سبيل الله يمين بيعة يقوم علي السمع والطاعة في المنشط والمكره. ما عرفه الاسلام منذ مد عمر بن الخطاب يده الي إبي بكر الصديق في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم هو مبايعة ( اختيار أو انتخاب) الخليفة أو الحاكم وهو ما تطورالي ما عرفه العالم كله بعد ذلك بالانتخاب وسيلة من وسائل الديمقراطية. أبو بكر في خطابه الاول الي الشعب أرسي القاعدة لسلوك الحاكم وأنه ليس منزها كما وضع طرق محاسبة هذا الحاكم. قال "قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني". قسم ولاء السمع والطاعة عرفته وتعرفه جماعات سرية علي امتداد العالم أجمع عندما تريد الاقدام علي ما يتعارض مع ما هو قائم في المجتمع وتسعي الي تغييره بالقوة. هل هذا هو ما قامت عليه جماعة دعوية خرجت الي النور منذ لحظاتها الاولي عام 1928? ظاهر الامر يقول أن الاجابة ينبغي أن تكون بالنفي الا اذا كان هناك باطن لا يراد الافصاح عنه. السمع والطاعة مربوط بشخص المرشد وليس ببرنامج ومنهجيات الدعوة نفسها. ماذا لو خرج المرشد نفسه عن هذه البرامج والمناهج؟ هل يجوز الخروج عليه؟ تاريخ الجماعات السرية يقول إن القتل في أغلب الاحيان كان جزاء الخارجين. في السعي الي منصب الرئاسة فإن كلا من المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد الذي استبعدته لجنة الانتخابات الرئاسية والدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان والذي قدمته الجماعة مرشحا احتياطيا للشاطر قبل أن يصبح مرشحها الوحيد أقسم كلاهما يمين السمع والطاعة للمرشد. صحيح أن المرشد أحل مرسي من يمين الطاعة وأن مرسي قال إنه يعز عليه ذلك. طيب هل هناك كفارة ليمين مرسي وهل يجوز شرعا أن يحل المرشد أتباعه من يمين البيعة؟ السؤال يبقي .. لماذا الاصرار علي هذا الحبل السري بين الجماعة والحزب إذا كان الهدف فعلا ممارسة سياسة بقواعدها المعروفة؟ لماذا الخلط بين عيشة وأم الخير كما يقول المثل فيما يتعلق بالجماعة والحزب؟ من الذي يغرس في أذهان عموم الناس بذور الشك فيما يتعلق بمصداقية الاخوان والحزب.. الاخوان أم منتقدوهم؟ يقول المثل "امشي عدل يحتار عدوك فيك" لكن يبدو أن لا الجماعة ولا الحزب يعترفان بهذا المثل.