عاصم عبد المحسن لو أن في مصر دستورا لما كان هناك مبرر للخشية التي تنتاب قطاعات عديدة من الناس وبحق من السيطرة المحتملة للاخوان علي الدولة في مصر تكويشا تمهيدا للتمكين الذي لا ديمقراطية بعده. في ظروف عادية يكون سعي الاخوان للفوز بمنصب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة بعد أن فازوا بأغلبية في مجلسي الشعب والشوري منطقيا ومتسقا مع طبيعة الممارسة الديمقراطية. الامر نفسه قائم في فرنسا حيث يسيطر حزب ساركوزي علي الرئاسة ورئاسة الوزراء والبرلمان ونفس الامر موجود في تركيا. وفي البلدين لم يثر الامر جدلا صاخبا كالذي نشهده في مصر. السبب أن الانتخابات في البلدين جرت في ظل دستور. الحال في مصر ليس كذلك. ما يفاقم من خطورة الوضع في مصر ويزيد من القلق والاحتقان أن الاخوان بسيطرتهم علي الجمعية التأسيسية سوف يضعون الدستور الجديد للبلاد في غيبة توافق وفي ظل انعدام ثقة في ما يمكن أن يقوله ويتعهد به الاخوان أسهموا هم أنفسهم في خلقه وترسيخه ومن ثنايا أقوال تصدر عن أعلي مراجعهم توحي كلها بسيناريو يبعث الرعب في أوصال المجتمع. الديمقراطية سلوك ونسق فكري قبل أن تكون صناديق انتخابات. هتلر وصل الي الحكم في المانيا من خلال صناديق الانتخابات ثم كان ما كان. الديمقراطية قول يصدقه العمل. رصيد الاخوان في هذا الصدد لا يطمئن. المرشد العام يقول إن منصبه أهم من منصب رئيس الجمهورية. ليس لهذا القول تطبيق عملي الا في ايران حيث المرشد الاعلي أهم من رئيس الجمهورية بل هو صاحب القول الفصل في كل شيء. رئيس الجمهورية تابع للمرشد. احمدي نجاد قبل يد المرشد الاعلي عند انتخابه لاول مرة. خيرت الشاطر الرجل الثاني في تنظيم الاخوان بعد المرشد. . اذا انتخب رئيسا للجمهورية هل سوف يقبل يد المرشد. تقبيل اليد تقليد اخواني. هل سوف يكون مستقلا في ادارة شئون البلاد عن توجيهات المرشد أم أننا سوف نستبدل عبارة "بناء علي توجيهات السيد الرئيس" بعبارة " بناء علي توجيهات فضيلة المرشد". يعزز من هذا الاحتمال عدم امكانية الفصل بين الجماعة والحزب وتبعية الاخير للجماعة بكل ما تعنيه الكلمة من معني وهو ما أوضحته صور المؤتمر الصحفي حيث تصدر المرشد العام عند اعلان ترشيح المهندس الشاطر المشهد وليس رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور مرسي الذي وقف الي جانبه. في ظل هذا التداخل المقصود بين ما يفترض أنه دعوي وهو الجماعة وبين ما هو سياسي وهو الحزب يصبح الخوف من التكويش مشروعا ومبررا خصوصا إذا كانت الجماعة - الحزب هي من سوف يضع الدستور. البعد الكارثي هو أن الدستور سوف يتم وضعه من قبل جمعية يسيطر عليها الاخوان منتخبة من قبل برلمان يسيطر عليه الاخوان وفي ظل وجود رئيس من الاخوان يحتل المرتبة الثانية بعد المرشد العام في تنظيم يقوم علي السمع والطاعة في المنشط والمكره. السيناريو يوحي بأننا سائرون علي خطي ايران حيث ولاية الفقيه وحكم الملالي. الاحتجاج بأن مصر سنية وايران شيعية يصبح نوعا من الجدل البيزنطي العقيم في ضوء الخطوات المتسارعة للاخوان لانتهاز الفرصة قبل أن تضيع بدءا من تشكيل لجنة التعديلات الدستورية مرورا باستفتاء الجنة والنار علي التعديلات وصولا الي المغالبة لا المشاركة أملا في احكام السيطرة علي كل مفاصل البلاد. علي الرافضين للمشروع الاخواني التوقف عن لطم الخدود وشق الجيوب والنزول الي الشارع اذا كان لهم فيه رصيد كما يدعون من أجل انقاذ مصر من دولة الملالي.