السيسي يوجه بتعزيز قدرات الأئمة وتأهيل كوادر متميزة قادرة على مواجهة التحديات    لأول مرة في تاريخها.. الشبكة الكهربائية الموحدة تسجل أعلى حمل في مصر بقدرة 39،400 ميجاوات    محافظ أسوان يكرم الحاجة فاطمة قاهرة الأمية تقديراً لإصرارها لتعلم القراءة والكتابة    رئيس نقل النواب: كلمة السيسي رسالة قوية للمجتمع الدولي وتحذير من استمرار الكارثة في غزة    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    موعد إعلان النصر السعودي عن صفقة جواو فيليكس    بدء تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات على مناطق في جنوب وشمال قطاع غزة    ضغوط على بريطانيا للاعتراف بفلسطين.. صحيفة: سيكون له ثقل خاص بسبب وعد بلفور    رئيس الوزراء يلتقى رئيس شركة "شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة"    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    4 مباريات دولية لسيدات الطائرة بمعسكر سلوفينيا استعدادًا لبطولة العالم    وادي دجلة يعزز صفوفه بالتعاقد مع الحارس عمرو حسام    ضبط محطة تموين سيارات لتصرفها فى 7976 لتر سولار بالمخالفة فى الإسكندرية    تجديد حبس متهم بقتل سيدة وسرقة 5700 جنيه من منزلها بالشرقية بسبب "المراهنات"    جنازة زياد الرحبانى.. كارمن لبس تنهار فى البكاء وتحتضن نعش الموسيقار الراحل    جمال الكشكى: الرئيس السيسى وجّه رسائل حاسمة للعالم من أجل إنهاء حرب غزة    الصحة العالمية تدعو إلى القضاء على التهاب الكبد للوقاية من سرطان الكبد    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة تظلمات مسابقة ألف إمام وخطيب    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    نائب رئيس الوزراء : تدريب مجانى لتأهيل سائقى الأتوبيسات والنقل الثقيل وتوفير فرص عمل بالشركات    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    المدارس تبدأ تسليم استمارات النجاح وإخطارات الدور الثاني لطلاب الثانوية العامة    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    تنسيق الجامعات 2025.. برنامج الدراسات القانونية باللغة الإنجليزية ب حقوق حلوان    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    فرقة الآلات الشعبية وكورال السويس يتألقان في رابع أيام "صيف السويس"    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    رئيس جامعة المنوفية يعتمد نتيجة تراكمي الفرقة الرابعة بكلية التربية للطفولة المبكرة    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إسرائيل تقرر تجميد خطة "المدينة الإنسانية" في رفح    المجلس التنفيذي لمحافظة مطروح يعقد اجتماعه الرابع للعام 2025 برئاسة اللواء خالد شعيب    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    توفير السيولة وخلق كوادر شابة مفتاح نهوض شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    جيروزاليم بوست: العديد من أعضاء إدارة ترامب يعتقدون أن الوقت مناسب لاقتراح صفقة شاملة لإنهاء الحرب في غزة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد منذ بداية الحرب    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    السيطرة على حريق بشقة سكنية في البلينا وإصابة 3 بحالات اختناق    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمود متولي شيخ المؤرخين:
علي »الجماعة« أن تعي أن »الدين.. معاملة« والعلمانية ليست كفراً
نشر في الأخبار يوم 01 - 05 - 2012


د. محمود متولى أثناء حواره مع »الأخبار«
استغلال الشعارات الدينية لأغراض سياسية سبب حالة التخبط التي نعيشها
الصدام
بين الإخوان والأطراف الأخري قادم إذا لم يفهموا السياسة
علي أصولها
رغم گل شئ:
أنا متفائل.. ونحن ندفع الآن فاتورة الثورة
لم يخطط د.محمود متولي شيخ المؤرخين للقاء الرئيس المخلوع مبارك يوما.. لكن الظروف قادته للقائه مرتين.. مرة للعمل معه وأخري للجلوس منفردا في حلقة نقاش.. في المرة الأولي طلبه الرئيس السادات في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي للعمل تحت رئاسة نائبه في ذلك الوقت حسني مبارك في "لجنة إعادة كتابة تاريخ ثورة 23 يوليو".. ومع ذلك لم يتقابل مع مبارك مرة واحدة ..لأن مبارك كان يكتفي بالإطلاع علي ما يتم انجازه باللجنة ويصدر توجيهاته لها..!
وفي المرة الثانية عام 1993 استدعاه علي عجل جمال عبد العزيز سكرتير الرئيس للقاء مبارك الرئيس ومناقشته في مقال كتبه د.متولي ونشر في إحدي الجرائد القومية ..والمفارقة انه نشر بأمر من مبارك نفسه.. واستمر اللقاء حوالي اربع ساعات.. تناول اللقاء اهم ما جاء بالمقال ..مناسبة ترشح مبارك لولاية ثالثة ..نظام الحكم بعد ثورة يوليو.. بوادر التوريث في الرئاسة..!
ويؤكد د.متولي انها كانت المرة الأولي التي يكتب فيها أحد مقال يشير فيه إلي التوريث في نظام الحكم الجمهوري المصري.. ومازل يتذكر د.متولي ان مبارك ناقشه فيما ورد بمقالته بطريقة اذهلته..علي حد قول د.متولي ويتعجب حين يسمع من يقول ان مبارك كان لا يقرأ.. وفي حوارنا سنعرف اسرار هذا اللقاء وما تم فيه.. وربما نفاجأ ببعض الآراء التي قالها د.متولي وتناقض ما يتناثر حول مبارك بعد خلعه من سدة الحكم!
من لم يقرأ التاريخ جيدا ويستوعب دروسه لن يعرف مستقبله.. فالمستقبل كامن في بطن التاريخ.. ومن يظن ان التاريخ يعيد نفسه واهما.. التاريخ يعطي دروسا للتعامل مع المستجدات بالاستفادة من حوادثه وتجاربه وماآلت اليه الأمم وما جري مع ديكتاتورية الحكام ومن لم يتعظ بالتاريخ ينتظر حكم الحاضر عليه كأي حيوان أعجم ود.محمود متولي شيخ المؤرخين علاوة علي ابحاثه الوفيرة وكتبه العلمية عمل ضمن مستشاري الرئيس السادات والذي طلبه منه العمل في لجنة اعادة تاريخ مصر وخاصة ثورة 23 يوليو حيث عهد إليه بملفين هما تصفية الإقطاع و»الاغتيالات السياسية«.. ورغم أنه بذل جهدا في هذين الملفين وتوصل إلي نتائج مهمة لكنها دفنت دون سبب معلن.. وكان مما توصلت إليه اللجنة وبطريقة علمية موثقة ان الجيش المصري لم يهزم في 67 بسبب قوة إسرائيل لأنه لم يحارب اصلا.. وإنما جاءته الهزيمة من الداخل لانشغال رجال القوات المسلحة بصراعات بينهم.. كما ان لجنة تصفية الاقطاع التي رأسها مجموعة من الضابط لعبت دورا خطيرا في هزيمة 67.. وكثير من الحقائق سوف نقرأها في هذا الحوار معه!
ما الحكمة المطلوبة لمصر حاليا للخروج مما نحن فيه الان بعد معايشتك للتاريخ وأحداثه وعبره؟
ارجو ألا تتعجب حين اقول لك »التاريخ مليء بالحلول لما نحن فيه حاليا«.. فنحن لسنا منفردين بهذه الحالة عبر التاريخ.. فقد مرت أمم كثيرة بهذه الحالة المربكة بعد الثورات.. ومنهم من تخطاها بسلام ومن وقع في شرك التيه وعدم وضوح الرؤية.. علينا قراءة التاريخ جيدا.. ولنتذكر ان الشعوب دائما هي المنتصر في النهاية وان طال الزمن.. وأرجو ألا نلتفت كثيرا للدعوات المربكة بشراء الاخرة بالدنيا.. فشراؤها في ثلاثة اشياء فقط "الاحساس بالمسئولية الاجتماعية وأسلوب وطريقة التعايش مع الاخر وتحصيل العلم والمعرفة.. فلا طريق للتقدم والرفاهية دون المعرفة والعلم.. ومن يدعي غير ذلك فهو قارئ غير جيد للتاريخ وأحداثه.. فلا توجد دولة في التاريخ تقدمت بالشعارات واستغنت عن المعرفة والعلم التكنولوجي الحديث.. والاهم والأخطر ازالة التابوهات التي نصنعها ونبتعد عن الحديث فيها.. لأنها تخلق عوالم غير حقيقة للشعوب وتجعله يعيش في الوهم وخاصة وهم الامتياز عن الأمم الأحري.. ولنتذكر ان احد أهم عناصر نجاح الحركة الصهيونية قراءة التاريخ استيعابه.. ولو انهم استفادوا منه لتحقيق أغراضهم ونحن لانقرأ التاريخ جيدا ولا نتعظ به..!
تعرفت علي الرئيس مبارك عن قرب.. ما الملابسات التي جمعتك به أولا؟
التقيت بمبارك مرتين.. المرة الأولي حين تم تكليفي من قبل الرئيس السادات عام 1975 لأعمل تحت رئاسة نائبه في ذلك التاريخ حسني مبارك في لجنة اعادة كتابة تاريخ ثورة يوليو.. وقد عهد إلي بملفين خطيرين هما »تصفية الإقطاع« و»الاغتيالات السياسية«.. ورغم رئاسة مبارك للجنة لكنني لم التق به اطلاقا منفردا وكان يكتفي بقراءة تقارير اللجنة.. وبالمناسبة لقد عملت ضمن مستشاري الرئيس السادات!
وكيف تعرفت علي السادات؟
أنا علمت ضمن مستشاري السادات..واشتغلت في مركز الدراسات الوطنية بمصر الجديدة مع مع منصور حسن وزير الإعلام الأسبق وصفوت الشريف ومصطفي السعيد في وكنا نعمل بالمركز حتي ساعات متأخرة بالليل.. وتعرف علي السادات وعهد لي السادات بكتابة 6 مقالات في العدد »الزيرو« لجريدة مايو فكتبت 6 مقالات كل واحد منها عبارة عن صفحة كاملة وكان إحداها عن الأحكام العرفية وخطورتها علي المجتمع.
وما ملابسات لقائك المرة الثانية مع مبارك؟
حين بدأت بشاير ترشح مبارك للمرة الثالثة بداية التسعينات شغلتني كما شغلت الرأي العام طرق تولي منصب الرئاسة في مصر بعد ثورة يوليو.. فما كان مني سوي كتابة مقال عن نظام الحكم الجمهوري والملكي وقلت بالنص في المقال وهو منشور بجريدة الجمهورية"تعلمنا في الجامعات أن هناك نظامين في الحكم حكم ملكي يرث فيه الابن أباه وويل للمجتمع لو كان الابن سفيها.. ونظام حكم جمهوري يُنتخب رئيس الجمهورية من الشعب في صورة دورات لمدد معينة.. لكن ثورة 23 يوليو علمتنا نظاما جديدا للحكم وهو النظام الجمهوري الملكي فلا يخرج رئيس الجمهورية ولا يترك مقعده إلا نتيجة ل 3 أشياء الاغتيال مثلما حدث للسادات.. والقضاء والقدر كما حدث لجمال عبد الناصر.. أو الانقلاب كما حدث لمحمد نجيب.. وأنت يا سيادة الرئيس كيف تنوي أن تترك مقعدك؟"..
وقد بعثت بهذه المقالة لكل الجرائد والأحزاب حتي تنشر فلم يجرؤ احد علي نشرها وفوجئت بنشرها.. وعلمت ان وراء نشرها الرئيس مبارك نفسه..وكان احد رؤساء تحرير الصحف القومية وكنت قد ارسلتها له بعث بها لسكرتير الرئيس لكي يوغل صدر الرئيس علي لأنه قيل ان اسمي تردد في ذلك الوقت لتولي وزارة الثقافة.. وحين عرضت المقالة مبارك امر رئيس التحرير بنشرها كاملة دون حذف..!
وماذا حدث بعد ذلك؟
فوجئت صباحا حوالي الثامنة النصف بجمال عبد العزيز سكرتير الرئيس يتصل بي لمقابلة مبارك.. في البداية لم اعرف صوت سكرتير الرئيس واعتقدت ان هناك من "يهزر"معي فلم اعره اهتماما خاصة انني لم اكن بعد قد علمت ان المقالة قد تم نشرها.. لكن صوت السكرتير اتسم بالجدية وأشار للمقالة وما فيها .. هنا ادركت جدية الأمر ثم طلب مني الانتظار بمنزلي حتي تأتي سيارة الرئاسة لتقلني.. وبالفعل قابلت الرئيس السابق حسني مبارك وجلست معه منفردا حوالي أربع ساعات في قصر العروبة وكان ذلك تحديدا في 13 يونيو عام 1993..وبدأ مبارك حديثه بما يشغل الرأي العام المصري والعربي في ذلك الوقت وهي قضية التوريث.. وهذا كان لب مقالي.
ماذا دار خلال الساعات الأربع مع مبارك؟
خلال الساعات الاربع احسست ان مبارك كان مستعدا تماما للقاء والمناقشة.. وقد قرأ المقالة واستوعبها تماما .. حتي انني ذهلت لاستيعابه المفرط لكل ما كتبته.. وبدا معي مناقشة ما كتبته وسألني سؤالا محددا هل ترشحيي للمرة الثالثة دستوري أم غير دستوري فقلت دستوري طبعا..ثم قال هل انا الذي اخلت مادة ترشيح الرئيس لمدد متتالية ؟ قلت: لا الرئيس السادات.. ثم قال حين يتغير الدستور بالتأكيد لن افعل ما يخالفه.. ثم تناقشنا في كثير من الموضوعات وطرحت أسئلة عديدة تتعلق مثلا بعدم تعمير سيناء وتركها صحراء وهي منقذ لمصر ومنفذ مليء بالثروات والعلاقات المصرية ألأمريكية كانت اجاباته غير مقنعة لي..ولا ادري ما سبب عدم تعمير سينا إلي يومنا هذا..؟!
لكن من خلال حديثي معه وجدت بعض تحفظات منه علي كثير من المواضيع خاصة العائلية ومازلت اذكر انه قال بالحرف الواحد وبجدية غريبة »فلنبتعد عن هذ الأمور«.. واثرت موضوع جمال مبارك وهو قد بدأ يلوح في الافق نجمه لكن لم يكن بالصورة التي كانت عليه في السنوات الخمس الاخيرة..وتلميحاتي عن جمال مبارك تجدها في المقالة المنشورة وأظن انني اول من كتب عن التوريث وجمال.
خلال حديثك مع مبارك اربع ساعات الم تتحدث عن ظهور رجال الأعمال في الوزارات؟
بالفعل تحدثت معه عن رجال الاعمال والسلطة لكنه برر بطريقة غريبة بانهم سينقلون نجاحهم للوزارات لكنه كان زواج سلطة.. ولما شرحت له خطورة ما يمكن ان يحدث وانهم ربما يجيدون التجارة وليس الوزارة .. قال إن هذا ما تفرضه علينا المؤسسات الاقتصادية الدولية وأن هذا الطريق هو الذي تسير فيه دول العالم الثالث.
ولماذا لم تحدثه عن ترشحه للمرة الثالثة وهو عنوان مقالتك وعن عدم تعيين نائب له؟
كيف لم احدثه.. بالفعل ناقشته واستمع جيدا ورد بما جاء في الدستور.. مثلا سألني هل الدستور ينص علي فترة محددة للرئاسة قلت لا.. ثم سألني هل الدستور يلزم ان يجيز تعيين نائب.. قلت: يجيز.. قال لي رشحت نفسي للمرة الثالثة ولست مخالفا للدستور وعدم تعين نائب ليس مخالفا للدستور.. ثم قال بالحرف الواحد اليس السادات من ضحك عليكم بحكاية الشريعة الاسلامية حتي يمرر مادة اجازة انتخاب لمدد متتالية.
في الحقيقة دستور 17 مهانة بعد تدخل السادات وطلبه من جمال العطيفي تخويل سلطات اوسع لرئيس الجمهورية قائلا له: ياعطيفي نحن في دولة رئاسية..ثم التعديلات التي تلت.. وكلنا نذكر فايدة كامل حين وقفت في المجلس تقول للابد ياريس.. كنت تريده رئيسا لمصر للابد ولم يعترض أحد من المجلس.
وبالمناسبة كان في ذلك الوقت الحديث عن اقامة جسر بين مصر والسعودية.. الم تتطرق للحديث عنه.. وهناك علاقات تاريخية ودينية بين البلدين؟
قلت له بالحرف الواحد ان إقامة جسر بين مصر والسعودية مشروع كفيل بضرب إسرائيل في مقتل..لكنه رد قائلا: "للأسف أنتم لا تدركون كل شيء في السياسية وقال عندما أطلب من أي دولة عربية قرضا فإني أفاجأ بهم يستشيرون أمريكا التي تستشير بدورها إسرائيل والتي تحاول هي الأخري أن تحصل علي مكاسب سياسية من أجل الموافقة علي إقراض مصر من الدول العربية.. وتكلمنا أيضا عن قضية حلايب وشلاتين وكيف أن البشير هدد بعرض القضية علي مجلس الأمن ونفي مبارك ما ذكره البعض في ذلك الوقت من أن ابنيه علاء وجمال يركبان اليخوت في مياه قناة السويس وقال بالحرف الواحد "إن سر تعارف علاء وجمال علي "أونكل" صفوت حضور تصوير فوازير ألف ليلة وليلة".
نقرأ في بعض المقالات والمقابلات التي تتم مع البعض اشارات ان مبارك لم يكن يقرأ شيئا.. وذكرت انه قرأ مقالاتك جيدا وناقشك بجدية؟
اظن مسألة ان مبارك لا يقرأ شيئا كلام فيه الكثير من المبالغة.. فمن خلال عملي معه في لجنة التاريخ والتقارير التي كنا نرفعها له ثم يرد علينا ببعض الملاحظات توحي انه قارئ جيد.. ومناقشته معي خلال الساعات الاربع لاحظت انه مستوعب جيد لكل ما قرأه بل وربطه بالعديد من الموضوعات كانت عنده ردود جاهزة ربما لا تكون علي المستوي لكنه توحي بأنه قارئ جيد ومستوعب.. ولاحظ انني استاذ جامعي وأستطيع التفرقة بين القارئ الجيد والإنسان الملقن لبعض الكلمات.. وربما كان مبارك في سنواته الاخيرة لا يقرأ شيئا.. فأنا اشعر انه احس بطرف خفي ان النفاق في مؤسسة الرئاسة قد استشري وفي المحيط الذي يعيش حوله فكف عن القراءة ليقينه انها تقارير مليئة بالنفاق..وكان لاحول له ولا قوة.
كيف جاء عملك مع عبد الناصر ؟
بعد نكسة 67 بدأ عبد الناصر بث عقيدة جديدة للقوات المسلحة المصرية ..وقد كلفني عبد الناصر بالعمل كرائد بالقوات المسلحة فرع الحرب النفسية..ومن المفارقات العجيبة اني وجدت في درج المكتب الذي وضع له كتاب مغلف ومترجم بالعربية تحت اسم"خطة اسرائيل في الهجوم علي مصر عام56"..وهي نفس الخطة التي استخدمت في حرب 67..لكني المكلف بقراءة الكتاب لم يقرأه وتركه ..وهذا ما اشار اليه موشي ديان حين قال ان العرب لايقرأون.. من هنا كانت اهمية قراءة التاريخ.
من خلال دراستك للثورات في التاريخ.. كيف تري ما حدث في 25يناير؟
ما حدث هو في25 يناير هو انتفاضة شعب عاش فترة طويلا في ظل ظلم وقهر وافتراء.. وبلا شك انها ثورة ويكفي انها أطاحت براس النظام السابق بعزيمة شعب.. وبالتأكيد ما حدث في 25 يناير ليس انقلابا. لأن الانقلاب يكون لصالح فئة معينة تريد الاستيلاء علي الحكم ومن قاموا في يناير لم يكن هدفهم مجرد تغيير أو الاستيلاء علي الحكم بل المطالبة بالحرية العدالة لكل الشعب وليس لصالح فئة بعينها.. والمجتمع كان لابد فيه ثورة كل العوامل كانت مكتملة للثورة..من هنا خرج الشعب بلا رأس لأن الكل شعر بالإحباط وبعدم الجدوي في الاستمرار في هذه الحالة مع الاستماع لبيانات تفيد بإنعاش الاقتصاد والرفاهية التي تحيط بنا ولم يكن احد يراها.
لكن لماذا حالة التخبط التي نعيشها الآن؟
جزء كبير من حالة التخبط الذي نعيشها وراءه استغلال الشعارات الدينية لأغراض سياسيه ومع الاسف تجد هذا الشعارات مستقرا لها في نفوس الشعب المصري المتدين وتيارات ترفع شعارات دينية لكنها سياسية دنيوية.. وتتسبب في تطاحن فئات من الشعب كما نري خالطين بين ما هو ديني وما هو سياسي.. السياسية مليئة بوجهات النظر المتضاربة التي تريد الوصول لهدفها بأي وسيلة حتي لو كانت غير شريفة.. فكيف نربط كل هذا بالدين الثابت الذي يحض علي مكارم الأخلاق
لكن الشعب المصري متدين فكيف نفصل بين الدين والسياسية؟
بداية لا يستطيع احد ان يطلب بعدم التدين.. التدين مطلوب لاكتمال مكارم الاخلاق..والإسلام مبادئ اخلاقية نعيش بها في الدنيا ونتجاور ونتحاور بالتي هي أحسن ولا ينبغي الخلط بين المبادئ السياسية والمبادئ الدينية .. فالسياسية مليئة بالأعيب والحيل..ومن خلال معرفتي بالتاريخ لم تكن هناك دولة دينية اسلامية.. فالإسلام ليس دولة لكنه مجموعة اسس اخلاقية تبني الانسان وتدفعه نحو الاخاء والتسامح والعيش في سلام.
لكن كتاب عن الإخوان والعمل السياسي.. كيف تراه من حركة الإخوان حاليا؟
جماعة الإخوان بدأت بالإسماعيلية سنة 1928 ثم انشأت شعبة في بورسعيد ثم السويس وبعد أربع اي سنة 1932 سنوات تلقت معونات من الانجليز ومن اسماعيل صدقني رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت.. وحين انتقلت إلي مصر في سنة 1932 اتخربت الجماعة لأنها تحولت إلي العمل السياسي وذلك كان في المؤتمر العام الخامس عام 1938 لهم حين اعلن رسميا المرشد العام حسن البنا قائلا:ان الاوان للعمل السياسي فقد ظلننا لفترة طويلة في العمل الديني.. وانتقلت الدعوة للعمل السياسي مستغلة العاطفة الدينية.
وما الخطورة في عمل الجماعة بالسياسية؟
يا سيدي الدين مجموعة اخلاقيات وليس سياسية الاسلام ليس سياسية.. وهم يستغلون الدين لتحقيق مكاسب سياسية..انا مع اختلافي مع السادات مؤمن بما قاله لاسياسية في الدين ولا دين في السياسية.
اذن كيف تري مستقبل الاخوان في العمل السياسي؟
العمل تحت ظل الشعارات الدينية لن يستمر طويلا..وعلي جماعة الاخوان إذا أرادوا العمل بطريقة صحيحة ان يرجعوا للتاريخ قراءة ودراسة ويعوا حركة التاريخ التي لا ترحم احدا.. وإذا لم يتعظ الإخوان مما مر بهم وإذا لم يفهموا حركة السياسة علي أصولها فإن احتمالات الصدام واردة بينهم وبين كثير من الاطراف.. مثلا وارد ان يحدث صدام مع الأحزاب الموازية لهم حتي وإن لم تكن قادرة علي أن تلحق بهم سواء علي المستوي السياسي الرسمي أو الشعبي.. والصدام الثاني مع شباب الثورة الذين أتاحوا الفرصة لهم ان يظهروا من تحت الارض وان تصبح الجماعة الفائزة والممثلة للشعب في البرلمان..!
ولا استبعد الصدام مع الجيش إن آجلا أو عاجلا إذا اصطدمت المصالح بينهما.. وصدام أخير ومحتمل مع الشعب إذا لم تقم الجماعة بتحديد موقفها من عدد من القضايا والإشكاليات مثل حقوق المرأة والأقباط والعدالة الاجتماعية والصراع العربي الإسرائيلي.. وعلي الجميع أن يفهم أن هذا الشعب إذا ما وجد الطريق الصحيح لتحقيق آماله فانه سينقلب ويثور علي القوي المعوقة لبناء مستقبله دون اعتبار لأي ثمن يدفع في سبيل التضحية لتحقيق هذا الأمل.
نصحت الاخوان بقراءة التاريخ لماذا؟
التاريخ هو حركة الانسان علي الارض.. ونصيحتي للإخوان أن يدرسوا التاريخ حتي يتحسسوا وقع خطواتهم وحركتهم في الساحة السياسية.. في المجتمع عبر مراحل التاريخ منذ أن انتهي عصر حسن البنا ثم عصر القاضي حسن الهضيبي ثم انتهاء ما يمكن أن نطلق عليه استخدام أسلوب الإرهاب لإرهاب الآخرين.. وعلي الجماعة أن تدرك جيدا أن العلمانية في المجتمع ليست كفرا وأن التحديث والتمدين لا يعني الالتحاق بالغرب وأن بناء النظام الأخلاقي شيء لا يمكن أن يتخلي عنه أي مجتمع وأن القيمة الحقيقية للدين هي المعاملة.. وعلينا أن ندرك أيضا أن جماعة الإخوان في السنوات العشر السنوات الأولي كانت رائعة وكانت توجه وتقود ولكن عندما بدأت العمل السياسي بعد المؤتمر الخامس لها بدأت تدخل في مرحلة الضياع والمحنة التي أدت إلي مهاجمتها ومصادرة شعبها وبالتالي يجب علي قادة الجماعة إعادة النظر فيما ينبغي أن تكون عليه الجماعة في ظل قراءاتها للتاريخ.
عاصرت قيام ثورتين في مصر ثورة 52 و25يناير كيف تراها بعين المؤرخ؟
ربما تكون هزيمة 48 والأوضاع الداخلية لمصر من ظلم اجتماعي وراء ثورة يوليو.. ثم هناك ملاحظة تاريخية تري أن الجيش المصري عندما يهزم فإن الثورة تقوم بعد مرور أربع أو خمس سنوات.. فتجد مثلا عام 1875 هزم الجيش المصري من الجيش الإثيوبي وبعد مرور 5 سنوات تقريبا قامت ثورة عرابي.. وهذا ماحدث بعد هزيمة الجيش في 48 أي في حرب فلسطين حيث قامت ثورة يوليو بعدها بأربع سنوات..ثم ما يشبه الثورة بحركة التصحيح التي قام بها السادات بعد النكسة بأربع سنوات..!
وبالتأكيد الحتمية التاريخية قامت بدورها للتمهيد لثورة 25 يناير وهذه الأسباب تعود جذورها إلي اتفاقية كامب ديفيد وتداعياتها مثل اتفاقية الغاز مع إسرائيل وعدم تعمير سيناء والاعتداء علي الحدود المصرية.. وهذه أسباب مباشرة لقيام ثورة 25 يناير.. ثم كانت هناك اسباب قامت بدور كبير في بلورة شعور المصريين بضرروة القيام بالثورة منها بيع وتصفية القطاع العام بأسلوب فاحش في النهب والسلب فضلا عن وضع العمالة المصرية في حالة استجداء لأي فرصة عمل ثم جاءت قضية التوريث لتقوم برسم الحركة الاخيرة لقيام الثورة.
لكن الم تلحظ دور الجيش في كل الثورات المصرية في العصر الحديث بدءا بعرابي حتي 25يناير؟
بالطبع هذه ملحوظة ذكية.. لكن لاحظ تبادل الادوار مابين الجيش والشعب.. عرابي قام بثورته وايدها الشعب لانها حاولت استرداد كرامة الجيش المصري.. ثم في يوليو قام بها الجيش وأيدها الشعب وبدأت كحركة قام بها الضباط الأحرار ثم أعلنت كثورة بناء علي طلب المثقفين وعلي رأسهم طه حسين وسيد قطب.. وفي يناير قام الشعب بالثورة علي الاوضاع الظالمة المتردية ثم سانده الجيش.. وهناك ملاحظة يجب الانتباه إليها في هذا السياق وهي أن الجيوش إذا ضربت شعوبها فقد فقدت مبرر وجودها وبالتالي فإن شرعية القوات المسلحة في أي بلد مرتبطة بدورها الرئيسي في حماية الأرض والشعب ولكن يجب أيضا أن نفرق بين الجيش وبين المجلس العسكري كأفراد دخلوا العمل السياسي وبالتالي فمن حق المثقفين أن يقوموا بانتقادهم باعتبار أنهم يقومون بعمل سياسي وهم معرضون للخطأ والصواب.
كيف تري الوضع الآن في مصر؟
لا تستغرب حين أقول انني متفاءل جدا بما يحدث في مصر.. وقد مرت مصر بمثلما حدث فيها قبل يناير أيام الملك بيبي الثاني.. وقامت ثورة.. ثم اتعدلت الأمور.. كل الثورات لابد ان تدفع الثمن ونحن ندفع الثمن الآن.. والتاريخ لايرجع للوراء أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.