الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح له بسطة جسد الرئيس عبد الناصر ووجه من الصعب اختراق أفكاره . ملامحه كرجل انتمي زمنا ومازال إلي جماعة الإخوان المسلمين لايمكن أن تغفلها وأنت تقارنه بآخرين لاختيار من ستعطي صوتك في انتخابات الرئاسة. لديه حضوره الخاص الذي يجعله يبدو مثل أب روحي في زمن يفتقد مثل هذا النموذج . يسقطه الإجهاد في بعض المناورات الإعلامية في هفوات تكشف أن الحرية التي يتكلم عنها بلسان طليق تخفي بعضا من ديكتاتور ولو صغيرا. ونفس معذبة بكل آلام السنوات السابقة التي كان فيها يمارس أفكاره في الظل أو الظلام . وهو شيء يفوق قدرته علي التغيير . علي الأقل بكل هذه السهولة وفي هذا الوقت القصير! مثل كل السادة مرشحي الرئاسة لم يقدم برنامجا انتخابيا واضحا يمكن أن يحسم قرارك. كلها حتي الآن شعارات وأمنيات ليس فيها جذور تؤكد أنها قابلة للتنفيذ. يحظي الدكتور أبو الفتوح رغم ذلك علي شعبية الطبقة المتوسطة وبعض الصفوة. المدهش أن أغلب من انحازوا للدكتور أبو الفتوح يقفون في الوقت ذاته في مواجهة ترفض الكثير من أفكار جماعة الإخوان وبرلمان الإخوان وبالتالي مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي! لم ينف الدكتور ابو الفتوح أنه ابن بار وأصيل في جماعة الإخوان. لم يخف أن ارتباطه بالجماعة أعمق من خلاف عابر سوف تذيبه الأسابيع القادمة سواء فاز بمقعد الرئاسة أم فقده. في كل الأحوال سوف يعود الدكتور أبو الفتوح إلي صدر الجماعة فهو عضو بارز بها . لاغني لهم عنه ولا غني له بدونهم . الدكتور أبو الفتوح صاحب الابتسامة الخفيفة الغامضة التي تخلط بين السخرية والرأي . الهادئ في رزانة . بقميصه الأبيض الذي يجعله أقرب إلي ممثل ناضج محبوب في مسلسل تركي. رجل له عقلية مميزة يطرح بها إجاباته الجاهزة تماما في كل وقت عند سؤاله عن أي شيء يخطر علي بال إعلامي عابر . جاهز دون انفعال. حويط دون استعراض ذكاء. يبدو هو الأقرب إلي أحلام البسطاء الذين يريدون خبزا وأمانا . ويبحرون في الدين دون أن يكون لديهم معرفة كاملة بتفاصيله. يتمسكون بالعودة إلي ماض لن يعود . فيه بيوت طبقة متوسطة داسها الزمن حتي الانقراض. يبدو انتماء الدكتور أبو الفتوح إلي جماعة الإخوان لعمر طويل في أفكاره المنظمة وحملته الانتخابية التي لايفوتها نقطة علي الوطن إلا وذهبت تبحث عن صوت فيها . تتجلي أيضا أفكاره في إصراره علي أن المستقبل معه قائم علي الحوار والإقناع وليس علي القرارات سابقة التجهيز . عبقرية الجماعة أنها جهزت مبكرا ثلاثة سيناريوهات لمرشحها الرئاسي. أحدها كان الأستاذ حازم أبو إسماعيل الذي استخدم الدين للدين ووعد بدولة دينية لا خلاف عليها . والثاني الدكتور محمد مرسي الذي قدم نفسه بديلا لرجل الأعمال المهندس خيرت الشاطر بنظرية الدين الاقتصادي الذي يعني نهضة اقتصادية تتحول إلي حياة مطمئنة لعائلات تبحث عن الأمان . والثالث الدكتور أبو الفتوح الذي اختار أن يكون الدين لله والوطن للجميع. اختار أن يكون مرشحا عصريا عن الجماعة التي انفصل عن عضويتها لكنه لم يذهب بعيدا عن أفكارها ومعتقداتها وربما مرشدها.. ليس جديدا ولا سرا أن الدكتور أبو الفتوح هو مرشح جماعة الإخوان. الجديد الذي أتمناه في الفترة القليلة القادمة أن تعلن الجماعة أنها دفعت به وبالدكتور مرسي إلي سباق الرئاسة. وأن يضع الدكتور أبو الفتوح علي لافتات الشوارع عبارة انتخبوا الدكتور أبو الفتوح مرشح جماعة الإخوان المسلمين. لا أجد في ذلك نقصا من قدرته علي المنافسة ولا عيبا يجب أن يخفيه. الصراحة هي التي تجعلنا نختار رئيسا نندمج معه في المرحلة القادمة. الخطوة الأسهل أن يفوز أحد المرشحين بمنصب الرئيس .. الأصعب أن يقف الشعب معه ليبدأ الإصلاح والبناء . وهو أمر لن يحدث إلا بالوضوح والصراحة والطريق المختصر. هل يفعلها الدكتور، هل تفعلها الجماعة ؟