ما بين جنسية أم حازم، وإقرار الجماعة لشعار المرحلة »الإسلام هو الحل«، والمطالبة بحجب المواقع الإباحية، وأخبار البلكيمي، وشخط الوزير السابق في مبارك، تدور الرحي بالهموم السطحية والمواقف العبثية، بينما لا يتحدث أحد عن كارثة وشيكة الوقوع، أعني نفاد المتبقي من الرصيد النقدي،. الذي نستورد به المواد الغذائية التي يستهلكها الشعب، ونتيجة للسياسة الانفتاحية منذ السبعينات أصبح نصف المواد من الخارج، خاصة القمح، نتيجة احتكار عدد محدود جدا من المافيا الحاكمة لاستيراد القمح، والأسماك »بلد تمتد شواطئه لالاف الأميال يبلغ متوسط سعر الكيلو الآن خمسين جنيها علي الأقل«. اللحظة الحرجة التي حاول كل نظام تجنبها، هي اختفاء رغيف الخبز من الأسواق، اختفاء السولار والبنزين والبوتاجاز يمكن الصبر عليه بالوقوف ساعات في الطوابير التي أصبحت مشهداً معتاداً، أما اختفاء رغيف العيش فهو الذي سيدفع بالقوي الضاربة من المصريين ومعظمها لم يشارك في الثورة حتي الآن إلي الخروج من العشوائيات المحيطة بالقاهرة والتي لم يعرفها بعض المرشحين الرئاسيين إلا سعيا إلي الدعاية، رغيف الخبز هو الخط الأحمر الذي سيحدث مع اختفائه انفجار قد يدفع بالأمور إلي الفوضي، مصر هو البلد الوحيد في العالم الذي يطلق علي الخبز اسم »العيش« أي الحياة، ولهذا تأصيل قديم في الحضارة المصرية شرحته مفصلا في كتابي »نزول النقطة«. أول ما يشرع فيه المصريون صباحا، شراء الخبز، أما الخطوة الثانية فهي البحث عن الغموس، أي غموس، وإذا تعذر فالخبز الحاف فيه درء وتسكين للجوع، ماذا لو اختفي العيش؟، هل فكر أحد المرشحين الرئاسيين في هذه اللحظة؟ هل أعدت الحكومة الغامضة التي تدير أمورنا خططا لمواجهة اقتراب الخط الأحمر؟. لماذا لا يطرح الأمر من خلال المتخصصين في الاقتصاد لوضع خطة إنقاذ عاجلة لمحاولة تجنب تلك اللحظة التي كانت تمثل الخط الفاصل دائما بين الصمت والصراخ، بين الاستقرار النسبي والفوضي المطلقة.