د. م. نادر رىاض جميل أن ترتفع الأعلام ومعها الهامات تطالب بكل الطموحات، وجميل أيضاً أن يرتفع الحس الوطني لدي كل مجتهد وكل صاحب رأي حر يسعي أن يري في وطنه مصر ما تستحقه من مكانة باعتبارها أقدم الحضارات والممالك التي عرفها التاريخ البشري . ومع اعترافنا نحن جيل الوسط بأن مصر للجميع ولا حق لأحد في مصادرة رأي مخالف مهما تواضع شأن صاحبه باعتبار أن المحصلة النهائية تصب في مصلحة الوطن علي أن تتفق تلك المحصلة مع صوت المنطق والعقل والحق بحيث يقبلها ويتكامل معها الجميع ولا تكون مدعاة لفرقة أو تناحر بين الاتجاهات المختلفة وظهور نزعة الأثرة والاستئثار بالرأي . هذه المحصلة النهائية المعبرة عن مختلف الآراء الممثلة عن قوي الشعب ليست هدفاً في حد ذاتها وإنما هي المدخل الرئيسي المؤدي إلي إستراتيجية العمل الوطني في المرحلة القادمة علي امتدادها عبر المستقبل قريبه وبعيده. وقد يتفق معي البعض في أن أهم ما يحتاجه واضع أية إستراتيجية إنما يكون البحث عن ترتيب الأولويات حيث أن النجاح في ذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحديد منحني الصعود المأمول لتلك الإستراتيجية الناجحة التي تصلح للعمل الوطني بمفهومه الصحيح ، كما أن عكس ذلك صحيح من أن الفشل في ترتيب أولويات حسب أهميتها ومراحلها ينجم عنه وضع إستراتيجية متعثرة لا يتوافر لها قوة الدفع الذاتي لفترة ممتدة وعودتها في كل مرحلة إلي دائرة الاختلاف حولها مرة أخري . وقد يري معي البعض من جيل الوسط الذين تركزت خبرتهم المهنية في مجال الصناعة والإنتاج والنهوض بالفرد وتعظيم إمكانياته وإنتاجيته كماً ونوعاً في أن تقدم الدول يقاس بتقدمها الاقتصادي وتعاظم ميزانياتها عاماً بعد عام وذلك بازدياد الإنتاج المطرد بما يوفره ذلك من فائض في ميزانية الدولة يصب بالإيجاب في ميزانيات الصحة والتعليم والبنية الأساسية والاتصالات وأيضاً تعظيم القوة الدفاعية لمؤسساتها العسكرية . لذا فإنني انضم للكثرة التي تري أن قضية الإنتاج وقضية التوظيف والارتقاء بمستوي الأيدي العاملة حفاظاً علي رأس المال البشري لقوي الشعب العاملة هو أمر له أولوية متقدمة في منظومة العمل الوطني تحقيقاً لمصالح الدولة العليا . أما رجال الصناعة والاقتصاد فعليهم الآن أن ينبذوا التردد والتوجس وينطلقوا في أعمالهم ويوسعوا من استثماراتهم بوازع من حسهم الوطني ورؤيتهم التخصصية والتي تصب في المصلحة العامة وليعلموا أن ما حققته الدولة لهم من مكاسب في المرحلة السابقة كلفها المليارات بمعيار المال وعشرات السنين بمعيار الزمن كان من أبرز ملامحها تأمين البنية الأساسية الصناعية من مدن صناعية وطاقة كهربائية ومرافق واستيعاب لتكنولوجيات متقدمة وانطلاقة لمنظومة الجودة واتفاق مصالح أصحاب الأعمال مع عمالهم والذين لا ينكر الفضل لهم في القدرة علي استيعاب التكنولوجيا الحديثة الوافدة وما لذلك من أثر مباشر في بناء القدرة التنافسية للمجتمع المصري عبوراً به لأسواق التصدير وتحقيق أرقاماً واعدة بالتنامي في منظومة لا يجب لها بأي حال من الأحوال أن تتراجع أو تتوقف لأن في ذلك تهديداً مباشراً للمصلحة العليا للاقتصاد المصري. فاتحاد مصالح أصحاب الصناعة بياقاتهم البيضاء وعمالهم بياقاتهم الزرقاء كان ويظل المحرك الرئيسي للنهضة الصناعية المرتقبة التي تستهدفها البلاد حالياً ، وفي هدير آلاتهم وجودة إنتاجهم المعبر الرئيسي لمصر علي طريق الرخاء . بني الحمي والوطن .. فلنقف جميعاً قوة دافعه خلف اقتصاد مصر حتي يتمكن من إطلاق آلياته وليعلي من هدير آلاته ومعداته لكي ما تستعيد مصر بعضاً مما فقدته بعد أن كانت علي وشك تحقيق انطلاقة اقتصادية تعلي من شأن الوطن .