عاصم عبد المحسن الساحة المصرية تعج بضجيج قرع للاجراس. كل قارع يقول إنه ينبه الغافلين لخطر الذئب المتربص بهم. اختلاف النغمات يشتت انتباه المعرضين للخطر. لا العدو متفق عليه ولا أساليب الحيطة موحدة. المشهد عبثي. الاتفاق هو علي تشتيت الانتباه رغم اتحاد الزعم بتنبيه من غفل. أبرز الاجراس التي تتعالي نغماتها ثلاثة.. القائمة النهائية للمرشحين للرئاسة وتشكيل لجنة كتابة الدستور والعودة الي سؤال البدايات.. الدستور أولا أم الرئاسة أولا. منذ استفتاء مارس 2011 علي التعديلات الدستورية وثمة شعور متنام بالاستعلاء من قبل الاخوان بلغ ذروته بعد انتخابات مجلسي الشعب والشوري بأنهم قد حازوا الدنيا وما فيها وأن لا أحد يستطيع وقف زحفهم "المقدس" للسيطرة علي كل مفاصل الحياة في مصر تمهيدا لاعادة صياغتها من جديد. لكن أرجل الذين غرتهم أنفسهم وظنوا أنهم قادرون عليها ارتجفت وارتعدت فرائصهم عندما خرج لهم عمر سليمان من ظلال الصمت فإذا بهم يشككون في قدرة وأهلية الشعب الذي جاء بهم الي البرلمان وإذا بهم يتحدثون عن تزوير قادم لا ريب في انتخابات الرئاسة وهم الذين "شرعنوا" كل ما ارتكبوه من مخالفات في انتخابات الشعب والشوري. هم الان لا يرتضون الشعب حكما لان بروز شخص من العهد الماضي زلزل ثقتهم في أنفسهم وكشف لهم وإن كانوا يعرفون ولا يعترفون حجم قوتهم الحقيقي وأنهم أعجز من مواجهة أحد رجالات عهد ثار عليه الشعب واقتلعه. ولم تكن عودة سليمان - المرفوض هو وما يمثله- الي الاضواء مبررة من الهوي والغرض من قبل من أعطوه الضوء الاخضر. وكانت الرسالة الي الاخوان هي حجمكم معروف ولدينا "العو" القادر علي ارعابكم. أما الرسالة للشعب فكانت إما الامن أو الحرية. خيار تحدث عنه الرئيس الامريكي ينجامين فرانكلين في زمن مضي فقال "أولئك الذين يستبدلون الامن بالحرية لا يستحقون أيا منهما". لكن الخطر يكمن في أنصار حازم صلاح أبو اسماعيل الذي يرون كما ذكرت احدي صحف يوم أول أمس الثلاثاء عن مصدر منهم أنه "جزء من عقيدتهم" وأن استبعاده يدخل مصر في نفق خطير. كان احتشاد هؤلاء الانصار حول مجلس الدولة في الاسبوع الماضي وجو الارهاب الذي حاولوا ممارسته علي القضاة وهو نفس المشهد الذي تكرر حول مقر لجنة الانتخابات الرئاسية ربما تجسيدا لهذا التوحد بين الشخص والعقيدة. المرشحون الثلاثة المستبعدون حتي وقت كتابة هذا المقال رسائلهم واضحة.. الاخوان لا ثقة حقيقية في الشعب. سليمان استمرار الحكم العسكري القائم منذ 1952 ولا عزاء للشعب والسلفيون ما يقوله حازم هو الصدق ولا اعتبار لا للشعب ولا للقضاء. تأسيسية الدستور عادت الي نقطة الصفر لكن احتمالات التلاعب لا تزال واردة. مجلسا الشعب والشوري بأغلبية أحزابهما الدينية يمكن أن يأتيا بوجوه من خارج البرلمان لا تختلف في جوهرها عن تلك التي سبق اختيارها من داخل البرلمان. نقطة الحسم هي آلية التصويت علي اقرار مواد الدستور والتي يتعين الا تقل عن أغلبية الثلثين وقد تصل الي 75٪. لكن طارئا نسب الي المشير طنطاوي عن ضرورة الانتهاء من وضع الدستور قبل انتخابات الرئاسة يمكن أن يقلب الطاولة. المشكل الان هو إما أن يتم "سلق" الدستور خلال أقل من شهرين وإما ارجاء الانتخابات الرئاسية وتمديد الفترة الانتقالية الي ما بعد 30 يونيو. بحت الاصوات منذ مارس 2011 بأن يكون الدستور اولا لكن دون جدوي. الان الاجراس تدق ليس للشعب ولكن لغاية في نفس كل يعقوب.